رئيس التحرير
عصام كامل

ثورة في مشروعات الطاقة بعد زيارة «بن سلمان».. ضخ استثمارات ٩٥٠ مليون دولار للتنقيب للمشترك عن البترول في البحر الأحمر.. كيان استشاري مشترك لتبادل خبرات البحث والتنقيب

الأمير محمد بن سلمان
الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود

>> "أرامكو" تجدد اتفاق توريد ٥٠٠ ألف برميل خام لمعامل التكرير شهريًّا لمدة 5 سنوات
>> اتفاق لإقامة محطات طاقة شمسية باستثمارات ١٩٠ مليون دولار



شهدت العلاقات المصرية- السعودية تطورًا كبيرًا خلال الفترة الماضية، وفي إطار تلك العلاقات الوثيقة قام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بزيارة رسمية، للقاهرة، للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي وبعض المسئولين لبحث عدد من الملفات المهمة.

ولأن السعودية تعد مستثمرًا رئيسيًّا في قطاع الطاقة بمصر، فإنه من المتوقع أن تكون الزيارة التي استغرقت 3 أيام إيجابية من جميع النواحى وتحمل كثيرا من المفاجآت، حيث توقعت مصادر أن تثمر الزيارة عن تعاون وثيق بين شركات التنقيب السعودية والمصرية لاستغلال مناطق البحر الأحمر في البحث والتنقيب عن الغاز، بعد أن تم ترسيم الحدود بين الدولتين، والجديد هنا أنه سيتم ضخ استثمارات مشتركة بين مصر والسعودية قيمتها ٩٥٠ مليون دولار، كمرحلة أولية، للقيام بدراسات أولية ومسح سيزمي في منطقة البحر الأحمر للبحث عن الغاز.

وستتولى شركة "جنوب الوادي للبترول" هذه المهمة على حدودنا الساحلية في مياه البحر الأحمر، وستقوم وزارة البترول بطرح مناقصات للتنقيب عن البترول على حدودنا في مياه البحر الأحمر من أجل إتاحة الفرصة أمام الشركات الأجنبية للتنقيب، ووفقا لمصادر خاصة بوزارة البترول فإن من المتوقع الإعلان عن اكتشافات ضخمة تقارب احتياطيات البحر المتوسط.

وجرى اتفاق بين مصر وشركة "أرامكو" السعودية على توريد 500 ألف برميل شهريا من النفط إلى مصر، وذلك لمدة ٥ سنوات لتكريره في معامل التكرير المصرية، وذلك من أجل تحويله إلى مشتقات بنزين وسولار لسد احتياجات السوق المحلية، وسيتم الإعلان في القريب العاجل عن إنشاء مشروعات مشتركة بين مصر والسعودية، تتضمن نقل وتداول المنتجات البترولية بين دول الغرب والخليج عبر وسيط مصري، وسيتم التباحث في إنشاء خطوط نقل مواد بترولية تربط بين مصر والسعودية والكويت.. وتبرز اهميتها في أنها ستجعل هذه الدول محورًا استراتيجيًّا ومركزًا إقليميًّا للطاقة في منطقة الشرق الأوسط.

والجديد في الأمر أن الجانب السعودي سيناقش مع نظيره المصري سبل إنشاء كيان استشاري في مجالات البحث والتنقيب، لاسيما أنه سيكون هناك لأول مرة استثمارات مشتركة مع السعودية في استخراج البترول في مياه البحر الأحمر، ويهدف الكيان الاستشاري إلى الاستفادة من خبرات الشركات الأجنبية العاملة في مجال التنقيب عن النفط بهدف التحديث والتطوير، كما سيتم فتح باب تبادل الخبرات بين الجانبين المصري والسعودي في هذه المجالات.

وفي مجال الكهرباء، ستنفذ شركة «أكوا باور» السعودية والشركة المصرية لنقل الكهرباء المصرية اتفاقية شراء طاقة مع الحكومة المصرية، لتطوير وبناء وتشغيل 3 محطات طاقة شمسية كهروضوئية بمنطقة «بنبان»، شمال مدينة أسوان، وذلك ضمن المرحلة الثانية لبرنامج تعريفة التغذية.

وستبلغ القدرات الإنتاجية للمحطات الثلاث 70 و67.5 و28 ميجاوات، وبإجمالي تكلفة استثمارية يصل إلى 190 مليون دولار، ومن المتوقع الانتهاء من الإغلاق المالي والبدء في تنفيذ المشروع بحلول الربع الأخير من العام الجاري، وستساهم المحطات الثلاث في توفير الطاقة الكهربائية لنحو 80 ألف منزل، وتقليل الانبعاثات الكربونية بمعدل 156 ألف طن سنويًّا، وذلك عند الانتهاء من أعمال البناء، ويقوم الجانب السعودى حاليًا بتحليل وتقييم بعض الجوانب الخاصة بمشروع الربط الكهربائى مع مصر، والذي تبلغ قدرته الإجمالية 3 آلاف ميجاوات، ويتم تشغيل خطوط الربط الكهربائي بين مصر والمملكة العربية السعودية مطلع عام 2021 بقدرة 3 آلاف ميجاوات، كما أنه لا توجد أي نية لتأجيل موعد تشغيل الخطوط.

