رئيس التحرير
عصام كامل

خفايا مرعبة في أزمة اليمن.. الباحث اليمني مطهر الريدي: قطر تدعم الحوثيين نكاية بالسعودية.. الإخوان يلعبون بجميع الأوراق.. عبد الملك الحوثي هرب إلى لبنان.. وهذه أدلة تورط توكل كرمان بقتل الشباب

فيتو

لم يعد اليمن سعيدًا كما كان يطلق عليه قبل عام 2011، بل أصبح منقسمًا شمالًا وجنوبًا، ويعاني من حروب واقتتال داخلي بين أبنائه تغذيها أطراف خارجية –إيران- بهدف تحويل الدولة إلى مستعمرة جديدة تابعة لدولة الملالي.

المفكر والمحلل السياسي اليمني «مطهر الريدي» كشف خلال ندوة بـ"فيتو" خبايا الحرب اليمنية والصراع الدولي للسيطرة على ثروات البلاد، كما تطرق للدور الذي تلعبه إيران وقطر في دعم الحوثيين لضمانة استمرار الفوضى.

انقسام
في بداية حديثه قال "الريدي" المحلل السياسي اليمني، إن اليمن ينقسم إلى قسمين، شمالي وجنوبي، بالنسبة للشمال مقسم إلى جزء يسيطر عليه الحوثي ابتداءً من تعز إلى شبوة إلى صعدة وصنعاء ومساحته وثرواته كبيرة، وسبب أهميته هي صنعاء لأنها مقر الرئاسة السابق وصناعة القرار السياسي، فإذا ملكت صنعاء ملكت اليمن، أما الجزء الآخر من المناطق الشمالية فتم تحريره من أيدي الحوثيين، ويسيطر عليه التحالف العربي ويضم جزءا كبيرا من محافظة الحديدة ومناطق بضواحي صنعاء وجزءا كبيرا من البيضاء ومحافظة إب وحجة.

وأضاف أن المناطق الجنوبية فتنقسم لثلاثة أقسام جزء يبتعد تماما عن الأزمة اليمنية وهي حضرموت، والتي قررت الانغلاق على نفسها وتنسحب عن كل ما يحدث في اليمن، وأصبحت تشبه جمهورية مستقلة وجزء تم تحريره ويضم عدن ولحج وأبين وهناك جزء يسيطر عليه الحوثيون مثل البيضاء وأجزاء من مأرب.

السواحل والممرات
وأضاف الباحث أن اليمن يتميز بموقع جغرافي فريد ذي أهمية إستراتيجية بالغة، فهو يطل على كل من البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب بسواحل يبلغ طولها أكثر من 2500 كلم، وتعد سواحله من أهم السواحل في المنطقة العربية؛ لأنه يستطيع التحكم بمضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب والمحيط الهندي، وبالتالي يتحكم بالتجارة بين الشرق والغرب، بالإضافة إلى أنه يمتلك أكثر من عشرة موانئ، وعددًا من الجزر المهمة مثل جزر سوقطرة وحنيش الصغرى والكبرى وكمران وعشرات الجزر الأخرى، بالإضافة لجزيرة ميون التي تقع في وسط مضيق باب المندب وتتحكم به، ولهذا تسعى دول عديدة لبسط نفوذها على اليمن.

وأشار إلى أن ما يزيد من أهمية السيطرة على اليمن أن هناك ارتباطا كبيرا بين مضيق هرمز ومضيق باب المندب وقناة السويس فهذه المضايق أو الممرات الثلاث تعتبر المعابر الرئيسية لـ 30 % من ناقلات البترول بين الخليج العربي وأوروبا وأمريكا، بالإضافة إلى أن معطم التجارة بين أوروبا وأستراليا وشرق وجنوب شرق آسيا تمر عبر مضيق باب المندب لذلك فإن من يتحكم بتلك المضايق الثلاثة يستطيع أن يتحكم أمنيا واقتصاديا بدول الجزيرة العربية والخليج العربي والدول المطلة على البحر الأحمر.

سلاح الحوثيين
وأضاف الباحث اليمنى، أن الحوثيين يحصلون على السلاح من عدة طرق مختلفة، أولها أن سيطرته على معسكرات كثيرة كان بها كمية هائلة من الأسلحة المتطورة، فهي تمثل ترسانة عسكرية متكاملة.

وثاني تلك الطرق تأتي عبر أيد خفية تدخل السلاح إلى اليمن عن طريق البحر والبر وتتلقى ضوءا من القوى الدولية، وتم اكتشاف أن بعض الأسلحة الحديثة المصنعة عام 2014 كانت في أيدي الحوثيين قبل وصولها لقوات الحكومة الشرعية وبالتالي فهناك مؤشر أن هناك دولا لها مصالح في إدخال السلاح إلى اليمن ووضعه بأيدي الميليشيات من أجل إطالة أمد الحرب في اليمن.

