الإرهابيون وجماعة «خالف تعرف».. والغاز الإسرائيلي
بعد إعلان الزعيم السيسي عن صفقة الغاز الإسرائيلي، وذكره أن مصر قد أحرزت هدفا (جول) من خلال إتمام هذه الصفقة، بدأت جوقة الإعلام الإخواني الإرهابي في العزف النشاز كعادتها، متهمة مصر بالعمالة لإسرائيل! تخيل أن الإخوان الإرهابيين يتهمون مصر بالعمالة لإسرائيل!!
ليت هذا الاتهام قد جاء من معارضة مدركة حقيقة الأوضـاع، أو حتى من جماعة من المعتوهين المجاذيب، كان وقتها قد يكون له قيمة ومبرر لكن أن يأتي هذا الاتهام من جماعة كان كل همها عندما وصلت للحكم أن تعلن ولاءها وحبها وحفاظها على اليهود فهذا هو العجب العجاب!
فلم تألو جماعة الإخوان الإرهابيين جهدًا منذ أحداث 25 يناير وحتى أن صار عضوهم محمد مرسي أول جاسوس مدني منتخب رئيسا لمصر في ضمان أمن إسرائيل بكل ما أوتيت من قوة، لكنهم الآن يعتمدون على ضعف ذاكرة لشعب المصري التي غالبًا ما لا تتذكر أفعالهم الخبيثة، لكننا نُذكِّر أبناء وطننا ببعض مظاهر حب الإخوان الإرهابيين ومودتهم لليهود، وما قدموه لهم في فترتهم الثقيلة على مصر..
فبعد أحداث 25 يناير وطمع الإخوان الإرهابيين في الحكم تقدموا بكل المواثيق والعهود لأمريكا التي تؤكد عزمهم على الحفاظ على آمن إسرائيل، بل تقدير اليهود لدرجة أن محمد مرسي أعتذر علانية عن فيديو قديم كان يصف فيه اليهود بالخنازير وأبناء القردة، وبعد أن أستقبل الإخوان في مقراتهم كل رموز أمريكا في لقاءات كان بعضها معلن والآخر خفي، وذهبوا بأنفسهم إلى البيت الأبيض، وقدموا كل فروض الولاء والطاعة؛ بما يؤكد حفظهم لأمن إسرائيل بكل الصور الممكنة، هنا وافقت أمريكا على أن تعتلي هذه الجماعة الخبيثة عرش مصر، وأعلنت هيلاري كلينتون وقتها ترحيب أمريكا بوجود الإخوان في حكم مصر، ومن يبحث قليلا على شبكة المعلومات الدولية سيعثر على فيديو يقر فيه محمد مرسي جاسوس أمريكا أنه قد قدم كل ما يطمئن أمريكا على أمن إسرائيل.
وبعد أن تولى الجاسوس مرسي حكم مصر راحت جماعة الإخوان الإرهابية تتفنن في إظهار الولاء لإسرائيل وحمايتهم ودعمهم بكل سبيل، فأرسل إليهم خطابا يدعو فيه رئيس وزراء إسرائيل بصديقي العزيز العظيم ويتمنى الرغد والسعادة لدولة إسرائيل! ثم تضمن جماعة الإخوان الإرهابية أمن إسرائيل من أي قنبلة صوتية (بمبة) ترسلها عليهم جماعة حماس الإرهابية التي هي الذراع المسلح للإخوان، وكان ذلك من خلال عقد اتفاق تضمن فيه جماعة الإخوان أمن إسرائيل بضمان مصر، ولم تكتف الجماعة الإرهابية بذلك، بل وافقت صراحة على تركيب إسرائيل لأجهزة استشعار عن بعد وأجهزة تنصت على حدود مصر لصالح إسرائيل لضمان أمنها.
كما جاءت الدعوة الفضيحة لعضو مجلس شورى الإخوان الإرهابيين عصام العريان لكل يهود العالم الذين كانوا يعيشون في مصر وطردهم منها جمال عبد الناصر –كما زعم العريان– بأن يعودوا إلى مصر، وأن يحصلوا على كل ما كان عبد الناصر قد سلبهم إياه ! الأمر الذي جعل عددا كبيرا من اليهود يطالب بجائزة وأوسمة للعريان، وتنظيم احتفاليات له، كما شجع بعض اليهود على إقامة دعاوى قضائية تطالب بما سلبه منهم عبد الناصر.