أيضًا فإنه سيجري حاليا إنشاء محطة تحويلات الخطوط الهوائية والأرضية مع السعودية بأحدث نظام في مصر والعالم العربي " DC التيار المستمر"، والذي يعتبر الأعلى كفاءة، عن محطات التحويلات القديمة التي تعمل بنظام " AC التيار المتردد"، ويهدف مشروع الربط الكهربائي مع السعودية بقدرة 3 آلاف ميجاوات، لأن تكون مصر محورًا أساسيًّا في الربط الكهربائى العربى الذي يتضمن إنشاء بنية أساسية لتجارة الكهرباء بين الدول العربية تمهيدًا لإنشاء سوق مشتركة للكهرباء.

وتبلغ نسبة العائد من الاستثمار في الربط مع السعودية أكثر من (13%) عند استخدام الرابط فقط للمشاركة في احتياطي توليد الكهرباء للبلدين مع مدة استرداد للتكاليف قدرها 8 سنوات، ويبلغ معدل العائد من الاستثمار نحو (20%) عند استخدام الخط الرابط للمشاركة في احتياطي التوليد ولتبادل الطاقة بين البلدين في فترات الذروة لكل بلد بحد أعلى (3000) ميجاوات، إضافة إلى استخداماته الأخرى للتبادل التجارى للكهرباء، خاصة في الشتاء الذي سيتيح للمملكة تصدير الكهرباء الفائضة في منظومتها إلى مصر، وسيتم التباحث مع الجانب السعودي حول استكمال الدراسات الخاصة بالتمويل لإنشاء محطة تعمل بالفحم لإنتاج نحو ٦ آلاف ميجاوات في منطقة "الحمراوين" بالقصير على البحر الأحمر.

من جانبه.. قال المهندس علي عيسى رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، عضو مجلس الأعمال المصري السعودي، أن زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي لمصر هي بلورة لسياسات الرئيس السيسي والملك سلمان بن عبد العزيز طوال السنوات الماضية كما أنها امتداد للعلاقات التاريخية بين البلدين على مدار العقود الماضية التي شهدت ازدهارا في العلاقات بين البلدين الشقيقين باستثناء جزء من فترة حكم الرئيس جمال عبدالناصر التي شهدت توترا وفتورا في العلاقات.

وأضاف أن مصر والسعودية هما الركيزة الأساسية والضمانة لاستقرار المنطقة العربية والشرق الأوسط فبدونهما لن تبقى دول الشرق الأوسط في ظل التغيرات السياسية العالمية مؤكدا أن مصر والسعودية يتمتعان بثقل سياسي يحقق التوازن في المنطقة والعالم.

وحول مستقبل العلاقات الاقتصادية بين البلدين أوضح "عيسى" أن زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي تأكيد وبلورة لما تم الاتفاق عليه من مذكرات تفاهم واتفاقيات موقعة بين البلدين أثناء زيارة خادم الحرمين الملك سلمان لمصر العام الماضى لافتا إلى أنه تم التوقيع على العديد من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية من بينها الجسر البري الذي سيرفع التبادل التجاري بين البلدين، وسيشكل منفذا دوليا للمشاريع الواعدة بين البلدين، ويربط بين شبه جزيرة سيناء وشمال غرب المملكة، بطول من 7- 10 كيلومترات فوق الماء، ويتضمن الجسر خط سكك حديدية لقطار شحن، ويوفر البضائع الخليجية والأوروبية أيا ما كانت تستغرقها للوصول إلى مصر ومنها إلى الدول الأوروبية وهو ما يعمل ويزيد حجم التبادل التجارى بين الدولتين الشقيقتين.

وأضاف أن السعودية هي الشريك التجارى الأول لمصر ومن المتوقع أن يصل عائد التجارة بعد إنشاء الجسر البرى بين البلدين إلى 200 مليار دولار سنويا، مشيرا إلى أن الجسر سيكون أول رابط بين غرب آسيا وأفريقيا، مشيرا إلى أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ولقاءه بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي شهدت توقيع 15 اتفاقية بين البلدين، من بينها الاتفاق على البدء في إجراءات تأسيس صندوق مصري سعودي للاستثمار برأس مال قدره 60 مليار ريـال سعودي ومن المؤكد أن زيارة ولى العهد ستشهد تأكيدا على هذا الصندوق لصالح البلدين.

وحول مزايا الاستثمار في سيناء ودعوة الرئيس السيسي للبدء في تنميتها، أكد رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين أن مشروع مدينة نيوم العملاقة سيصب في صالح الدول الثلاث مصر والسعودية والأردن وأما فيما يتعلق بمصر فان ذلك المشروع يسير بالتوازى مع دعوة الرئيس السيسي لتنمية سيناء حيث سيجذب ويستقطب المستثمرين العالميين إلى المنطقة وسيعمل على إشراكهم في تطويرها وتنميتها وبنائها، وهى أحد الدوافع والعوامل الرئيسية لنجاح هذا المشروع، حيث سيعتمد على تقنيات حديثة ومستقبلية لتطوير المنطقة وهو ما يحقق طفرة كبيرة في المستقبل القريب، لذلك فإن زيارة ولى العهد السعودى لمصر في هذه الفترة والمرحلة الدقيقة في تاريخ البلدين الشقيقين، وتعد علامة فارقة في مستقبل العلاقات السياسية والاقتصادية لمصر.


"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية