رئيس التحرير
عصام كامل

الجدل الدائر.. وحرية الإعلام!


وسائل الإعلام أداة من الأدوات الأيديولوجية والقوة الناعمة للدولة، ووسائل الإعلام بتعددها وتنوعها تساعد على بناء الصورة الذهنية والتأثير في عقول المشاهدين، بل إن المعظم يأخذ منها معلوماته بعد انحسار أهمية القراءة، لذلك فهي تعمل على تشكيل الرأي العام والتأثير في عقول المتلقين وتحديد اتجاهاتهم وأولوياتهم سواء كان إراديا أو لا إراديا.. وحول الجدل الدائر بشأن تناول أمور خاصة بضباط الشرطة في برنامج تليفزيوني -بما يشبه السم في العسل- هناك عدة ملاحظات نوجزها فيما يلي:


الادعاء بكشف نواحي الحياة الخاصة لضباط الشرطة وأسرهم بشكل مخزٍ كالذي تم عرضه وبهذه الصورة، ينطوي بما لا يدع مجالا للشك على إساءة بل إساءة بالغة لكل من ينتمي لهذا الجهاز وبشكل يفقد هيبتهم تجاه المجتمع الذي يتعاملون معه.

الإساءة النفسية لضباط الشرطة على الجبهة في سيناء والذين يزاولون عملهم في أي مكان وجعلهم يشعرون أن الدولة لا تقدر عملهم ويشعرهم بتثبيط الهمة والإحباط.

الإساءة لوزارة الداخلية ولأجهزتها والتشكيك في قيامها بدورها المنوط به تجاه الضباط أعضائها.. التعدي على وزارة الداخلية كجهة سيادية وعرض وثيقة خاصة بها دون إذن منها.

ما سبق ليس حرية إعلام وإنما تأجيج لمشاعر الضباط وأسرهم وإثارة غير مبررة للاستياء العام.. ما تم عرضه لا يطلق عليه إعلام وإنما تشهير غير مبرر بأحد الأجهزة الحساسة بالدولة وأعضائها وفي وقت بالغ الحساسية والتعقيد.

كما يتنافي ما تم عرضه مع قيمة وأهمية المرأة المصرية ودورها الحيوي في بناء النشء ومساندة الأسرة بكاملها، وهو الدور الذي ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي عليه الضوء وأكد مرارا وتكرارا أهميته وضرورته ووجه لها النداء في أصعب المواقف ثقة منه في استجابتها الحكيمة.. كما يتنافى أيضا مع تحذير الرئيس كثيرا من التعرض أو الإساءة للجيش أو الشرطة وهم صمام أمان الدولة المصرية، وأن ذلك يعد من الخيانة العظمي.

هل هناك نقص في الموضوعات العامة المهمة التي تخدم الوطن ومواطنيه لذلك يتم طرح مثل هذه الموضوعات الحساسة من أجل تحقيق سبق إعلامي أو مجد شخصي أو أهداف أخرى، وعلى شاشة التليفزيون الرسمي للدولة بعد تطويره!

رجاء الإدراك أن الدولة في حالة حرب، وليست حربًا عادية، وإنما حرب وجود، وعدوها غير معروف وغير واضح، وأن الكلمة مسئولية والإعلام مسئولية، واختيار التوقيت المناسب مسئولية، خاصة وقد أصبح الإعلام أداة من أدوات الجيل الرابع للحروب يستخدم ضد الدول الوطنية.

وفي عصر زاد عدد وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، يجب التدقيق في اختيار من يعمل فيها، وضرورة تلقيهم دورات تأهيل في شتى النواحي ولا سيما الأمن القومي بل أيضا متابعة المحتوى الذي يقدم والرسالة التي ينبغي توجيهها خاصة في أوقات الأزمات والحروب، ولا شك أن اللجنة الوطنية للإعلام لديها مسئوليات كبيرة في هذا الشأن.

وبصفة عامة، أعتقد أنه لا يمكن الدفع بأنها حرية إعلام أو حرية تعبير لأن هذه الحرية في مضمونها هي تعبير عما يخدم الصالح العام.. بل إن من أولوياتها الحفاظ على استقرار كيان الوطن وترسيخ الانتماء المجتمعي وترابط أوصاله وليس العكس؛ لأن كل ما خرج عن ذلك، واستهدف تأليب المجتمع سواء بشكل مباشر أو غير مباشر يعد خروجا على حرية التعبير وخروجا على المهنية والإعلام.

وأقل ما يمكن تقديمه لضباط الشرطة أو الجيش هو التقدير والاعتزاز بهم وبكل ما يقدمونه خدمة وحماية لهذا الوطن...
الجريدة الرسمية