رئيس التحرير
عصام كامل

لطيفة بن زياتن.. أم الشهيد المغربية المرشحة لـ«نوبل للسلام»

فيتو

كرست الأم الثكلى لطيفة بن زياتن التي تنحدر من مدينة تطوان شمال المغرب- وقتها وحياتها لنشر روح التسامح وقبول الآخر، متخذة من الضواحي والأحياء الشعبية الفرنسية الفقيرة التي عاش فيها قاتل ابنها، والسجون والمساجد- ساحة لمحاربة الإرهاب، والغلو بين الشباب بكلماتها الطيبة.


1- نوبل للسلام مكافأة الأم الثكلى
الأم المغربية لطيفة بن زياتن من أكثر النساء نشاطا في فرنسا في مكافحة الإرهاب، حيث تقدمت جمعية "أبراهام" الخيرية بمدينة ليون الفرنسية، بطلب إلى لجنة التحكيم الدولية؛ من أجل ترشيحها لنيل جائزة نوبل للسلام لسنة 2018، عرفانا بمجهوداتها في محاربة الإرهاب.

وتقوم الجمعية، التي يرأسها القس كريستيان ديلورم بحملة دولية واسعة؛ من أجل دعم ملف ترشيحها، مدعومة بآلاف الأشخاص الذين أيدوا ترشيحها في حملات أطلقوها على مواقع التواصل الاجتماعي.

تقول لطيفة: "شخصيا لا أكترث بالجوائز، ما يهمني أكثر هو أن أعيد الثقة للشباب من أجل الإيمان بضرورة العيش المشترك، والتعارف على حضارة جديدة".

وأضافت: "المسألة الوحيدة التي أؤكد عليها هي محبة الوالدين، وإيلاء العناية القصوى للأخلاق والتربية؛ لأنهما كل شيء، ومد يد التعاون إلى الشباب كي يأخذ زمام المبادرة".

ولم تكن جائزة نوبل أول جائزة للطيفة، فحصلت على "جائزة مؤسسة شيراك" عام 2015، و"جائزة التسامح" التي تمنحها "جمعية أصدقاء مارسيل رودولف"، كما حصلت على "الجائزة الدولية للمرأة الشجاعة"، من يد جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي السابق، وفي ربيع 2016 حازت على "وسام الشرف الفرنسي" من رتبة "فارس" من طرف الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند.

قصة كفاح الأم المغربية
على اسم ابنها الشهيد أسست لطيفة جمعية "عماد بن زياتن للشباب من أجل السلام"، التي أنشأتها سنة 2012، شكلت أولى خطواتها ضمن هذا الرهان الكبير والصعب في آن واحد.

وتروي لطيفة: "قررت أن أرفع حق ابني عماد؛ لأنني ببساطة شديدة، لا أريد لأم أخرى، أن ترى العذاب الذي قاسيته"، وتقول: "أريد أن أنشر المحبة والإخلاص، ولا أحب أن يكون الإرهاب في العالم؛ لأنه يُحطم الأمة ويُسيء لسُمعة الإسلام".

لم تتردد لطيفة بن زياتن، التي تتواصل باستمرار مع الشباب المغربي، في دعوة الدولة الفرنسية إلى رفع التهميشُ ومُحاربة العنصرية بين الشباب المغاربي خصوصا؛ لأنها تعتقد أنه أحد أسباب ارتماء الشباب في أحضان الجماعات الإرهابية، وتضيف "هناك بطبيعة الحال تغير كبير في مواقف الشباب وأفكارهم لكن ألحظ أن مشكل التربية ما يزال مطروحا بالنسبة للأطفال".

بعدما كللت تجربتها في فرنسا بالنجاح، ولاقت مبادراتها استجابة بين الشباب المغاربي في فرنسا، قررت نقل جزء من نشاطها لبلدها الأصلي، ودشنت بالمغرب فروعا لجمعيتها في كل من مدينة الفنيدق، ومرتيل وقبيلة بنوينش، وملوسة، شمالي البلاد.

الهجوم الشنيع واغتيال الابن
حمل الجزائري المولود في فرنسا "محمد مراح" على دراجته النارية مسدسه، في 11 مارس 2012، بمدينة تولوز جنوبي فرنسا، وبدأ في استهداف كل من يقابله في طريقة ممن يرتدون الزي العسكري، لتستقر رصاصته الأولى في جسد عماد زياتن، وترديه قتيلا قبل أن يواصل مجزرته.

وقتها لم يدر في خلد أمه المغربية لطيفة بن زياتن المقيمة في فرنسا، أن تتركز عليها يوما عدسات الكاميرات، ويشار لها بالبنان، على أنها إحدى المرشحات للفوز بجائزة نوبل للسلام.

كانت نقطة التحول في مسار لطيفة، عندما قادها حسها الفضولي بعد رحيل ابنها إلى زيارة المجمع السكني الذي ينحدر منه "محمد مراح"، 24 عاما، وعندما تجاذبت أطراف الحديث مع شبان في الشارع، أخبروها أنه "بطل"، وقد تصرف كمسلم جيد، فقالت لهم إن مراح قتل ابنها، وهو أيضا مسلم، لم يسبق أن آذى أحدا.

وهنا كانت المفاجأة، حين صرحت الأم التي فقدت ولدها على إثر هذا الحادث أنها سامحت قاتل ابنها بالنظر إلى الظروف الاجتماعية التي عاش في قلبها، وما عاناه من تهميش كغيره من الشباب المغاربي.
الجريدة الرسمية