وكانت إسرائيل أشد سعادة بحكم الإخوان الإرهابيين نظرًا لأن الإخوان الإرهابيين سمحوا لكل إرهابيي العالم بالحضور إلى سيناء بالسلاح اللازم حتى يكونوا عونا لهم ضد المصريين والجيش المصري في وقت الأزمات، وكانت سعادة إسرائيل بذلك منبعها أن سيناء ستظل غير معمرة، وبالتالي فرصة استلبها من مصر تظل قائمة، فكانت سياسة الإخوان الإرهابيين تمضي على ما تحبه إسرائيل وترغبه؛ لذا كانت حزن إسرائيل على إزاحة الإخوان من الحكم حزنا كبيرا، فبعد إزاحة الإخوان تبارت الصحف والمسئولون الإسرائيليون في تصريحات غاضبة تصب في صالح الإخوان، فيكتب الصحفي بن درور في 3 يوليو 2013 في صحيفة معاريف: "يمكن أن نطلق على الإطاحة بمرسي أسماء كثيرة لكن ليس من بينها الديمقراطية"، وهو ما ردده نتنياهو نفسه.
وفى اليوم التالي تنشر ذات الجريدة "ليس سرًا أن التنسيق والتعاون العسكري بين إسرائيل ومصر قد تعزز تحت حكم الإخوان، وقد أدى مرسي دورًا مهمًا في وقف هجمات حماس"، أما صحيفة هاآرتس فقد كتبت تحت عنوان "لماذا تشتاق إسرائيل لمرسي؟" أنه برئاسة مرسي أكد الإخوان مصادقتهم على "كامب ديفيد" وتحسنت العلاقة الأمنية بين البلدين.
وفي ظل مرسي شنت إسرائيل دون ممانعة منه عملية عمود السحاب، وتم بعدها إسكات عمليات حماس، أما جريدة " إسرائيل اليوم" فقد نشرت مقالًا ليوآف ليمور يقول: "تميزت إدارة مرسي بالحزم مع حماس والإرهابيين بما خدم المصالح الإسرائيلية، وتنامت علاقات عمل وثيقة وتعاون استراتيجي تحت السطح"، وفى معاريف كتب مردخاى كيدار: "ما حدث ليس في مصلحتنا"، وبينما تتواصل البكائيات الإسرائيلية على حكم الإخوان المنهار، تتواصل المخاوف الإسرائيلية من نهوض مصر بما يقيم دولة مدنية ديمقراطية قادرة على التقدم والاستقرار وعلى الحفاظ على إرادتها المستقلة.
كما أن الجماعة الإرهابية منذ 25 يناير وإلى الآن لا تغادر أعتاب البيت الأبيض الأمريكي الذي هو في الحقيقة مقرًا لمن يحمي أمن إسرائيل، ومعلوم أن اللائذ بالبيت الأبيض لا يلوذ سوى بإسرائيل، ولا ننسى سعادة الجماعة الإرهابية في رابعة بخبر قدوم الأسطول الأمريكي وقرب احتلاله لمصر وتهليلهم عقب إذاعة ذلك الخبر؛ بما يؤكد عمالة تلك الجماعة وطبيعتهم الجاسوسية الإرهابية العالمية لصالح أمريكا، ومن قبل ذلك كانت عاملة لصالح المخابرات الإنجليزية، تلك المخابرات التي أنشأت جماعة الإخوان الإرهابيين لضرب وحدة الشعب المصري.
نعود لموضوع صفقة الغاز الإسرائيلي، وذكر بداية مزاعم الجماعة الإرهابية، ومزاعم جماعة "خالف تعرف" وهي جماعة لها وجودها في مصر، ومنهجهم خالف حتى تُعرف بين الناس بأنك مثقف وواع فيتم مدحك، ويجب أن تكون مخالفًا دائمًا حتى لو لم تكن تفهم موضوع مخالفتك، المهم أن تكون مخالفتك للمجتمع ككل حتى تكون أقرب للشهرة.
فقد زعم هؤلاء أن صفقة الغاز الإسرائيلي تدل على عمالة مصر لإسرائيل، وأن هذه الصفقة تفيد إسرائيل أكثر من مصر بدليل سعادة رئيس وزراء إسرائيل بها، وأن هذه الصفقة تؤكد أن حقل ظهر أكذوبة بدليل استيراد مصر للغاز من إسرائيل رغم القول بأن هذا الحقل سيكفي احتياجات مصر ويفيض، وأن مصر لا تملك أي حصة من غاز ذلك الحقل وإنما الحصص للشركات الأجنبية.
