هوكي الصعايدة.. فتيات تتمرد على التقاليد وتؤسس أول فريق للعبة بقنا (صور)
استكمالا لرحلة انتصارات المرأة المصرية، نجحت مجموعة من الفتيات في محافظة قنا في التمرد على العادات القديمة، وصنع واقع أفضل لهن من خلال لعبة قديمة تحكي الأساطير أن الفراعنة أول من مارسوها، فتيات في سن الشباب اقتحمن عالم الهوكي وبدأن تجربة فريدة من نوعها في محافظات الصعيد وكونً أول فريق للعبة الهوكي.
أم كلثوم علواني أمين أول مدربة للعبة الهوكي بالصعيد، وطالبة بكلية التربية الرياضية بجامعة جنوب الوادي، تحكي عن التجربة: "البداية كانت منذ 3 سنوات عندما علمت بوجود أكاديمية للعبة الهوكي في قنا، وتقدمت لها وبالفعل تم قبولي وكنت دائمة القراءة عن اللعبة، بالإضافة إلى أن دراستي كانت عاملا رئيسيا في تعلقي بها، الأمر الذي جعلني أتحدى كل العادات والتقاليد، خاصة أن الأسرة كانت غير مرحبة بهذا الشأن وسعيت بكل جهدي لإقناعهم".
وأوضحت "أم كلثوم" أن من أكثر الصعوبات التي واجهتها كان ارتداء الزي الرياضي والسير به في الشارع لكي تذهب إلى مركز الشباب أو النادي، وهو الأمر الذي كان مرفوضا تماما من قبل الأسرة، وتابعت: "للأسف والدي كان معترضا بشدة بسبب انتقادات أهالي القرية، خاصة أنني أعيش في قرية بمركز قوص جنوب المحافظة، ولكنني واجهته قائلًا له: (ده مجال شغلي)، وبالفعل أقنعت والدي ووالدتي بالمشروع حتى وصلت إلى درجة الاحتراف والتدريب، وبالفعل سوف أكمل في هذا المجال سواء بالتدريب أو التدريس عقب انتهاء دراستي".
وعن أسباب اختيار اللعبة قالت: "عدم انتشار اللعبة في الصعيد بالإضافة إلى اختلاف اللعبة عن أي ألعاب أخرى، وبالفعل عندما عرضت إستراتيجية اللعبة على عدد من الفتيات وجدت أكثر من 100 فتاة موجودة عندي للتدريب، خاصة أنهن وجدن مدربات للفريق".
وأعربت "أم كلثوم" عن أسفها لهروب الكثير من الفتيات من الفريق بسبب عدم وجود وعي وثقافة الرياضة وممارستها، ورفض الأهل لاستكمال مشوارهن ومطالبتها بإقناع أسرهن بضرورة ممارسة اللعبة، مشيرة إلى أن أغلب تلك الفتيات وصلن إلى مرحلة متقدمة في هذه اللعبة ومن الممكن أن يخرج منهن يوما لاعبات ومدربات متميزات.
وأضافت: "للأسف النظرة المتدنية للفتاة عند خروجها من المنزل لا تزال سيئة، وبالرغم من التقدم والتحضر إلا أن العقول لا تزال "محلك سر" خاصة إذا كانت الفتاة مرتدية زيا رياضيا وتسير به في الشارع".
"الحوكشة" هي هوكي الصعيد
وكشفت "أم كلثوم" عن مفاجأة من العيار الثقيل، عن تاريخ لعبة الهوكي، مشيرة إلى أن بداية ممارسته في مصر كانت في الصعيد وتسمى "الحوكشة" وكانت تُلعب بجريد النخل، وخرجت من الصعيد وتم عودتها عبر محافظة الشرقية على أيدي أحد الضباط الإنجليز، بالإضافة إلى أن هذه اللعبة لها أصول تاريخية عريقة، حيث ترجع إلى عصر الفراعنة بعد وجود رسوم منقوشة على جدران مقابر بني حسان الفرعونية تؤكد أن الفراعنة أول من لعبوا الهوكي.
حديث الناس
وأكدت أنها تتمنى يومًا دخول قريتها وهي مرتدية زيا رياضيا، لافتة إلى أن الأسرة لا ترفض ذلك ولكنها تخشى من حديث الناس الذي يرفض أن ترتدي الفتاة زيا رياضيا تتجول به في الشارع، كما أنها تتمنى أن تصبح لاعبة محترفة أو مدربة محترفة في هذا المجال، مشيرة إلى أنها سافرت إلى عدة محافظات، وتتمنى أن تشارك يومًا فريق مصري مع الهند الدولة الأولى في الهوكي، وأن يكون لدينا محترفون على مستوى جيد للمنافسة.
وقالت أماني السيد أول لاعبة ومدربة لهوكي الميدان على مستوى الصعيد، طالبة بالفرقة الثالثة بكلية التربية الرياضية: "بدأت البحث عن الهوكي من خلال الكتب وفي الإنترنت وقمت بتجميع الفيديوهات الخاصة باللعبة لمشاهدة مبارياتها، وسمعت عن الأكاديمية أيضًا وهو الأمر الذي سهل على كثيرًا البحث عن اللعبة، وبدأت المشوار مع اللعبة حتى وصلت إلى مرحلة التدريب".
رفض الأسرة
وأضافت: "الكثير من الفتيات تعلمن اللعبة إلا أنني فوجئت منذ فترة بالكثير منهن يعزفن عن حضور التدريبات وعندما تواصلت معهن عرفت أن أسرهن ترفض أن يستكملن المشوار خوفًا عليهن من أحاديث الناس عن ممارسة أي فتاة للرياضة والنظرة المتدنية التي تقابلهن".
وبعثت "أماني" رسالة مهمة إلى الأهالي قائلة: "يا ريت تسيبوا بناتكم تمارس الرياضة دون أي خوف، فالرياضة لا هي عيب ولا حرام وقول سيدنا عمر بن الخطاب خير دليل على ذلك، عندما قال علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل"، فضلًا عن الحكمة القائلة "العقل السليم في الجسم السليم"، لافتة إلى أن الرياضة لا تعطل الفتيات عن الدراسة بالعكس هناك تشجيع كبير لهن على التفوق الدراسي، وذلك من خلال منح المتفوقات منهن في الدراسة والرياضة جوائز لتشجيعهن على الاستذكار والدراسة والتفوق حتى يحصلن على درجات علمية كبيرة.
وطالبت "أماني" المسئولين بدعم لعبة الهوكي حتى تستطيع استعادة إنجازاتها مرة أخرى وتعود أمجاد اللعبة إلى الصعيد من الجيزة وحتى تصل أسوان وهذا هو الشريط الأساسي لتاريخ اللعبة، مشيرة إلى أنه لا بد من إدخال لعبة الهوكي إلى الصعيد بالكامل، بالإضافة إلى ضرورة دعم اللعبة من قبل مراكز الشباب والأندية بالمحافظة.
وأضافت: "نقوم باستئجار الملاعب بمجهود ذاتي وهذا بالنسبة لنا مكلف للغاية، وبعد أن وصل عدد المدربات في اللعبة إلى 18 تراجعا إلى 2 فقط حاليًا هما المستمرتان في التدريب، فضلًا عن أكثر من 100 فتاة، والمتبقي منهن رقم محزن جدًا نتمنى استعادة الجميع من خلال الدعم والتشجيع للعبة".