الأسطى «أم يوسف».. الرزق يحب الخفية.. من دورات المدارس لمكتبات «الأزبكية».. قوانين العمل العمياء دفعتها للبحث عن مصدر للعيش.. والحياة الكريمة لنجلتها حلمها في الحياة
«أنا متعلمة ومعايا بكالوريوس تجارة، هنعمل إيه هنسرق ولا نقعد من غير شغل، بنحاول نزود رزقنا بالحلال من غير ما أحتاج حاجة من حد، الحياة بقت غالية والمصاريف مبتخلصش»، عبارات بسيطة اختصرت بها هناء فتحى «أم يوسف»، سر قيادتها لسيارتها المحملة بمئات الكتب ورحلتها من وإلى سور الأزبكية.
تروى «أم يوسف» تفاصيل الرحلة، قائلة: نظرًا لمتطلبات الحياة التي لا تنتهي، وارتفاع الأسعار الذي يلتهم كل مصادر دخل زوجى الذي يعمل في صناعة وتشكيل الزجاج، لم أجد سوى السعى والبحث وراء ما أحبه وأجيده من مهن مختلفة، والبحث عن مصدر رزق لى ولأسرتى يكفينا حاجة سؤال الغير.
قوانين العمل العمياء
بعد بحث طويل، وتجارب عديدة خاضتها في مجالات العمل المختلفة، ومعاناة لم تتوقف مع «أصحاب لقمة العيش»، وقوانين أعمالهم العمياء، لم تجد «هناء» سوى الاتجاه نحو العمل الحر، فقامت بشراء سيارة «سوزوكي7 راكب» بالتقسيط، لتقودها وتستفيد من تعليم والدها لها في صباها فن القيادة، لتكون الداعم ويد العون التي تساعدها على قضاء حاجاتها، وأسرتها.
بحب السواقة
تتحدث هناء عن بدايتها مع مهنتها الجديدة قائلة: «أنا بحب السواقة من صغرى كانت مهنة أبويا بجانب تجارة الكتب، كان بيعلمنى وأنا صغيرة كنت بقوله على إن عمرى ما هسوق يعني، يقولى يابنتى اتعلمى كل حاجة وأى حاجة وأنتى صغيرة هتنفعك لما تكبري، وهتحتاجيها في يوم من الأيام».
وتضيف «أم يوسف»، أنها كانت في البداية تعتمد على دورات المدارس لأطفال سكان وأهل منطقتها بجسر السويس، طوال فترة الدراسة: «بدأت أعرف أهل المنطقة، وجيرانى إنى هعمل دورات للمدارس اللى بيروحوها أولادهم في الأول جزء ضعيف جدا اللى استأمنى على أولادهم كانوا قلقانين منى رغم أنى كنت جارتهم وعارفني».
وتابعت: «أما أولياء الأمور اللى كنت بعرض عليهم عند بوابات المدارس، كانوا بيقلقوا منى عشان أنا منتقبة، ومش عارفنى كويس، بعد فترة ولما شافونى بوصل أولاد ناس كتير.. بدءوا يستأمنونى على أطفالهم بالذات لما شافونى بعامل الأطفال زى ولادى وأكتر».
وتكمل قصتها: “بعد فترة بدأت أبحث مرة أخرى عن فرصة جديدة لاستغلال سيارتي، ولم أجد شيئًا أفضل من مشاركة عائلتى وأخى في مجالهم الذي امتهنوه من أجدادهم وآبائهم، وهو نشر وبيع الكتب.
وأوضحت هناء أن والدها يمتلك مكتبة بسور الأزبكية منذ 60 عاما، توارثها بعده إخوتها البنين، وقاموا بتطويرها وتوسيع فروعها في العتبة، والتي تقوم ببيع كتب التراث، والمشاركة من خلال دور نشر في معارض الكتب الدولية، كالشارقة وبيروت والمغرب، ليقتصر دورها معهم، باستغلال سيارتها في نقل الكتب، من وإلى الكثير من المكتبات التي يتعاملون معها: «الرزق بتاع ربنا إحنا بنطلع معارض كتير عشان الشغل في مصر دلوقتى وطلب الكتب قل عن الأول غير أيام معرض الكتاب بس».
وأضافت أن سعيها وعملها ليل نهار، إنما يأتى لتوفير مصاريف الدروس الخصوصية لابنتها «فاطمة»، التي تريدها أن تلتحق بإحدى كليات القمة.
"نقلا عن العدد الورقي.."