رئيس التحرير
عصام كامل

رسالة سعودية لإثيوبيا


إذا كان البيان المشترك الذي صدر في نهاية الزيارة التي قام بها ولي العهد السعودي لمصر يستحق الوقوف أمام ما تضمنه من مواقف مشتركة بخصوص عدد من القضايا، فإن خاتمة هذا البيان تستحق وقفة أطول وأعمق.. فقد جاء فيها نصًا: (إن الجانب السعودي يعرب عن تقديره الكامل لحقوق واستخدامات مصر من مياه النيل باعتباره شريان الحياة للشعب المصري، مطالبًا جميع الدول بمراعاة ذلك وعدم تعريض الأمن المصري لأي مخاط).


فهذه أول مرة تعرب فيها الشقيقة السعودية وبهذه القوة تضامنها مع مصر في هذا الأمر ومساندتها للموقف المصري بخصوص حقوقها التاريخية في مياه نهر النيل.. وهى بلا شك رسالة سعودية لإثيوبيا تحديدًا التي لم يحسم معها هي والسودان أمر سد النهضة فنيًا، خاصة أسلوب وطريقة تخزين المياه التي يحتاجها لتوليد الكهرباء بما لا يضر بمصر خلال سنوات التخزين، والتي يتعين أن يراعى فيها سنوات انخفاض الفيضان.

وتكمن أهمية هذه الرسالة السعودية لإثيوبيا أنها تأتي من شريك اقتصادي مهم لها تبغي الحفاظ عليه وليس بالطبع خسارته، خاصة أن هذا الشريك الاقتصادي المهم سوف يشاركه في موقفه هذا بالنسبة لمصر كل دول الخليج باستثناء قطر بالطبع، وفى المقدمة منهـا دولة الإمارات العربية التي تعد هي الأخرى بالنسبة لإثيوبيا شريكًا اقتصاديًا مهمًا أيضًا.

أما توقيت هذه الرسالة السعودية لإثيوبيا فهو مهم أيضًا، خاصة بعد أن تأجلت بسبب الظروف الخاصة التي تمر بها إثيوبيا، وأدت إلى استقالة رئيس الوزراء الإثيوبي، وتأجيل المحادثات التي كان مقررًا أن تتم بين وزراء الري والخارجية ورؤساء أجهزة المخابرات في كل من مصر والسودان وإثيوبيا لإنهاء كل الأمور العالقة محل الخلاف في غضون شهر واحد.

أما بالنسبة لنا في مصر فإن هذا الموقف السعودي الذي يتم إعلانه لأول مرة في بيان رسمي فهو بمثابة رسالة طمأنة لعموم المصريين الذين كانوا يتابعون منذ فترة ليست بالقصيرة أنباء ومعلومات تعاون اقتصادي سعودي وإماراته مع إثيوبيا، خاصة فيما يتعلق بزراعة مساحات من أراضيها.. فهذا لم يمنع الجانب السعودي من تأييد مصر بقوة في موقفها تجاه الحفاظ على حقوقها التاريخية في مياه نهر النيل، باعتباره شريان الحياة بالنسبة للشعب المصري، مع التسليم بأن النيل شريان التنمية لبقية دول حوض النهر، خاصة إثيوبيا التي يأتينا منها أكثر من ثلثي حصتنا التاريخية من مياه النيل.

وبالطبع سوف يكون لهذا الموقف السعودي بصفة خاصة تأثيره الإيجابي بالنسبة لنا على مشكلة سد النهضة، حتى لا تطول هذه المشكلة أو نستهلك مزيدًا من الوقت دون التوصل بين الدول الثلات، "مصر والسودان وإثيوبيا"، لحل لها يحافظ على شريان الحياة لنا ويضمن لإثيوبيا والسودان الفرصة لتحقيق ما تنشده كل منها في التنمية.
الجريدة الرسمية