رئيس التحرير
عصام كامل

«سلم نفسك».. للرئيس!


كثيرون قد لا يصدقون أن قصة "أرض النفاق" للأديب الكبير يوسف السباعي التي حولها سعد الدين وهبة إلى فيلم عام 1968 كتبها السباعي عام 1949.. إلا أحدًا لن يشعر بالزمن.. البشر تغيروا وحل جيل محل آخر.. والمشكلات الاجتماعية واحدة!


وكما فعل نجيب محفوظ في الأربعينيات عندما كتب القاهرة 30 وبداية ونهاية في عامي 45 و49، على التوالي لتعرية المجتمع وقتها وما يعج به من تفسخ وسقوط أخلاقي مريع.. يعيد خالد جلال الكرة للمرة الثالثة مع جيل آخر.. وبنص جديد ومسرحي هذه المرة من خلال مسرحية "سلم نفسك".. وفي قالب كوميدي ساخر تكاد تقترب من الكوميديا السوداء.. ليفتح بها ملفات شائكة وأمراض اجتماعية بعضها جديد قديم وبعضها جديد خالص نعرفه لأول مرة.. منها ما هو بحكم التكنولوجيا وثورة الاتصال مثل إدمان شبكات التواصل وطغيانه على التماسك الاجتماعي.. ومنه ما يحدث بحكم تراجع قيم العمل والإنتاج كالاستهلاك غير الرشيد.. ثم مشكلات انتشار الشائعات والإرهاب وادعاء المعرفة وغيرها وغيرها!

ربما لا نعرف أسماء أبطال العمل.. لكن حتمًا سنعرفهم ممن سبقوهم وقدمهم جلال لفن التمثيل فصاروا نجومًا على المسرح وعلى شاشتي السينما والتليفزيون.. فهذه المواهب الفذة التي قدمت العرض كأروع ما يكون لا يبقى لها إلا أن تتلقفها الفرص في كل مكان.. لكن يظل عملهم المتميز علامة بارزة على طريقهم وفي طريق خالد جلال الذي يصر أن يترك علاماته مع كل عمل.. وفي كل عمل!

الفكرة الخيالية من ظهور كائن بشري في بلد متقدم جدًا والخوف من انتقال أمراضه إلى أهل البلد يحتجزونه ويعزلونه ويفرضون الطوارئ بسببه حتى فحصه فحصًا دقيقًا.. ليتم اكتشاف كل الأمراض الاجتاعية السابقة في دوائر المخ.. ومن أجهزة الفحص إلى خشبة المسرح لنشاهد مزيجًا من السخرية والجدية.. ومن الغناء والتمثيل ومن البساطة والتبسيط ومن الإخلاص والخيانة.. ومن الفوضى والانضباط حتى يمكن لكل المستويات وكل الأعمار أن تفهم العمل وتستمتع به على السواء!

كان العمل إهداء للرئيس بمناسبة حضوره للعرض.. والذي اعتبره خالد جلال تكريم لأصحابه.. إلا أن الرئيس يرد التحية بأفضل منها.. ويضم جميع أبطال العرض إلى قسم الإبداع الفني بأكاديمية الشباب وبغير التقيد بشروط الانضمام ولا اختباراته ولا إجراءاته.. فقد قدموا مؤهلات مرورهم من كل ذلك على خشبة المسرح وعلى الهواء مباشرة!

في مصر الآن ورغم أي مشاغل ومسئوليات.. سلم نفسك للرئيس -أو من ينوبه- بإبداعك وبمؤهلاتك.. الموضوعية بطبيعة الحال.. والتي وصف الرئيس أصحابها في الحفل بالأمناء المخلصين الموهوبين.. واترك الأمر لله ثم للرئيس.. وسترى خيرًا كما رأى خالد جلال وكتيبته المبدعة المخلصة الموهوبة المؤتمنة على مستقبل الفن في مصر!
الجريدة الرسمية