الوجه المشرق لمصر
هل يكتمل الوجه المشرق لمصر لما يتحقق من إنجازات تنموية وبما يتحقق من إنجازات في الحرب على الإرهاب وبما يتحقق من إنجازات من وضع مصر على الخريطة الإقليمية والدولية؛ الوجه المشرق لمصر يكتمل فكريًا وثقافيًا؛ فإذا نظرنا إلى الواقع الثقافى في مصر الآن يمكن أن يُطلق عليه عصر الركود الثقافى مقارنة بالواقع الثقافي بمصر منذ ما يزيد على نصف قرن؛ فثقافة مصر في الماضي القريب أفضل بكثير من الثقافة الآن؛ فهناك من ينظر إلى الثقافة والوعي على أنه نوع من أنواع الكماليات..
نعم فحينما يتحدث البعض عن الثقافة نجده يردد عبارة بلاش "فزلكة" أو بلاش فلسفة وكأنها دعوة إلى إلغاء العقل والإدراك، دعوة إلى إلغاء الشخصية المصرية، دعوة إلى إلغاء الوجه المشرق للتاريخ في مصر والوجه المشرق لحركة الأدب في فترة من الفترات، بل دعوة إلى إلغاء رموز فكرية مصرية يحتفي بها العالم على أنها تنويرية؛ دعوة إلى غلق النوافذ والأبواب، بما يؤدي إلى ضيق التنفس، بل دعوة إلى القضاء على هويتنا الثقافية وما تبقى منها.
نحن الآن في عصر تتصارع فيه القوى المختلفة وإذا لم نبادر باستعادة مجد الثقافة وتحديد هويتنا الثقافية والمصرية فلن يكون لنا وجود فكري في ظل العولمة، وفي ظل عالم يتحرك حركة سريعة، ويجب أن نتذكر شكسبير بقوله "أكون أو لا أكون"، ذلك هو السؤال الآن هل نتحرك لاستعادة مفهوم الثقافة الذي طمس منذ سنوات وسنوات أم نقف متفرجين أمام وزارة ثقافة لا تستطيع أحياء مصر الثقافة.. الثقافة ليست مسئولية فرد، ومن العبث أن نسير على منهج أن يكون للمثقفين وزير، فالوزير له وظيفة إدارية ولكن الثقافة لها دور شامل، هذا الدور الشامل لا يقوم به شخص أو مجموعة أشخاص كموظفين لهم عمل بيروقراطي.
يجب الانتباه إلى دور مصر الثقافي في قلب الحضارة ؛ وأن هناك تحديات تعوق استعادة الوجه المشرق الثقافى لمصر؛ إننا نستطيع أن نحكم على أي مجتمع من المجتمعات إذ عرفنا طبيعة الثقافة السائدة فيه هل هي ثقافة أصولية أم ثقافة تنويرية أم اللا ثقافة؛ فالوعي بالدور الثقافي قضية في غاية الأهمية والجوانب الاجتماعية والاقتصادية لا يمكن فصلها عن الجوانب الفكرية والثقافية.
والسؤال الآن هل نستطيع وضع رؤية تنويرية تتجاوز التحديات وتضع المستقبل أمامها، أم ندور في حلقات مفرغة تلجأ إلى منطق التبرير.. هل يلتفت صانع القرار إلى بعض النماذج الواعية التي تتجاوز فكرة المنصب والوظيفة والعائد والتي تضع مصر في قلبها قبل عقلها وتدرك الخطر الحقيقي لضمور الوعي الثقافي الحقيقي الآن، ولديها مشروع قابل للتحقيق لاستعادة الوجه الثقافي المشرق لمصر، بل تطويـره في ضوء التحديات العالمية أم يظل المستقبل محكومًا بكتب التراث الصفراء..
المشهد يحتاج رؤية مستقبلية تنويرية من خلال إدراك القيم الإيجابية للثقافة العالمية؛ رؤية ذات معالم تجعل الهدف من التنوير إقامة البناء على العقل، فالعقل أعدل الأشياء قسمة قد خلقه الله في البشر؛ ولذا يجب تقديم رؤية تقدمية تبعد عن الشعارات وتبعد عن المصالح وعن المناصب حتى تكون صادقة للوطن وحتى تستطيع إعادة الوجه الثقافي المشرق لمصر.