رئيس التحرير
عصام كامل

مركز النانوتكنولوجي بجامعة القاهرة يدرس أحدث علاج للسرطان

فيتو

عام انقضى على رحيل ملكة النانو الدكتورة منى محمد بكر، مدير مركز النانو تكنولوجي جامعة القاهرة بمقر الجامعة بالشيخ زايد، أستاذ بمعهد الليزر جامعة القاهرة، مؤسسة أول شركة في مصر والعالم العربى في مجال النانو تكنولوجي.


رحلت منى بكر عن عالمنا في هدوء يوم 4 مارس 2017 بعد إصابتها بمرض نادر عن طريق مهاجمة أجسام مضادة لكرات الدم الحمراء في الأوعية الدموية المغذية للأطراف، وتنشط في البرودة الشديدة، مما يسبب "غرغرينا" في الأطراف، خلال فترة مرضها ظلت تتحمل المرض وتراجع وتصحح أبحاث تلاميذها.

أبحاثها
تخرجت ملكة النانو في كلية علوم كيمياء جامعة أسيوط عام 1991، وكانت الأولى على دفعتها، وحصلت على دكتوراه الفلسفة في الكيمياء الفيزيائية من معهد جورجيا للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية تحت إشراف الدكتور مصطفى السيد، لمدة أربع سنوات ونصف السنة، وعملت على تطبيقات النانو تكنولوجي في الخلايا الشمسية، وتنقية المياه والتطبيقات الطبية الحيوية.

ونشرت منى بكر أكثر من 56 بحثا بالمجلات العلمية، وجاءت في التصنيف الدولي رقم 20 في مجال النانو تكنولوجي، وتم الاستشهاد بأبحاثها نحو 5969 مرة طبقًا لتصنيف "google "scholar"، بالرغم من رحيلها في مارس 2017، فقد تواصل عطائها ونٌشر باسمها أربعة أبحاث دولية كانت قد عملت عليها قبل رحيلها بالتعاون مع زملائها الباحثين منها دراسة بعنوان "Cyto-toxicity، biocompatibility and cellular response of carbon dots–plasmonic based nano-hybrids for bioimaging" بدورية العلمية ذا رويال كمستيري "Royal Society of Chemistry".

تقول الدكتورة سعادة الفقي أستاذ بمعهد علوم الليزر جامعة القاهرة، زميلة الدكتورة مني بكر، إن الدكتورة مني صديقتها منذ نحو عشرين عامًا، وانها تعرفها منذ أن كانت طالبة دكتوراه بالولايات المتحدة الأمريكية.

تضيف سعادة، أن منى بكر دخلت المستشفى قبل عام تقريبا، وكانت قد تحسنت نسبيا "اعتقدنا أنها ستخرج من المستشفى قريبا لم نتوقع موتها"، موضحة أن منى ظلت تعمل حتى على سرير مرضها بالمستشفى بمراجعة الأبحاث وإرسال ملاحظات لطلابها.

وأوضحت، أن منى بكر كانت شعلة نشاط، فقد كانت تعمل بمعهد الليزر وبمركز النانو تكنولوجي جامعة القاهرة وبمركز النانو تكنولوجي بمدنية دريم بالإضافة إلى الإشراف على عشرات من طلاب الدراسات العليا بجامعة القاهرة وخارج الجامعة.

تكريم جامعة القاهرة
قررت جامعة القاهرة منحها درجة الأستاذية الفخرية كتكريم لها، كما قررت الجامعة تكريم الدكتورة منى بكر من خلال إنشاء كرسي في مجال علم النانو تكنولوجي باسمها، بالإضافة إلى إطلاق اسمها على أحد معامل المعهد القومي لعلوم الليزر.

وقال الدكتور طارق الوكيل عميد معهد علوم الليزر بجامعة القاهرة، إن المعهد كرم الدكتورة منى بكر وقد نظم في ديسمبر الماضي محاضرة علمية للدكتور مصطفى السيد أستاذها، كما أن إدارة الجامعة منحتها لقب أستاذ.

وأضاف الوكيل، أن المعهد قد نظم لها العام الماضي حفل تأبين، كما طبع كتاب عن سيرة حياتها وأعمالها.

