رئيس التحرير
عصام كامل

كبير الأثريين يكشف سر عبادة الأجانب لتمثال «سخمت»

فيتو

كشف مجدي شاكر، كبير أثريين بوزارة الآثار، مدير عام الإدارة العلمية، أن كثير من السائحين الأجانب يأتون إلى معبد الكرنك وهابو بالأقصر وتراهم يجلسون بجوار تمثال "سخمت" المعروفة بـ "سيدة الخطوط الحمراء" يتعبدون ويستمدون منه القوة ولا يعرف الكثيرين لماذا سخمت؟


وقال "شاكر" إن "سخمت" تعنى: القوية وهو يتماشى مع طبيعة الربة في صفاتها الشرسة والمنتقمة، وأهم المعبودات المصرية في هيئة اللبؤة (أنثى الأسد) وهي ربة الطبيعة المتناقضة للبؤة، حيث جمعت بين الطبيعة الشريرة المنتقمة والمدمرة، وبين طبيعتها الخيرة كربة للحماية والشفاء، وهي زوجة المعبود "بتاح" في ثالوث "منف" (بتاح؛ سخمت؛ نفرتم)، كما أنها ربة البطش في مصر القديمة، وابنة المعبود "رع"، وعينه التي تهاجم القوى المعادية؛ فهى إحدى أهم الربات التي تجسد عين رب الشمس "رع".

وأضاف "شاكر" أنه وفقًا للأساطير الدينية، أرسل المعبود "رع" عينه ("سخمت"، أو "حتحور")، لمعاقبة الثائرين ضده أو المتمردين عليه من البشر، وذلك بعد أن بلغ به السن عِتيًا؛ فقرر بعد مشاورة أرباب التاسوع أن يهلك البشر بإرسال عينه للقيام بهذه المهمة الفتاكة، وذلك قبل أن يقرر في النهاية أن يعفو عنهم، ويلتمس الوسيلة لرد "سخمت" عن إبادتهم بعد أن عقدت العزم على ذلك، وقد ارتبطت بالربة "حتحور" بقوة من خلال هذا الدور.

وأوضح كبير الأثريين، أن المعبودة "سخمت" ربة حامية للملوك في حروبهم، وحملت بعض الألقاب الحربية، وربما يرجع ارتباطها بذلك الدور استنادًا إلى قيامها بنفخ النار في وجوه أعدائها، وفى ضوء ذلك أيضًا أُطلق على رياح الصحراء الساخنة اسم (أنفاس "سخمت").


وأشار "شاكر" إلى أن "سخمت" ارتبطت بالوباء، حتى أن الوباء عُرف باسم (رسول "سخمت")، وقد لعبت دورًا كحامية للملك، وكأم له كما ارتبطت بالشفاء، فلقبت لذلك باسم (سخمت، سيدة الحياة) ولقبت كذلك: (سخمت، العظيمة، سيدة الأرضين) وتظهر هذه الربة على شكل لبؤة أو أنثى برأس لبؤة، يعلو رأسها قرص الشمس وثعبان الكوبرا والباروكة، وترتدى "سخمت" رداء حابكًا ملونًا باللون الأحمر غالبًا، وذلك يعكس طبيعتها، حيث نعتت بـ (سيدة الخطوط الحمراء)، والذي قد يرمز لطبيعتها كربة لمصر السفلى، أو ربما كربة محاربة. ودائما تماثيلها تنحت من الجرانيت الأسود.

وتابع "شاكر": رغم كون "منف" هي مركز عبادتها الرئيسي، حيث عبدت كعضو في الثالوث المنفى مع "بتاح" و"نفرتم"، إلا أن هذه الربة حظيت بالعديد من المعابد في مناطق عديدة أخرى، فقد شُيدت مقصورة لها في "أبو صير"، كما ظهرت في نقوش العديد من المعابد حتى العصرين اليونانى والرومانى.

وأكد "شاكر" أنه يوجد معبد لعبادتها في صورتها "سخمت- حتحور" في "كوم الحصن" غرب الدلتا، وتشير العديد من الفقرات والتعاويذ إلى أنها حظيت بدور هام وواسع في العلاج واكشفت البعثة الألمانية أثناء أعمال الحفائر التي تجريها بمعبد أمنحتب الثالث "1410-1372 ق.م" بكوم الحيتان بالبر الغربي بالأقصر مئات التماثيل لها والكشف عن هذا الكم من تماثيل الإلهة سخـمت داخل المعبد الجنائزي للملك أمنحتب الثالث يؤكد على الدور البارز الذي لعبته الإلهة سخـــــــمت في عصر أمنحتب الثالث؛ والذي حرص على إقامة تماثيل تجسدها بغرض الحماية باعتبارها إلـــــــهة الحرب والدمار، كما اعتقد البعض أن أمنحتب الثالث قد لـــجأ إلى إقامة تماثيل للإلهة سخمت نظرًا لمرض ما كان يعانيه أثناء فترة حكمه معتـــقدًا في قدرتها على الشفاء، وهى جميعها تجسد الإلهة سخـمت جالسة على العرش في جسد أدمي ورأس أنثى الأسد، يبلغ ارتفاع التمثال الواحد منها متران، وهي في حالة جيدة من الحفظ، وتؤكد أن المعبد الجنائزي للملك أمنحتب الثالث كان زاخرًا بكم هائل من تماثيل الآلهة كما هو الحال بمعبده بالبر الشرقي بالأقصـر والمعروف بمعبد الإله موت الأمر الذي يدلل على حالة الاستقرار والازدهار الفني التي سادت في عصر هذا الملك.

واستمر الرعب وطلب الخير منها في الموروث الشعبي فهناك في الأقصر والكرنك ومناطق أخرى ظل الناس يخافون منها ويعتقدون أنها "أمنا الغولة" التي تأكل أبنائهم وفى نفس الوقت تأتي النساء لتدور حول تمثالها طالبا لفك العقم والإتيان بالولد وكذلك يقولوا على من يتمنون له الشر (سخام البرك..سخام الطين) وهو أسود وأكثر شىء رائحته عفنه ويقولون (سخام) على الشيء الأسود الفاحم فسواد القدر والسواد الذي يعلو دخان النار والعفن الذي يصيب ورق الشجر (سخام ).
الجريدة الرسمية