وهذه هي معظم مزاعم جماعة الإخوان الإرهابيين وجماعة "خالف تعرف" والرد بالقول أنه إن كانت العلاقة الاقتصادية بين مصر وإسرائيل تدل على العمالة، فتكون بذلك تركيا – التي هي مأوى الإرهابيين، ويعتبرونها مقرًا للخلافة الإسلامية، ويجعلون من الأردوغان الخليفة، ويصفون تركيا بالإسلامية – هي أكبر عميلة لإسرائيل، ففي ظل حكم العدالة والتنمية حزب الأردوغان بلغت العلاقات التجارية مع إسرائيل أربعة أضعاف ما كان عليه.
وخلال العام الأخير شهد حجم التبادل التجاري بين أنقرة وتل أبيب زيادة بلغت 14%، في الوقت الذي تتواصل فيها المباحثات بين البلدين بشأن مشروع خط الغاز الطبيعي إلى تركيا، وللحق فأن العلاقات التجارية والاقتصادية لا تتأثر بالخلافات الدينية أو السياسية، فرغم عداء اليهود للإسلام، وكراهية الإسلام لغدرهم وخيانتهم فقد كانت هناك علاقات تجارية بين اليهود والمسلمين حتى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن الرسول قد توفاه الله ودرعه مرهونة لدى أحد اليهود.
وعن سعادة رئيس وزراء إسرائيل بالصفقة فتلك السعادة لها ما يبررها، فمعنى أن توافق مصر على أن تستورد شركة خاصة غاز إسرائيل وتسيله في المعامل المصرية، وتعيد تصديره فيصبح بذلك الأمر للغاز الإسرائيلي قيمته، وإلا فأن الغاز المصري مع كون مصر تصبح المصدر الأساس لتصدير الغاز في الشرق الأوسط بعد أن تقوم بتصدير الغاز القبرصي واليوناني وفي الطريق اللبناني، فعند ذلك لن يكون لغاز إسرائيل قيمة، لكن بموافقة مصر صارت له هذه القيمة..
كما أنه من الناحية الاقتصادية أن تقوم مصر باستيراد الغاز الإسرائيلي وتسيله لديها أرخص بمراحل من أن تقوم إسرائيل بتصديره لتركيا مثلا التي كانت تقاتل في سبيل ذلك، ولكن ذلك الأمر يعني تكلفة باهظة على إسرائيل لإنشاء خط للغاز ومعامل تسييل في تركيا، وإنما ذلك الخط موجود بالفعل بين مصر وإسرائيل؛ مما يقلل من التكلفة، ولو فكرت إسرائيل في إنشاء معامل إسالة لديها ستتضخم التكاليف وتحتاج لمساحات من الأرض ملائمة وبنية تحتية ضخمة، كل ذلك يفسر سعادة إسرائيل بالصفقة..
لكن سعادة مصر أكبر لاستفادتها الأكثر بداية من تحصيل رسم مرور للغاز بالأراضي المصرية، واستئجار خط الغاز الذي كان معطلا، واستئجار معامل التسييل التي لم تكن تعمل، واستخدام عمالة ضخمة في تلك الصفقة بما يتخطى 40 مليار دولار، كما أن ذلك يعزز من مكانة مصر عالميًا بوصفها المصدر الأساسي في الشرق للغاز ويحرم تركيا من ذلك الحلم، وهو ما يفسر تحرشات تركيا بغاز المتوسط، وهجوم قنوات الإخوان الإرهابية لديهم على المشروع، وهناك فائدة كبرى من الصفقة وهي أن مصر قد اشترطت لإتمام الصفقة أن تتنازل إسرائيل عن 2 مليار دولار قيمة التحكيم الذي حكمت به المحاكم لهم نتيجة امتناع مصر عن تصدير الغاز لهم بعد أحداث 25 يناير، فوافقت إسرائيل على ذلك التنازل.
أما عن أن حقل ظهر أكذوبة ولن يكفي مصر وليس لمصر حصة فيه، فهذا من المضحكات التي لا تستحق الرد، ومعنى ذلك أن الشركات العالمية وحكومات العالم والإعلام العالمي كل ذلك في عمالة لدى مصر يخفي الحقيقة ويروج لعكسها، فقد أعلنت الشركات العالمية والإعلام العالمي أن ذلك الحقل سيكفي احتياجات مصر ويتم تصدير الباقي الضخم للخارج، فبالتالي نحن في غنى عن الرد على جماعة "خالف تعرف" والإخوان الإرهابيين في ذلك، وحصة مصر في الغاز محددة بقوانين وعقود منشورة ومعلنة وليست خفية.