د. نادية زخاري: من يدعي أن المصريين فئران تجارب بقانون الأبحاث السريرية «مش فاهم»
- مستحيل أن يجعل المصريين فئران تجارب ومن يقول لك لا يفهم القانون
- الأجانب يقولون «نحن فئران تجارب للمصريين ويأخذون الأدوية على الجاهز»
- لا يمكن إجبار المرضى على التطوع في الأبحاث ويمكنهم الانسحاب في أي وقت
- لا يوجد مقابل مادي في الأبحاث والمرضى يعالجون مجانا في البحث بأدوية باهظة الثمن
- تجريم إجراء أي تجربة سريرية على المرضى في المستشفيات الخاصة وحصرها بأماكن معتمدة فقط
- السجن والوقف عن العمل عقوبات في القانون الجديد للمخالفين
مقترح قانون الأبحاث السريرية الجديد المعروض حاليا على مجلس النواب، ومن المقرر أن تبدأ لجان الصحة والبحث العلمى مناقشته خلال الأيام المقبلة، المشروع أثار الكثير من الجدل منذ البدء في تفكير وضع قانون لتنظيم عملية التجارب السريرية على البشر منذ تشكيل لجان وضع القانون في 2012 بحسب الدكتورة نادية زخاري وزيرة البحث العلمي الأسبق وعضو لجنة إعداد قانون التجارب السريرية.
وفي واقعة ذكرها وزير الصحة الدكتور أحمد عماد تحتم ضرورة تطبيق القانون باكتشافه بعد توليه وزارة الصحة قيام أحد الأطباء بإجراء تجارب على مرضى فيروس سي بشكل غير سوى في مستشفى القاهرة الفاطمية، وقام وزير الصحة حينها بطرد الطبيب، لافتا إلى أنه وقف مكتوب اليد نظرا لعدم وجود قانون لمعاقبة الطبيب.
مفهوم قانون الأبحاث السريرية وأهم بنوده وحقيقة جعله للمصريين فئران تجارب والهجوم الشديد على القانون كشفت عنه الدكتورة نادية زخاري الأستاذ بالمعهد القومي للأورام ووزيرة البحث العلمي الأسبق في حوار لــ"فيتو" وإلى نص الحوار:
* بداية ما مفهوم قانون الأبحاث السريرية؟
أي إجراء طبي أو دواء جديد يجب تجربته على البشر والمرضى للتأكد من أمانه عليهم وفاعليته لذا وجب علينا أن يوجد قانون لتنظيم عملية التجارب على الإنسان خدمة للبشرية ومساعدة في ظهور أدوية جديدة لعلاج أمراض لم يكن لها علاجات من قبل تفيد عدد أكبر من المواطنين وكل ذلك وفقا لقواعد علمية متفق عليها عالميا.
* ما مراحل اختراع الدواء؟
مرحلة اختراع أي دواء جديد تبدأ بفكرة لدى الباحث يبدأ في تنفيذها فعلى سبيل المثال يتخيل وجود 100 مركب يمكنها علاج مرض معين في علاج الأورام السرطانية لأنها أغلى أنواع الأدوية والأبحاث بها متعددة، ويبدأ الباحث دراسة 100 مركب على خلايا سرطانية مزروعة في المعمل في وسط صناعي مطابق لجسم الإنسان بعيدا عن حيوانات التجارب والإنسان ويجرب تلك المواد ومن 100 مركب يظهر نحو 6 مركبات تموت الخلية السرطانية إلا أنه ليس معنى ذلك أنها أصبحت علاجا للأورام السرطانية ويخرج الباحث للحديث في الإعلام أنه ابتكر دواء جديدا يموت الأورام ويجب دخول البحث مرحلة التجارب على الحيوانات وهي لها شروط يليها التجارب السريرية على البشر.
* وهل يوجد شروط للتجارب على الحيوانات؟
بالتأكيد وقدمنا مقترحا لقانون لاستخدام التجارب على الحيوان في البحث العلمي لذا لزم علينا وجود قانون لحماية البشر أضعاف المرات، حيث يتم دراسة أمان المركب وتأثيره على الأجنة وإذا كان فعلا يقتل الأورام السرطانية وإذا كان أفضل من الأدوية المتوفرة في السوق أم لا، ومن تلك المركبات يحصل الباحث على مركب محدد بعد دراسته على حيوانات صغيرة الحجم يدرس على حيوانات كبيرة الحجم خاصة أن الحيوانات الكبيرة قريبة من فسيولوجيا جسم الإنسان للتأكد أنه أمن وفعال ولا يؤثر على الأجنة.
