رئيس التحرير
عصام كامل

الإساءة للجيش قديمة!


يقول أحمد كامل أحد الضباط الأحرار، والذي تولى مسئولية ثلاث محافظات هي أسيوط والمنيا والإسكندرية وأمانة الشباب في عهد عبد الناصر ومسئولية جهاز المخابرات في بداية عهد السادات، عن ذكرياته في حرب فلسطين التي شارك فيها، وسجله في مذكراته التي نشرتها دار الهلال:


"الجيش المصرى قدم في هذه الحرب بطولات يعجز اللسان عن وصفها.. ليذكر إننا كنّا في الدفاع الجوى قد أحضرنا جهازى الرادار الوحيدين اللذين يمتلكهما الجيش المصرى من القاهرة، ورغم أن هذين الجهازين كانا قد تجاوزا عمرهما الافتراضي بكثير، فإنهما ظلا يعملان بكفاءة عالية طوال استمرار المعارك، وكان ذلك بفضل الصاغ إبراهيم حسن سليم (وزير الإنتاج الحربى بعد ذلك)، بل قمنا في بأول عملية استطلاع إلكتروني..

ولكن حين حملنا الخرائط إلى القيادة، كان الرد لا تتدخلوا فيما لا يعنيكم!.. ولكن كانت هذه هي أخف المفارقات تأثيرا على عملنا.. فقد حدث بعد ذلك ما لا يمكن تصديقه أصلا، فحين شاء الملك أن يذهب إلى الأوبرا، خشى القادة في القاهرة مع وجود أجهزة الرادار على الجبهة، أن يواجه ركب الملك بهجوم جوى دون أن يتوفر إنذار مبكّر، فكان القرار سحب أجهزة الرادار لتوفر للملك إنذارا مبكّرا في شوارع القاهرة وأثناء استمتاعه بمشاهدة الأوبرا.. ولأن عملية النقل تمت على عجل وبشكل مرتبك فقد كانت النتيجة سقوط أحد هذين الجهازين في النيل أثناء نقلهما إلى القاهرة".

يا الله.. إلى هذا الحد كانت الاستهانة بأرواح المقاتلين في جبهة القتال؟.. إلى هذا الحد كان الحفاظ على حياة الحاكم أهم من توفير الحماية لمقاتلي القوات المسلحة.. أو بالأصح تأمين استمتاع الحاكم أهم من حماية حياة الجنود والضباط على جبهة القتال.. إن ذلك هو ذروة الإساءة للجيش..

وحدث ذلك منذ نحو سبعة عقود مضت، وفى العصر الذي يتغنى به البعض منا.. وهكذا الإساءة للجيش المصرى قديمة.. لكنها الآن تستهدف التخلص من هذا الجيش حتى يسهل تقويض كيان دولتنا الوطنية.. وبالتالى هي ليست عفوية إنما هي عملية ممنهجة وتدار من الخارج، وإن كانت اجتذبت بعض الأغبياء والسذج.
الجريدة الرسمية