من جانبه، قال فتحي عباس المتحدث باسم جامعة القاهرة، إن جامعة القاهرة تضم أساتذة وعلماء عظماء، ومن عادة الجامعة تنظيم حفل تأبين لعلمائها الراحلين، وقد نظم معهد الليزر احتفالية تأبين بالتعاون مع إدارة الجامعة.

فيتو داخل مركز النانوتكنولوجي
أصبح علم نانو تكنولوجي طليعة أسلحة العلماء لمواجهة الأمراض الخبيثة، ويرتكز النانو على دراسة وتطبيق أشياء صغيرة للغاية، بدأ علم النانو تكنولوجي مع عالم الفيزياء الأمريكي ريتشارد فاينمان في اجتماع الجمعية الفيزيائية الأمريكية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا 1959، ووصف فاينمان النانو تكنولوجي "بأنها ستكون قادرة على التلاعب والسيطرة على الذرات الفردية".

يملك المركز المصري لعلوم النانو بجامعة القاهرة أحدث الأجهزة، والذي كانت دكتورة منى بكر ترأس إدارته وهو عبارة عن ثلاثة معامل متخصصة في علوم النانو، وتبلغ تكلفة الأجهزة الموجودة فيه نحو مليار جنيه، حيث يضم المركز معامل للطاقة الشمسية "solar power"، بالإضافة إلى وجود أجهزة بالموجات فوق الصوتية لتحويل المعادن لتسلك سلوك السوائل، وأجهزة مبخرة تحول العناصر السائلة إلى غاز للاستفادة منها، وأجهزة مستشعرات حيوية "bio sensor" وأحدث أجهزة الليزر.

استخدام المعادن الرخيصة
ويقول الدكتور سامح الطاير أستاذ الجيولوجيا، إن الدكتورة مني بكر هي أستاذته، وقد انتدبته للعمل بمركز النانو المصري لتصنيع نانو رخيص الثمن باستخدام خامات مصرية، "الدكتورة مني هي التي انتدبتني للعمل بمركز النانو تكنولوجي لاستخدام المعادن المصرية".

وأضاف الطاير، أنه يعمل حاليا على مشروع بحثي لاستغلال صخور الماجنتيت أكسيد الحديد الأسود "BIF - banded iron formation" لصناعة خلايا النانو منها.

استخدام الطين المصري
ويضيف الدكتور سامح الطاير مشرف المركز النانو تكنولوجي بجامعة القاهرة، إن معمل النانو يعمل على عدد من المشروعات في مجالات الزراعة والصناعة وتنقية المياه، مضيفا أن المعمل يعمل على استخدام المعادن الرخيصة في تطبيقات النانو التي تختلف خصائصها الفيزيائية والكيميائية عند تحويلها إلى النانو.

أضاف الطاير، أن الأساتذة الباحثين بالمركز نشروا دراسة علمية بدورية" Journal of Nanotechnology and Allied Sciences"عن استخدام الطين المصري في شكل النانو بعنوان "Synthesis and Characterization of Bentonite Nanocomposites from Egyptian Bentonitic Clay".

أوضح الطاير، أنه شارك بهذا البحث عن استخدام هذه المعادن الرخيصة في تطبيقات الزراعة والصناعة وتنقية المياه بإزالة السموم، وقد شارك في هذا البحث الدكتور على عبد المطلب أستاذ جيولوجيا بكلية علوم جامعة القاهرة، والدكتور محمد مبروك أستاذ جيولوجيا بكلية علوم جامعة القاهرة، والدكتور خالد بن الوليد أستاذ بمركز النانوتكنولوجي بجامعة القاهرة.

مشروعات بحثية أخرى
ويعمل المركز على عدد من الأبحاث والمشروعات البحثية ومنها مشروع استخدام نانو ماجنتيت Magnetite في تنقية المياه وإزالة السموم والمعادن الثقيلة، وقد نجحت التجارب الأولية في إزالة 6 أنواع من البكتيريا من المياه، مضيفا أن المركز يعمل على استخدام النانو تكنولوجي طبيا.