* وماذا بعد خطوة التأكد من أمانه على الحيوان؟
يرسل الباحث الدراسة إلى النشر العلمى في FDA هيئة الدواء في أمريكا وليس لدينا في مصر مثلها لذا تم تشكيل لجنة علمية لمراجعة الأبحاث العلمية وخطواتها المنضبطة لكى توافق اللجنة على بدء البحث على الإنسان والدخول في التجارب السريرية خاصة أنه ليس شرطا أن يكون العقار آمنا على الحيوان أن يكون آمنا على الإنسان وفسيولوجيا الجسمين مختلفة.
* وما الهدف من القانون؟
يهدف القانون إلى حماية الإنسان من التجربة عليه بدون المرور بالأربع مراحل الخاصة بالبحث السريري، خاصة أن التجربة على الإنسان دون التجربة على حيوان أو دون نشرها علميا تعد جريمة كبرى وطالما لا يوجد قانون لا توجد محاسبة أو عقاب، ويتم دراسة البحث من عدة لجان لتؤكد إمكانية الانتقال إلى الإنسان.
* وما مراحل التجارب السريرية؟
التجارب السريرية تكون بالتدريج على البشر على عدد صغير في المرحلة الأولى من 10 إلى 20 متبرعا صحيحا ولديه صحة جيدة دون وجود أي أمراض لديه بعد الاطمئنان على أنها آمنة على الحيوان ويوافق على الدخول في البحث نوع من الخدمة بشرية متطوعا، ولا تبدأ المرحلة الأولى إلا على شخصين يليهما شخصان ولو حدث مشكلة يتم وقف البحث لا يمكن إجبار المشترك، ويوقع المتطوع على ما يسمى بالموافقة المستنيرة من الطبيب على البحث تضم كل ما يتعلق بالبحث وأهدافه وحقوق المتطوع بأنه يمكنه الانسحاب في أي وقت دون إجبار.
* وهل يمكن وفقا للقانون أن يأتى الأجانب لإجراء التجارب في مصر؟
لا ينص على ذلك ولا تتم المرحلة الأولى من التجارب الإكلينيكية إلا في بلد المنشأ أي أن مكتشف ومخترع الدواء مصري ولا يمكن أي عالم غير مصري اخترع دواء ودرسه على الحيوانات أن يجربه على إنسان في مصر ولكن عليه أن يجري المرحلتين الأولى والثانية في بلده ثم يمكنه إجراء المرحلة الثالثة في مصر في حالة توفير العلاج للمصريين لاختبار العلاج على المرضى في مصر وحينها يكون العلاج تأكد من أمانه وفاعليته.
* وماذا بعد المرحلة الثانية؟
تجري المرحلة الثالثة على عدد أكبر من المرضى بغرض الدراسة حاصلين على موافقة مستنيرة بعد موافقة اللجنة على نقل البحث إلى مرحلة أخرى بعد نجاح المرحلة الثانية والتأكد من أن كان الدواء يعالج المرضى أم لا، ويتم دراسة الجرعة المناسبة للمريض أو الشكل الصيدلي الذي سيكون عليه الدواء (أقراص أو حقن).
وخلال المرحلة الثانية يكون العلاج آمنا وينتقل لعدد أكبر لا نهاية له بينما تأتى المرحلة الرابعة للتجارب الإكلينيكية مع نزول الدواء في السوق وبعد تسويقه لأن طول مدة العلاج تظهر آثارا جانبية لم تكن مكتشفة من قبل وعلى مستوى العالم نجد شركات أدوية تسحب منتجاتها من السوق نظرا لاكتشافها آثارا جانبية لها أو أضرارا ظهرت مع الاستخدام، وفي كل مرحلة المريض له مطلق الحرية في استكمال البحث أو الاعتماد على الدواء القديم الذي يستخدمه، فضلا عن ضرورة أن يكون الطبيب أستاذا مسئولا لديه خبرة كافية ومسئول عن فريق عمله بالإضافة إلى إجراء الأبحاث في مستشفيات كبرى معتمدة ولا يمكن إجراء التجارب في أماكن خاصة سواء مراكز طبية أو مستشفيات خاصة.
* وهل يمكن لصغار الباحثين إجراء الأبحاث السريرية؟
باحث صغير ليس لديه خبرة يمكن أن يقع في أي خطأ أثناء مراحل البحث ولا يلتزم بخطواته الصحيحة ويعرض نفسه للمساءلة ويدخل في مرحلة ارتكاب جريمة.
