رئيس التحرير
عصام كامل

الحياة سيرك.. مدرسة «شمسي» المغربية بين الفن والعلم (فيديو وصور)

فيتو

في حي شعبي بمدينة سلا المغربية، توجد مدرسة من نوع مختلف، تتنوع المواد التي تقدمها عن باقي المدارس بالوطن العربي بل العالم أجمع، هي مدرسة شمسي لفنون السيرك، ولا تقبل المدرسة بأي تلاميذ ولا بد أن يكون طلابها من غير القادرين، فهي مشروع تربوي لتقويم المشردين.


وفي أواخر التسعينيات من القرن الماضي، انطلقت "شمسي" كمشروع موجه للأطفال الذين لا يستطيعون الالتحاق بالمدرسة، تحت إشراف الجمعية المغربية لمساعدة الأطفال المشردين، واستمرت عشر سنين إلى أن أصبحت المدرسة الوطنية للسيرك "شمسي"، تحت إدارة "آلان لا يرون"، المدير السابق للمركز الثقافي الفرنسي في إحدى المدن المغربية.

وتحمل "شمسي" اسما يعود لثلاثة قرون مضت، وهو "القصبة الإسماعيلية" أو "قصبة كناوة"، لتمثل التقاء بالثقافة والفن نقطة مشتركة بين المدرسة والمكان التاريخي المقامة عليه.

وتعتمد المدرسة على فريق مكون من اختصاصيين اجتماعيين وأساتذة مغاربة وفرنسيين، يدربون ويشرفون سنويا على العشرات من الأطفال والشباب، الذين يواجهون ظروفًا صعبة تمنعهم من استكمال تعليمهم في مدارس عادية، كما يتلقى الطلاب فنون السيرك، والموسيقى، والرسم، ومهارات أخرى.

وبعيدا عن صورة السيرك التي ثبتت في الخيال الشعبي المغربي متمثلة في الألعاب البهلوانية والمغامرات الخطرة، تسعى المدرسة المغربية لتكوين طلبتها متابعين لأحدث فنون السيرك العالمي المعاصر، إذ يستمر التكوين الاحترافي طيلة ثلاث سنوات ينتهي بنيل دبلوم "فنان السيرك منشط ورشات" أو "فنان السيرك تشخيص".

وتخرجت أول دفعة عام 2012، ويتراوح سن طلابها من 15 حتى 25 عاما، تكفل "شمسي" بجميع مصاريف تلاميذها، وتوفر لهم أماكن للمبيت، لا سيما للقادمين من مدنٍ بعيدة، مثل مراد، ولاقت مدرسة السيرك إقبالا ونجاحا في صفوف الأطفال والشباب، اعتبارا من عام 2009، حين حصل المشروع النموذجي على رخصة من السلطات المغربية، لتصبح مدرسة (شمسي) الأولى من نوعها في المملكة، ومنذ ذلك التاريخ وفرت "شمسي" تحت خيمتها الكبيرة، تدريبا يمتد خمس سنوات، لتخريج عشرات الشباب البهلوانيين، بمعدل 15 شابة وشابا سنويا، لا تتجاوز أعمارهم 25 سنة ويُختارون من بين مئات المرشحين.

ويوجد بين أرجاء المدرسة الكثير من الأحلام المدعومة بالمهارات، بينهم راقصين وممثلين صامتين يمشون على الحبل أو يقومون بحركات بهلوانية ورغم ذلك إلا أن هناك العديد من التحديات التي تواجههم، ومنها اعتراض العديد من أسرهم على كونهم لاعبي سيرك، كما أن الثقافة المغربية لا تدعن تلك الوظائف، وبالتالي يسعى العديد منهم للالتحاق بفرق أجنبية، أو تلجأ إلى خدماتهم فرق مسرحية مغربية، أو لتصوير أفلام سينمائية، لكن فرص العمل تبقى محدودة.

كما تواجه المدرسة مصاعب كثيرة، ويقول مصطفى المشرف على التخرج في المدرسة "الناس لا يأخذوننا على محمل الجد، فهم ينظرون إلينا كمهرجين لا كفنانين، وهذه نظرة يجب أن تتغيّر". موضحا أن "المدرسة تساعدهم في كل شيء كما يحصلون على أجر حين يتم المشاركة في العروض التي تقام من وقت إلى آخر".

ولا تقتصر أهداف المدرسة على التعليم فحسب، بل باتت مصدر إلهام لعدد من الفنانين ممن يطمحون إلى رعاية طلبتها والاستعانة بمواهبهم ضمن أعمال فنية مسرحية واستعراضية، وهو تماما ما يقوم به عدد من المخرجين والممثلين المغاربة لإنتاج عروض تعبيرية تخلط بين السيرك والموسيقى والغناء.
الجريدة الرسمية