رئيس التحرير
عصام كامل

مصر بين دولة السيسى ودولة الجماعة 43


أهم إيجابية في نكسة يناير هي أن نكشف أن المصريين الذين ادعوا العلم أكثر من الأغلبية الصامتة سيقوا كالقطيع ضد مبارك فيما يتعلق بوصف مُبارك "بالديكتاتورية" ومنع حُرية التعبير.. لقد رددوا الكلمة وكأنها حقيقة، ليثبتوا أن الإخوان ليسوا الخراف الوحيدة في مصر!!


فلقد نشر خالد محيى الدين كتابه "لماذا نُعارض مبارك" في العام 1993 وكان الكتاب يُعرض على فاترينة مكتبة المدبولي في ميدان طلعت حرب، وسط القاهرة، دون مُصادرة.

وكوني عاشقا للقراءة، قمت بشراء عدد من الكُتب التي تُهاجم منظومة مبارك باللغتين العربية والإنجليزية، من مكتبات مصر، في الفترة ما بين 2005 إلى 2010، وكانت تُباع بمنتهى الحرية.

وكانت رواية علاء الأسواني الثانية "شيكاجو" بها سخرية من الرئيس مبارك.. وكانت هناك روايات أخرى في الأسواق شديدة الصراحة أيضاً ولكُتاب مغمورين.

ولم يتوقف الأمر عند الكُتب فقط ولكن وصل الأمر إلى الجرائد.. وكانت تتعرض لمبارك بقوة.. وأتذكر أن الكاتب الساخر بلال فضل، كان يُخصص رُكناً في صحيفة الدستور للسُخرية الحادة من المنظومة السياسية، وعُرف بلال فضل بفضل تلك السُخرية من الرئيس والأفلام الهابطة التي قدمها والتي لا أرى للحق أنها تتناسب مع ثقافته.

ويكفي هنا، أن أذكُر أن مبارك زار "خُصاً" أو بيتاً قروياً من الخوص في إحدى القُرى، فما كان من بلال فضل إلا أن أشار إلى الخُص بديلاً عن لفظ هو "العضو التناسلي للمرأة باللغة الشعبية"، وربط بينه وبين الأم.. فهل تلك لم تكن قمة في حرية التعبير في بلد الأزهر؟!

ألا يُذكرنا الأستاذ عبد الحليم قنديل وغيره من البارزين في المُعارضة أيضاً كيف تعرضوا للرئيس مبارك شخصياً على القنوات الفضائية المصرية؟ وألا يُذكرنا هؤلاء، كيف كانت برامج التوك شو تتناول المنظومة السياسية بالمعارضة القوية؟!

ألا تُذكرنا حركة كفاية كيف كان لها حرية في التعبير "لسب" مبارك والتعرُض له في وقفاتها الكثيرة منذ 2005، ولم تتعرض لما يتعرض له الشباب اليوم على أيدي الإخوان، بينما كان من بين أعضائها إخوان؟!

أما عن الأعمال الفنية، فحدث ولا حرج.. ألم يكن "يوم حلو ويوم مُر" ينتقد الفقر في العقد الأول لعصر مبارك وقد أُنتج في 1988؟! و"البيه البواب" سنة 1987 حول أزمة السكن في نفس العصر، وفيلم "نهر الخوف" ضد النموذج السيئ في الشرطة المصرية سنة 1988، و"كتيبة الإعدام" سنة 1989، وكان يُشير إلى كيف أن الخونة أصبحوا من رجال مبارك.. و"الهروب" لعاطف الطيب سنة 1991 و"ضد الحكومة" 1992 و"الإرهاب والكباب" 1993 و"طيور الظلام" 1995 و"مواطن ومُخبر وحرامي" 2001 وسلسلة أفلام خالد يوسف ضد الدولة و"الديكتاتور" سنة 2009 الذي يحكي بشكل ساخر ما نحياه الآن من نكسة!!

وتلك مجرد نماذج بسيطة، بينما في النهاية يقول "النكسجية الكاذبون" إنه لم يكن هناك حرية تعبير في مصر!!
هل هو جهل أم غباء أم أنه جحود أم أنهم ببغاوات تُكرر ما يُسقى لهم أم كذب؟!

أتصور أنه كذب لأنهم مُعتادون على ذلك وقد كذبوا فيما يتعلق بنقل الأخبار للناس بتزوير الصور "بالفوتوشوب"، تماماً مثلما فعلت صحيفة "الأهرام" في آخر عهد مبارك، ولكنها إيجابية مهمة أن نعرف أن المُحركين ممن يريدون تغيير مصر للأفضل هم مجموعة من الكاذبين، حتى نُدرك أننا كُنا نحيا فيما هو أفضل مما يريدون أخذنا إليه، وقد ظهر من أفعالهم في إفساد الحياة بشتى صورها خلال السنتين الأخيرتين!!
ولكن لن تسقُط مصر!!
وللحديث بقية..
والله أكبر والعزة لبلادي،
وتبقى مصر أولاً دولة مدنية
الجريدة الرسمية