العبث الإعلامي.. وأحاديث الإباحية!
يبدو المشهد الإعلامي الآن، تحديدا في القنوات التليفزيونية المصرية في غاية العبث، مذيعة تخرج على المشاهدين لتثير الغضب بأحاديث "إباحية"، ومقدم برامج آخر يجاريها بإيحاءات مثيرة عن "خلطة جنسية"، ولا عزاء لمن ينشدون إعلاما هادفا يقدم الوعي والمثل ويصنع تغييرا في المجتمع نحن في أشد الاحتياج إليه.
أصبح الخروج عن النص هدفا في حد ذاته، إما بداعي الشهرة، أو إثارة الجدل، أو عدم امتلاك الإعلامي لأدواته، ففى الوقت الذي يبدأ التليفزيون الرسمي خطوات جديدة من أجل تطويره، قد يكون من المبكر الحكم عليها، نجد أحدهم يخرج في برنامجه عن المطبخ، الذي يُذاع على القناة الأولى، ليتحدث عن "الحمام المحشي" وفوائده في إشعال الرغبة الجنسية بين الزوج والزوجة، حيث خاطب النساء بأهمية هذا الطبق، وأن الرجل يعرف حب حماته من هذا الطبق في الصباحية، قمة الإسفاف والعبث والاستخفاف، فهل تستمر هذه السقطات الكارثية في تليفزيون الدولة الذي كان يوما ما يتسم بالرصانة وإعلاء أخلاقيات العمل الإعلامي أم يتصدى لها المسئولون بحزم؟
إن تطوير تليفزيون الدولة لا يعني على الإطلاق مجاراة برامج بعض القنوات الفضائية الشاردة، وإعلاء قيم التفاهة والسفاهة، أو بالأحرى التي يعتبر البعض أنها صارت قيما تحكم الأداء الإعلامي والفني في مصر.
وفى موازاة ما جرى في التليفزيون، كان الحديث الإباحي بامتياز الذي طفحت به شاشة قناة المحور عبر مقدمة البرامج فيها منى عراقي، التي تحدثت بعصبية شديدة عن قضية الاغتصاب، موجهة عبارات غير لائقة وخادشة للحياء، وكأنها تتحدث في فيديو يتضمن تسريبا لحديث إباحي وليس على شاشة قناة يتابعها الكثيرون.
هذا غيض من فيض مشهد إعلامي صار كل ما فيه سيئا بجدارة، وليس ببعيد عنه أيضا حال صحافتنا، التي تسير على نفس النهج إلا قليلا، ولا أحد يعرف إلى أين يمكن أن تصل بنا هذه الحالة الإعلامية.. فهل يتصدى مسئولو المجلس الأعلى للإعلام بهيئتيه (الوطنية للصحافة والوطنية للإعلام) لهذا الأمر عبر إعلاء قيم المهنية وفتح الأفق السياسي على صعيد الإعلام؟ سنرى.