* وما أهم العقوبات في القانون؟
السجن والغرامة المالية والإيقاف عن العمل إذا لم يلتزم الباحث بأى خطوة ولم توافق اللجنة العلمية على أي مرحلة.
* وما شروط إجراء التجارب السريرية على البشر؟
المرحلة الأولى من التجربة السريرية لا يسمح بها إلا بعد التجربة على حيوانات تجارب صغيرة وكبيرة وأن يكون المخترع مصريا من داخل البلد، وتم تجربة البحث على بيئة مناسبة وحصل على كل الموافقات العلمية.
والقانون مخصص للأطباء المصريين ولكن لو دواء أجنبي تم تجربته في بلده وأثبت أمانه على الأصحاء هناك يمكن تجربته هنا في مصر واستخدامه كمرحلة ثالثة مثل أدوية علاج فيروس سي، خاصة أن أي دواء يوفر في مصر يدخل مرحلة ثالثة لضمان أمانه على المصريين لأن فسيولوجيا الجسم تختلف من دولة لأخرى مع اختلاف جينات الجنسيات المختلفة، وقد يكون في بعض الأمراض يدخل مرحلة ثالثة في مصر ولكن مستحيل أن يدخل المرحلة الأولى والدواء من خارج مصر ونص القانون على ذلك وإلا يجرم مرتكب البحث.
ونص القانون على تجريم ارتكاب أبحاث على الفئات المستضعفة منها المحكومين بالإعدام وأولاد الشوارع والمساجين وكذلك الأطفال والحوامل إلا في حالة دواء لهم في أضيق الحدود.
* برأيك لماذا الهجوم على القانون بأنه حرام ويجعل المصريين فئران تجارب؟
مستحيل أن يجعل المصريين فئران تجارب ومن يقول لك لا يفهم القانون ولم يقرأه أو لديه غيره على المصريين دون وعي وإدراك للقانون أو من لديهم أغراض ومصالح خاصة بالعكس الأجانب يقولون إنهم فئران تجارب للمصريين لأن الأدوية تجرب عليهم أولا ثم تأتى الينا بعد ثبات أمانها عليهم، فضلا عن اللجنة التي وضعت القانون في البداية كان ممثلا فيها علماء دين.
* وما الذي كان يتم في التجارب حاليا طالما لم يوجد قانون؟
حاليا الأطباء يسيرون على قواعد قانون عالمي خاص بالتجارب السريرية مطبق في كل الدول لمنع انتهاكات التجارب على البشر ومقترح القانون المصري مماثل للقانون العالمي.
* هل يوجد أي مقابل مادي للمبحوثين؟
لم ينص القانون على ذلك والمبحوثون يجب أن يكونوا متطوعين في البحث، فضلا عن أن المريض سوف يستفيد بحصوله على الدواء مجانا وتكون تكلفته تصل إلى 100 ألف جنيه شهريا ومرضى كثيرون يطلبون منا ذلك وخضوعهم لتلك التجارب.
* وما الفائدة التي ستعود على المتطوع؟
يوجد مرضى كثيرون يطلبون الدخول في التجارب السريرية رغبة منهم في تجربة الأدوية الجديدة والعلاج بها أو علموا عن وجود علاجات حديثة ولديهم رغبة في العلاج به.
* هل بعد تطبيق القانون سيكون لدينا أدوية اختراع مصري 100%؟
بالتأكيد نظرا لوجود أبحاث كثيرة تقف عند مرحلة حيوانات التجارب لأنه لا يوجد قانون يمكنهم من الانتقال إلى التجربة السريرية للمرحلة الأولى وفي دول الخارج لن يوافقوا على إجراء المرحلة الأولى في بلدهم إلا إذا كان الدواء يكتب باسم الدولة ويستقطبون الباحث لشراء الاختراع منه وحينها لن يكون اختراعا مصريا.
*وما أهم المخالفات التي تجري حاليا ويقضي عليها القانون؟
يمكن لأى طبيب إجراء بحث دون تطبيق قواعد البحث العلمي، خاصة أن القانون نص على أن يكون هناك فريق مؤهل من الأطباء من أصحاب الخبرة العلمية وكل خطوة تخضع للرقابة من اللجان العلمية وتراجع النتائج، أو بعض الباحثين ينتقلون للتجربة على البشر بعد الحيوان دون موافقة علمية أو تجربته على عدد قليل من الفئران أو في أماكن غير مؤهلة.
*هل القانون مطبق على الخلايا الجذعية؟
لم يطبق عليها ولا يسمح بها نظرا لأنها ما زالت تحت البحث عالميا وكذلك غير مطبق على العلاج الجيني.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..