وأوضح الطاير، أن المركز يتعاون مع الدكتورة وفاء الميتنوي بمعهد الأورام جامعة القاهرة لمعالجة السرطان باستخدام النانو الماجنتيت لأنه أرخص من الذهب ويمكن استخراجه من الجسم بواسطة المغناطيس، مضيفا أن التجارب الأولية أثبتت قدرة النانو على الهجوم على الخلايا السرطانية، كما أن العينات تضمنت حتى الآن الخلايا السرطانية، "لم نبدأ التجارب على الحيوانات حتى الآن".

وأكد الطاير أن المركز يعمل على مشروع ترميم الآثار باستخدم النانو تكنولوجي بالتعاون مع الدكتورة منال ماهر، مضيفا أنه يتوقع أن يصبح النانو تكنولوجي مستخدم في ترميم الآثار.

مشروع مني بكر

كانت الدكتورة مني بكر تعمل على مشروع الاستفادة من قش الأرز، يخبرنا سامح الطاير، أن المشروع كان عبارة عن استخدام مخلفات قش الأرز لاستخراج نانوسليولوز والنانو سيليكا.

وأضاف الطاير أن تكلفة المشروع بلغت 18 مليون جنيه، بالتعاون مع جامعة أسيوط وجامعة جنوب الوادي ومعهد بحوث البترول والمركز القومي للبحوث، وأن النانو سيليولوز سيستخدم في صناعة الورق، بينما يستخدم النانو سيليكا في صناعة العدسات الطبية.

احتياطات الأمن والسلامة
ويقول الدكتور سامح الطاير: إن المركز يراعي احتياطات الأمن في استخدام خلايا النانو والتعامل مع بعض المواد سامة، مشيرا إلى أن المعامل مجهزة بالإضافة إلى أن المعمل يخطط لاستخدام مواد طبيعية في خلايا النانو.

وأضاف الطاير أن المركز يطمح أن يتحول من وحدة ذات طابع ذاتي إلى مركز بحثي يقدم درجات وشهادات علمية بدون بروتوكولات تعاون مع أي جامعة أخرى.

اتفاقيات دولية
لم يقف دور مركز النانو تكنولوجي عند الجانب البحثي بل امتد إلى تنظيم ورش عمل لطلبة المدارس والباحثين، يخبرنا الطاير، أن عام 2016 كان عام الشباب لذلك نطمح لتعريف الشباب وطلاب المدارس عن علوم النانو وتطبيقاتها المختلفة، وننظم كل فترة دورية ورشة عمل.

وأضاف الطاير أن المركز وقع اتفاقية تعاون مع جامعة النيل لمنح ماجستير في النانو تكنولوجي، بالإضافة إلى توقيع المركز لاتفاقيات تعاون بحثي مع معهد الأورام ومعهد البحوث الزراعية، مضيفا أنه يوجد اتفاقيات دولية مشتركة مع جامعات في روسيا وإيطاليا وتبادل طلابي.

أوضح الطاير أن المركز يهدف أيضا إلى خدمة رجال الصناعة، وحل مشكلات المصانع بتوفير منتجات نانو رخيصة الثمن وموجودة بالبيئة المصرية.

ويقول الدكتور حسن حلمي أستاذ الجيولوجيا بكلية العلوم جامعة القاهرة، تعليقا على أبحاث الدكتور سامح، إن أي مادة يمكن تصنيعها على هيئة نانو تكنولوجي، حيث يجعل التصنيع على هيئة النانو المادة تختلف في خصائصها، مضيفا أن خلايا الذهب تستخدم في قتل السرطان لقدرة الذهب على قتل الخلايا السرطانية بعد تعريضه للحرارة، وأن الماجنتيت يملك نفس القدرة.

يذكر أن علم نانو تكنولوجي أحد العلوم متعددة التطبيقات في المجالات الطبية والحيوية، ويعتمد علم النانو تكنولوجي على تطبيقات متناهية الصغر وتستخدم تطبيقات النانو تكنولوجي في علاج السرطان والأمراض المستعصية.
“This article is part of the science journalism project “Scientific Storytelling” of the Goethe-Institut, the German Academic Exchange Service (DAAD) and the ONA Academy. The project is supported by the German Federal Foreign Office. More information can be found at https://www.goethe.de/transformation_arabic.”
الجريدة الرسمية