كنائس فلسطين تقرع أجراس الإنذار.. غضب عارم بسبب فرض الاحتلال ضرائب على دور العبادة.. القساوسة يحذرون من قانون يهدف لإنهاء الوجود المسيحي.. والرئيس اللبناني يصف القرار بـ«التطهير العرقي»
قبل نحو أسبوعين، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر في البلدية الإسرائيلية بمدينة القدس اعتزام البلدية الشروع بجباية أموال من الكنائس المسيحية كضرائب على عقارات وأراض تملكها في أرجاء المدينة.
واقترحت حكومة الاحتلال الإسرائيلي قانونا ينص على مصادرة الأراضي في القدس والتي باعتها الكنائس للشركات العقارية الخاصة ذات الخلفية اليهودية في السنوات الأخيرة.
ويقول رؤساء الكنائس المسيحية في القدس إن إسرائيل تسعى إلى إضعاف الحضور المسيحي في المدينة.
كيف تمت الصفقة
وذكرت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، في تقرير لها، أن أول صفقة ما بين الكنيسة الأرثوذوكسية وجمعية يهودية بفلسطين أبرمت في عام 1936، في القدس، وبموجبها استأجرت الجمعية اليهودية من الكنيسة مساحات من الأراضي لمدة 99 عامًا، حيث أقيم على أراضي الكنيسة حي يهودي باسم "روش رحافيا".
ومن المتوقع أن ينتهي عقد الإيجار بحلول العام 2035، ومعظم تلك الأراضي باعتها الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية، في القدس المحتلة للشركات الخاصة، وفي الغالبية العظمى كان يتم البيع إلى شركات يهودية واستيطانية.
تدهور مالي
مع تدهور الوضع المالي للبطريركية بصورة تدريجية على مدى العقود الماضية منذ استقلال الكيان الصهيوني إسرائيل وبنائه للكثير من المستوطنات داخل القدس مما دفع المسيحيون هناك للهجرة خارج وطنهم بعد أن ذاقوا سوء الحصار، وانخفضت أعدادهم نحو 10,000 مسيحي فقط لا يزالون يعيشون في القدس، 3,000 منهم من أتباع الكنيسة الأرثوذكسية.
وبحسب وكالة "تايمز أوف إسرائيل"، قامت البطريركية بتمويل أنشطتها هناك من خلال بيع الكنائس هناك بصورة مباشرة أو من خلال تأجير الكنائس، وكانت هذه هي أداة إسرائيل المهيمنة والسلاح الذي لا يغيب أبدا إذا أرادت فرض سيطرتها منذ الخمسينات.
دعم دولى
وأثار مشروع القانون قلق البطريرك كيريوس ثيوفيلوس الثالث بطريرك المدينة المقدسة، والذي يراه أنه يشكل خطرا على حق الكنيسة في التعامل بحرية مع أراضيها، بالإضافة إلى صفقة باب الخليل، التي أثارت جدلا كبيرا بعد الكشف عنها لأول مرة وأدت إلى إقالة سلف ثيوفيلوس في المنصب.
وقد دفعت هاتان القضيتان ثيوفيلوس إلى الخروج في جولة دولية غير مسبوقة لطلب الدعم،وقام خلالها بزيارة للأردن الفاتيكان، كما قام بزيارة لرئيس أساقفة كانتربري وشخصيات سياسية رفيعة في اليونان وقبرص، لحشد الدعم لجميع الكنائس في الأراضي المقدسة.
إدانة فتح
في بيان صحفي، اليوم الأحد، أدان عضو المجلس الثوري لحركة فتح والمتحدث باسمها أسامة القواسمي ما يقوم به الكيان الإسرائيلي من التدليس والخداع بفرض الضرائب في محاولة لتغير تغيير الوضع القائم، والتي تستهدف من ورائه الاعتداء على الكنائس ومحو تاريخها داخل الأرض المقدسة، وأكد القواسمي أن هذه القرارات تستهدف هدم الوجود المسيحي في الأرض الفلسطينية المقدسة.
استهداف ممنهج
من جانبه اعتبر الرئيس اللبناني ميشال عون، الإثنين، أن اعتزام إسرائيل فرض ضرائب على الكنائس في مدينة القدس، "استهداف ممنهج لما تبقى من الوجود المسيحي في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وقال عون، في تصريح نقلته الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان (رسمية)، إنه يدين القرار الإسرائيلي الذي "يتنافى مع القوانين والأعراف الدولية والاتفاقيات الخاصة بأماكن العبادة بمدينة القدس".
وأضاف أن "القرار بمثابة استهداف ممنهج لما تبقى من وجود مسيحي في الأراضي المحتلة من إسرائيل التي تتعمد التطهير العرقي والديني بحق كل ما ومن هو غير يهودي، تحقيقًا لمشروعها القائم على العنصرية بكل وجوهها".
غضب أوروبي
انتقدت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشئون الخارجية والسياسة الأمنية، فيدريكا موجريني،، قرار فرض ضرائب على الممتلكات الكنسية في مدينة القدس.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في العاصمة البلجيكية بروكسل.
وقالت موجريني، "نأمل إيجاد حل لهذه المسألة بأقرب وقت، فالقدس مدينة مقدسة للأديان الثلاثة، وينبغي على الجميع احترام هذه الميزة الخاصة للمدينة".
وذكرت أنها ستبحث اليوم في بروكسل مع وزراء خارجية دول عربية، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عملية السلام في الشرق الأوسط.
وأعربت عن تأييدها لتسوية قائمة على حل الدولتين وعاصمتهما القدس، مجددة موقف الاتحاد الأوروبي باعتبار كافة الوحدات الاستيطانية الإسرائيلية غير شرعية.
من جانبه، أوضح الصفدي أن العالم العربي مستمر بدعمه القوي والثابت من أجل سلام دائم وشامل، وشدد أن التوصل إلى السلام لا يكون إلا عبر حل الدولتين مع الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين.
وقال: "يجب أن تكون القدس رمز السلام، ولكن مع الأسف لا يمكن ذلك طالما بقيت تحت الاحتلال".
اجتماع بروكسل
وبدأ في بروكسل، صباح اليوم، اجتماع، لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، و6 وزراء خارجية عرب، والأمين العام لجامعة الدول العربية.
ويأتي هذا الاجتماع بعد أيام من خطاب للرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأسبوع الماضي، في مجلس الأمن الدولي، طرح خلاله مبادرة للسلام مع الاسرائيليين، تشمل عقد مؤتمر سلام دولي تنبثق عنه لجنة دولية ترعى أي مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ويصل عدد المسيحيين في القدس حاليا لنحو 10-12 ألف نسمة، من إجمالي عدد السكان البالغ 300 ألف فلسطيني.