وعن سبب بطء التقدم لتحرير اليمن من الحوثيين، قال إن البيئة الجغرافية لليمن ليست سهلة نظرا لطبيعتها الجبلية ولذلك فإن تقدم قوات التحالف بطئ جدا ويحتاج تحرير المدينة الواحدة لأشهر عدة وربما سنة، لأن مداخل الجبال لا يعلمها إلا أصحابها، ولذلك فالحوثيون متقدمون على قوات التحالف في هذا الأمر.

وأكد أن مساعدات بالملايين وصلت للشعب اليمني، رغم أن عدده ليس ضخما، ولو وصلت كل تلك المساعدات لكانت المدن في وضع أفضل.

الإخوان
وقال مطهر، إن حزب الإصلاح –الذراع السياسية لجماعة الإخوان- قائم على المصلحة وقرر الابتعاد عن الحرب خوفا على مصالحه ومقتل أعضائه، موضحا أن الحزب تنصل من مسئوليته المجتمعية كما هي طبيعته على مر التاريخ، حتى وقت الرئيس السابق علي عبد الله صالح، عند ما قرر الإخوان التحالف معه من أجل مكاسب سياسية.

وأوضح المحلل السياسي ردا على سؤال: "ماذا لو أمسك حزب الإصلاح بزمام الأمور في اليمن؟"، أن حزب الإصلاح بكوادره وقياداته يختلف عن أي حزب بالمنطقة لأنه شرعي ومعترف به ويمارس عمله السياسي والتنظيمي والفكري مؤكدا أن الحزب لو أصبح هو المستفيد الأول والأخير مما يحدث باليمن واعتلى كرسي الحكم ستكون كارثة كبيرة، في الداخل والخارج، بالنسبة للداخلِ فالدولة ستضيع بين يديه، لأنه ليس مؤهلا لقيادة دولة وليدة، كما أن رؤيتهم الاستيعابية عن اليمن ليست كاملة وسيكونون حكومة كلها من الحزب ولن تضم كل الأطياف السياسية، وسيهددون العملية السياسية بالداخل وبالتالي سيضيع اليمن بين أيديهم.

وأضاف، على المستوى الخارجي فلن يكون لهم صديق سواء دول الجوار والدول المطلة على البحر الأحمر والتي تضم مصر وإثيوبيا.

وأكد أن إمساك الإصلاح بزمام الأمور سيمثل خطورة على مصر، حيث سيحابي دولا ذات مصالح مشتركة معه على البحر الأحمر في التعامل السياسي والاقتصادي وسيمثل حلفاء مع الكيان الإيراني والتركي.

حزب صالح
وعن حزب المؤتمر أوضح الريدي أنه من الأحزاب السياسية التي تعمل لمصلحتها الخاصة، وانتهت تلك المصالح بوفاة الرئيس السابق علي عبد الله صالح، مشيرا إلى أن الحزب قام على أساس المصلحة، فكان صالح كلما أراد شخص مصلحة ما ضمه للمؤتمر، ولم يقدم الحزب منذ نشأته خدمة لليمن إطلاقا، والدليل على ذلك الانقسامات التي شهدها بعد وفاة صالح وانشقاق قيادات عنه وانضمامها للحوثيين.

وردًا على سؤال عمن يدير جماعة الحوثي في البلاد، قال إن زعيم الجماعة عبدالملك الحوثى، غير متواجد بالدولة ويقيم في جنوب لبنان تحت حماية "حزب الله"، ومن يدير الأمور أخواته وأعمامه والمقربون العسكريون إليه بالإضافة إلى خبراء عسكريون من إيران.

الملف السياسي
وأشار إلى أن المشهد السياسي في اليمن غير واضح المعالم، موضحا أن من يحرك الأمور في اليمن هم الأطراف الخارجية وليس أصحاب الأرض، مشيرا إلى ضرورة تبنى المبادرات التي تطرحها مصر وسلطنة عمان.

وأضاف أن اليمن تحت خط النار والفقر والمجاعة وعدم الاستقرار وليس له مستقبل واضح يحدد ملامحه، داعيا إلى ضرورة تدخل الأطراف التي لها مصالح في الحل من أجل إنقاذ الوضع الكارثي بها.

قطر
أما بالنسبة للدور القطري، فقال إن الدوحة تدخلت في الشأن اليمني منذ بداية الوحدة اليمنية عام 2000 وكان لها دور كبير في حرب الانفصال وظهر دورها الحقيقي في عام 2011 في الثورة اليمنية ضد علي عبد الله صالح، كما شكلت مأوى وتواصلا وتسهيلات للحوثيين وفتحت قنوات اتصال بينهم وبين إيران.

وكان لقطر علاقات بالحوثيين منذ بداية ظهورهم وسعت لتدريبهم نكاية في الشقيقة الكبرى السعودية.

