رئيس التحرير
عصام كامل

هيئة الاستعلامات تفند أكاذيب بي بي سي في تقريرها عن الأوضاع في مصر

الدكتور ضياء رشوان
الدكتور ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات

أصدرت الهيئة العامة للاستعلامات بيانًا، ردت فيه على التقرير الذي بثته هيئة الإذاعة البريطانية، وأعدته "أورلا جيورين"، المراسلة السابقة للإذاعة البريطانية بالقاهرة.


وفند بيان هيئة الاستعلامات ما تضمنه تقرير "بي بي سي"، الذي نشر وأذيع على شاشتها وموقعها على مدى اليومين الماضيين، من أكاذيب وادعاءات بشأن الأوضاع السياسية والاجتماعية في مصر، وأوضاع السجون وحقوق الإنسان وغيرها.

وكشف بيان هيئة الاستعلامات حجم ما انطوى عليه هذا التقرير من تناقضات وانحياز سلبي، وانتهاك لكل المعايير المهنية في مجال الصحافة والإعلام، والتي يفترض أن تكون هيئة الإذاعة البريطانية أول من يلتزم بها.

كما قرر الكاتب الصحفي ضياء رشوان رئيس الهيئة استدعاء مديرة مكتب بي بي سي بالقاهرة؛ لتسليمها ما جاء في هذا البيان في صورة خطاب رسمي لمطالبة هيئة الإذاعة البريطانية، باتخاذ موقف لتصحيح ما أقدمت عليه مراسلتها من مخالفات مهنية في هذا التقرير.

وفيما يلي نص البيان:

أولا: المصادر
1- لم يذكر تقرير هيئة الإذاعة البريطانية البيانات الخاصة بحالة المدعوة "زبيدة" المزعوم اختفاؤها قسريًا حتى يمكن متابعة قضيتها، رغم إظهار صور وفيديوهات لها ولوالدتها ولمنزلهما، الأمر الذي يلقي ظلالًا من الشك على نية الكاتبة وأهدافها، وأنه ليس منها محاسبة المسئول عن المزاعم التي تعرضت لها المدعوة "زبيدة" التي وردت بالتقرير، حيث من المستحيل متابعة التحقيق دون ذكر هذه البيانات.

وقد حاولت الهيئة العامة للاستعلامات الاتصال بالمراسلة هاتفيا مرتين على الأقل من تليفونات "الاستعلامات" المعلومة لديها باعتبارها مراسلة سابقة معتمدة لديها في القاهرة؛ للحصول على هذه البيانات، ولكنها لم ترد.

2- ورد في التقرير أن الزعم باختفاء المدعوة "زبيدة" في المرة الثانية على يد الشرطة قد جاء على لسان والدتها، التي لم تشهد بنفسها الواقعة، بل نقلت عما قالت إنهم "جيران" دون أن تحددهم، ولم تكلف كاتبة التقرير نفسها عناء الاستماع من هؤلاء الجيران مباشرة؛ للتأكد من رواية الأم. وما أوردته الكاتبة على لسان الأم بخصوص الجيران المزعومين، بأن أشخاصًا مسلحين مقنعين يؤكد نية اتهام الشرطة دون دليل واحد، وذلك عبر الدليلين التاليين: 

1- أن الحديث عن أشخاص مسلحين مقنعين لا وجود له في مصر إلا بالنسبة لقوات الشرطة الخاصة التي يجب أن ترتدي زيًا رسميًا لم يشر إليه التقرير مطلقًا، وهو ما تقوم به كل القوات المماثلة في كافة دول العالم.
2- ادعت الأم أن أحد أقارب المدعوة "زبيدة" قد تلقى مكالمة منها بعد اختطافها المزعوم، وسمع صوت الضابط يسبها ويغلق الهاتف، وليس في حدود علم الاستعلامات، أن هناك أي طريقة تقنية معلومة في العالم لتحديد هوية المتحدث ووظيفته بمجرد سماع صوته، إلا إذا كانت كاتبة التقرير والأم المدعية لديهما هذه التقنية التي لم تعرفها البشرية بعد.

