رئيس التحرير
عصام كامل

80 سنة جذام في 3 قرى

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

يعاني أبناء قرى “الروس” و“إسحاقة” و“قراجة” بمحافظة كفر الشيخ تفشي مرض الجذام اللعين منذ ٨٠ عاما في الوقت الذي تتجاهل فيه وزارة الصحة والسكان تقديم يد العون والمساعدة والاهتمام لهم وقرية «الروس» تحديدا تغيير أكبر بؤرة للمرض على مستوى مصر.


يقول “ص. ع.”، مريض جذام بقرية الروس خليج بحري بمركز مطوبس: بدأ المرض عندي في 2011، وذهبت لأطباء مخ وأعصاب وعظام.. وما زلت أعاني الألم الذي لا أعرف أسبابه.. وبالصدفة ذهبت إلى أحد أطباء الأمراض الجلدية في مطوبس فاكتشف أنني أعاني  مرض “الجذام”، وقام بتحويلي لمستشفى الجلدية بكفر الشيخ، وتم عمل ملف لي، والتزمت بالعلاج اليومي وهو “دابسون”.

ويضيف: بدأ العلاج يؤثر بعمل كسر الميكروب بالدم، إلا أنني فوجئت بأنني تعبت أكثر.. وللأسف فإن المرض ترك أثرًا على جسدي عبارة عن ضمور في الأعصاب الطرفية “يدين ورجلين”، وجميع مرضى الجذام بالقرية يذهبون كل يوم أحد من الأسبوع لصرف العلاج من مستشفى الجلدية بكفر الشيخ، والعلاج الذي نحصل عليه حاليًا هو مراهم مرطبات للجلد وشاش وقطن، ومؤخرًا أصبح العلاج قليلا جدا بشكل ملحوظ حتى إنه لا يكفينا، وتواصلت مع وزارة الصحة على النت و”محدش عبرنا”، و”يوجد أدوية كثيرة اتمنعت عننا بناء على نشرة من وزارة الصحة منذ 4 أشهر، بتقليل كمية العلاج باستثناء المصابين بالقرحة”، واقتصر العلاج على مجرد 4 أنابيب مرهم وشريطي علاج.. وهذا غير كافٍ بالنسبة للمرضى.

اكتشفت مرض ابني بالصدفة
وتابع: عانيت كثيرًا حتى اكتشفت أنني مريض بمرض جلدي، ولذلك أقوم حاليًا بدور المستشفى كمستكشف للحالات الجديدة بقرية الروس التي تعد بؤرة لمرضى الجذام بمصر، حيث أصبحت لديّ خبرة بأعراض هذا المرض الذي عانيت منه لسنوات، وأي حالات جديدة أكتشفها أحولها لمستشفى الجلدية بكفر الشيخ، ولدينا ما يقرب من 40 حالة حاليًا في قرية الروس مصابة بالمرض، وهذا رقم كبير بالنسبة لمعدلات الإصابة في السنوات الأخيرة.

وطالب وزارة الصحة بتنظيم حملات توعية للمواطنين من خطر المرض وأسبابه، بالإضافة إلى رعاية المرضى الصحية والاجتماعية والنفسية، خاصة النفسية لأن كل الناس تخشى مرضى الجذام وتتجنبهم، وتعتبرهم منبوذين في المجتمع، ولدينا 40 حالة في القرية ونحو 5 حالات بمستعمرة الجذام بأبو زعبل.

من جانبهم.. أجمع ما يزيد على 32 مريض جذام بقرية الروس بكفر الشيخ “مستعمرة الجذام”، أن أبرز مطالبهم تتلخص في رعاية المرضى من خلال كارت صحي للأسرة للتردد على العيادات والمستشفيات وتوفير العلاج والجراحات لأي مريض، لأن الأطباء يرفضون إجراء أي جراحات في أي تخصصات، ويطلبون من المرضى الذهاب إلى المستشفيات التابعين لها، التي لا يوجد بها إمكانيات طبية كافية، وكذلك حملات توعية للأطباء خاصة العاملين بالوحدات الصحية الذين لا يعلمون إلا القليل عن أعراض المرض، وبالتالي يظل المريض يعاني لسنوات حتى تكتشف إصابته بعد تأخر حالته، وكذلك وجود قسم رئيسي لرعاية مرضى الجذام بمستشفى مطوبس.

من جانبه، أوضح الدكتور محمد فاروق، مدير مستشفى الجذام (الجلدية) بكفر الشيخ، أن مرض الجذام للأسف يعد من أمراض “الوصمة”، وتنتشر في القرى الثلاثة منذ ٨٠ عاما وقد تم اكتشاف 23 حالة خلال هذا العام فقط، والمريض عندما يأتي يتم إجراء تحليل له، وإذا جاءت النتيجة إيجابية يتم إعطاؤه جرعة من شريط “ريمكتان”، لمنع انتشار العدوى، وبعد ذلك يتناول 12 شريطا على مدى عام، ويأتي كل شهر للمستشفى لمعالجة ظهور القرح أو الجروح أو إصابات في الأيدي أو القدمين، والقيام بالعلاج الطبيعي للأطراف، ولا نتركه يغادر المستشفى إلا عندما نتأكد أنه أصبح شخصا غير معدٍ، والعلاج يستمر 12 شهرا بالنسبة للمتعدد، و6 أشهر بالنسبة “للقليل”..

ويقصد بالقليل هو أن عدد الإصابات بالمريض لا تتجاوز 3 أماكن في الجسم، ويظل تحت المتابعة لمدة عامين تحت العلاج، أما المتعدد فهو إصابة تبدأ من 5 أماكن فما فوق، ويتم متابعته 5 سنوات كاملة، وعمل مسح طبي لأسرته بالكامل، وفي بعض الأحيان نقوم بعمل مسوح طبية للقرية في حال وجود عدد من الحالات، جاءت من نفس المكان في نفس الوقت، أو وجود طفل مصاب تحت سن الـ5 أعوام، وهذا معناه وجود مريض نشط بالمنطقة.

وانتقال المرض يكون إما من خلال “استعداد جيني وراثي” ونسبته تصل لـ4% من البشر، و96% يكون الانتقال عن طريق مصاب آخر بالعدوى، وفترة حضانة المرض طويلة جدا، تبدأ من 3 سنوات حتى 30 عامًا، وقد يسبب مريض الجذام العدوى لابنه أو زوجته إذا كان المرض نشطًا لدى المريض، بحيث ينقل المرض عن طريق التنفس والارتباط اللصيق بالمريض، والجذام ليس له علاقة بضعف المناعة، ولا يوجد حتى الآن دواء يتم إعطاؤه للمخالطين لوقايتهم من العدوى.
الجريدة الرسمية