وأكد مظهر، أن الدوحة قدمت دعمًا خفيًا شهريًا من سفارتها بصنعاء بمبلغ 50 ألف دولار شهريًا منذ عام 2001 للمعهد الديني الشيعي التابع لحسين بدر الدين في صعدة، وفى عام 2003 زودت قطر الدعم الشهرى إلى 100 ألف دولار وكان يتم تسليمها لقيادي حوثى يدعى «يحيى قاسم عواضة».

وأضاف، أنه بعد ظهور حركة الحوثى وبعد الحرب ظهر موقف قطر رسميا لهدف تدويل قضية الحوثي وإبرازها، وقادت قطر في يونيو 2007 أول وساطة رسمية بين الدولة والمتمردين وهنا حققت قطر هدفها الإستراتيجي وجعلت من الحوثية حركة سياسية مشهورة دوليا، وحولتها من حركة محصورة في جبال صعدة إلى حركة سياسية إقليمية ونجحت قطر في وضع الحركة الحوثية في موقف الند للند مع الدولة من خلال المفاوضات.

وعملت قطر في عام 2007 و2008 على تسهيل ونقل عشرات الخبراء العسكريين من حزب الله إلى صعدة بأسماء مهندسين لحفر مياه جوفية يتبعون لشركة سورية، كانت مهام هؤلاء الخبراء تدريب كتائب المتمردين في صعدة وحفر الكهوف والطرقات، وقامت قطر بشراء معدات ثقيلة للحوثيين لشق الطرقات وحفر الكهوف والمخازن بتخطيط وإشراف خبراء حزب الله.

كما نسقت قطر أيضا مع المخابرات الإيرانية، في كل الجوانب لدعم الحركة الحوثية وقامت قطر وإيران بإدخال منظومة اتصالات عسكرية حديثة إلى صعدة ودرابيل ومعدات لتصنيع المتفجرات والألغام وصواريخ متوسطة وتطوير المقذوفات الصاروخية للمدفعية وفي عدة مجالات أخرى وذلك عبر شركة بارسيان الإيرانية التي عملت في اليمن منذ عام 2007 حتى 2009 في محطة تحويل الكهرباء.

توكل كرمان
وقد انساق بعض قيادات حزب الإصلاح وراء الأطماع القطرية وأبرزهم توكل كرمان، التي حصلت على جائزة نوبل للسلام عام 2011، موضحا أنه كان لها دور كبير في مساعدة قطر على بث الفرقة بين اليمنيين ونشر العداوة بينهم وبين دول الجوار وأبرزها مصر والسعودية، والدليل أن الحزب جمد عضويتها على خلفية نشرها عدة تغريدات وصفت بها التحالف العربي بـ"المحتل" والعدوان الغاشم، في الحرب الدائرة في البلاد.
وكشف أن قطر قامت بتجنيد كرمان من أجل تنفيذ أجندة نفذتها بالحرف وأوصلت الشباب للهلاك بسبب تصديقهم لها، ووقت ثورة 2011 كانت تزج بالشباب للخروج في مظاهرات خاصة بها وتحركهم لأماكن تعلم أنهم سيقتلون فيها بالرصاص الحى بهدف تسويق فكرة الثورة دوليا.

الدور الإيرانى
وعن الدور الإيراني في الأزمة، أكد أن اليمن يحظى بأهمبة كبرى لدى إيران وذلك لسببين أولهما، أيدولوجي بسبب وجود 20% من الشيعة بالدولة، وتسعى طهران ليكونوا الفرع اليمني لحزب الله من خلال الحوثيين، وثانيهما إستراتيجي بسبب الموقع الذي يحظى به اليمن على خليج عدن ومن الممكن أن يكون سوقا كبيرا لنقل البضائع الإيرانية للعالم.

كما أن الموقع الإستراتيجي لليمن وسيطرة الحوثيين على الحديدة ومضيق باب المندب سيجعل للجماعات الشيعية نفوذا على البحر الأحمر، ومن هنا ستسيطر طهران على مضيقين سيجعلها تتحكم في الشقين العسكري والسياسي لبعض الأزمات بالمنطقة.

وظهر الدور الإيراني جليا بعد ثورة 2011، حيث تمكنت من تقديم الحوثيين على أنهم فصيل سياسي يعمل على مواجهة قوات يمنية وعربية وإظهارهم كجزء من المجتمع المطالب بحقوق شرعية، وليسوا ميليشيا تنفذ الأجندة الإيرانية على أرض عربية، حتى أن الاجتماعات التي عقدت برعاية أممية لاحتواء الأزمة كانت بمشاركة الحوثيين كطرف يقف أمام الرئيس عبد ربه منصور هادي.

كما أن إيران تمد الحوثيين بكل ما يحتاجونه من أسلحة ومعدات من أجل استمرار الحرب، كما تعد تدريبات عسكرية لميليشيات الحوثي من خلال عناصر حزب الله الموجودة باليمن.
الجريدة الرسمية