3- الاستناد إلى مصادر مجهلة أسمتها الكاتبة: "محامون ونشطاء حقوق الإنسان وسجناء سابقون"، دون أن تحدد هوية أيا منهم، رغم خطورة ما زعمته على ألسنتهم من إدعاء بأن التعذيب أمر روتينى ولابد منه في السجون المصرية.

4- الاستناد إلى ادعاء من شخص مجهول أطلقت عليه الكاتبة "شاب آخر" زعم بأنه تعرض للتعذيب والاغتصاب، ووصفت الكاتبة إدعاءاته بأنها ذات مصداقية دون أن تحدد هوية هذا الشاب أو اسمه زاعمة أن ذلك بناء على طلبه، الأمر الذي يلقي ظلالًا كثيفة من الشك حول مصداقية الرواية بأكملها.

5- استندت الكاتبة إلى من وصفتهم بأنهم "نشطاء" دون أن تحدد هوية ولو واحد منهم، في ترديد ادعاء بأن هناك حالات اختفاء قسري، وأن أغلب هؤلاء يتعرضون للتعذيب قبل ظهورهم متهمين بالإرهاب.

6- استندت الكاتبة إلى من وصفتهم بأنهم "منتقدون"؛ لاتهام رئيس الجمهورية بأنه يشن حملة غير مسبوقة على حقوق الإنسان، ولم تقم بذكر اسم أي شخص من هؤلاء المنتقدين.

7- استندت الكاتبة في بعض من أخطر مزاعمها بالتقرير، فيما يخص حقوق الإنسان في مصر، على ما أسمته بالمفوضية أو التنسيقية المصرية للحقوق والحريات والقيادي بها محمد لطفي، وهي في الحقيقة منظمة سياسية تتبع جماعة الإخوان، وتتغطى برداء حقوق الإنسان، وأنشئت في أغسطس 2014. وتعد المنظمة هي الفرع المصري لما يسمى بـ "التنسيقية العالمية لدعم الحقوق والحريات"، التي تأسست في الدوحة في 9 أكتوبر 2013، بقرار مما يسمى المؤتمر الدولي "العالم في ظل الانقلاب على إرادة الشعوب"، المنعقد في إسطنبول يومي 25 و26 سبتمبر 2013.

ثانيًا: التناقضات
حفل المقال بالعديد من التناقضات التي وقعت فيها الكاتبة، في سياق انحيازها المسبق لرسم صورة مسيئة عن الأوضاع في مصر، وظهر ذلك في نقاط عدة، أبرزها:

1- في وصفها لما شهدته مصر عام 2013، من خلال استخدام أوصاف متناقضة، فبينما أقرت بخروج الملايين للمطالبة بعزل "مرسي"، زعمت أن عزله كان بمثابة انقلاب، ثم عادت لتناقض نفسها في الجملة ذاتها، بالقول بأن هذا الانقلاب قد حظي بدعم شعبي.

2- في إحدى الفقرات ادعت الكاتبة أنها هدُدت بإطلاق النار عليها من قبل الشرطة، إن لم تتوقف عن التصوير، وفي الفقرة التالية مباشرة تعترف بأنها احتجزت في قسم الشرطة، وتم الإفراج عنها بعد ساعات، رغم أنها كانت تصور حوارًا مع زوجة أحد الإرهابيين الذين قتلوا في المواجهات مع الشرطة في اعتصام رابعة. وبحسب قولها؛ تم الإفراج عنها بعد قليل، دون أن تتعرض هي والزوجة المذكورة لأي أذى، بالإضافة لكل هذا، فإن الفيلم الذي صورته صحفية البي بي سي يتناقض مع مزاعمها بالتضييق على الحريات الصحفية وحقوق الإنسان في مصر، حيث تضمن مشاهد داخلية وخارجية في كل الأماكن التي أرادت التصوير فيها، ومع أشخاص مزعوم ملاحقتهم من قبل السلطات الأمنية المصرية، دون أن يتعرض لها أو لهم أحد.

3- في الوقت الذي زعمت فيه أكثر من مرة في التقرير المشار إليه وجود تعذيب روتينى في السجون المصرية، فلم تشر إلى أي من هذه المزاعم فيما يخص علاء عبد الفتاح، بالرغم من وصفها له بأنه أحد أيقونات ثورة يناير 2011، مما يجعله بحسب ادعائها عدوًا للدولة، ولم يرد على لسان أي من أفراد أسرته الذين التقتهم جميعا، أي ذكر لسوء معاملة أو تعذيب تعرض لهما، بل وصفت كاتبة التقرير زوجته وهي تحمل علب الطعام والثياب النظيفة والسجائر كزيارة له في محبسه. وتجاهلت كاتبة التقرير في نفس السياق المغزى الحقوقي الإيجابي بسماح السلطات المصرية لعلاء عبد الفتاح وشقيقته سناء سيف المحكوم عليهما قضائيا، بالخروج من سجنهما عام 2014؛ لحضور عزاء والدهما فور وفاته.

وتجاهلت كاتبة التقرير أيضًا الحكم الصادر عن القضاء الإداري يوم 20 فبراير 2018، بإلزام مصلحة السجون بإدخال الكتب والصحف والدوريات العلمية إلى علاء عبد الفتاح في سجنه، والتزام المصلحة بتنفيذه فوريًا، أي قبل نشر تقريرها بيومين، الأمر الذي يؤكد زيف ادعائها، سواء فيما يخص القضاء المصري أو معاملة المحكوم عليهم.

ثالثًا: التحيزات
1- في إطار انحياز الكاتبة وموقفها المسبق من الحكم في مصر، والسعي لتشويه صورته، فقد اعترفت بأن رأيها السلبي في الرئيس السيسي قد سبق توليه السلطة في عام 2014، عندما وضعت على لسان ناشط ليبرالي مزعوم قوله: "سيكون بينوشيه مصر، وسينشئ مزيدًا من السجون"، وهو ما يبدو رأيها الشخصي.

2- رغم أن المراسلة قضت في مصر أربع سنوات، وخبرت المشهد المصري بكل تفاصيله، فقد اختزلته في صورة "الفقر والبؤس"، من خلال انتقائها النصوص ومشاهد الفيديو والصور، وقدمت هذا باعتباره مصر بكاملها حاليًا. ولم تشر إلى أي شيء آخر في المشهد المصري، على الأقل في المناطق التي كانت تسكن فيها والمقاهي التي كانت ترتادها للقاء مصادرها.

رابعًا: الانطباعات الشخصية
لجأت كاتبة التقرير إلى فرض آرائها وانطباعاتها الشخصية المتحيزة، دون سند من الواقع، وذلك بالمخالفة للقواعد المهنية المتعارف عليها دوليًا، وتلك الخاصة بهيئة الإذاعة البريطانية نفسها، ومن بينها:

1- رددت كاتبة التقرير مقولات زائفة مثل الزعم بأن "كل من يعارض النظام أو يشتبه في قيامه بهذا عن حق أو غير حق، هو في خطر".

2- ادعت أيضا إن "نشطاء قالوا إن غالبية المزعوم اختفاؤهم قسريا يعذبون قبل أن يعاودوا الظهور في الحبس بعدها بشهور أو أسابيع، وتوجه بحقهم تهم الإرهاب"، دون ذكر حالة واحدة تؤكد ادعائها.

3- كما واصلت الإقحام الواضح لآرائها الشخصية السلبية المتحيزة ضمن سياق التقرير، بقولها بأن "كل من يتحدى الخط الرسمي قد يتعرض للاعتقال لنشره أخبارا كاذبة"، وأن هذه "ليست مصر الجديدة التي تاق إليها الكثيرون ممن امتلأ بهم ميدان التحرير".
الجريدة الرسمية