عندما ذهب المفطرون بالأجر!
وبينما نجد قضايا النساء والعورة والزواج والفحولة وقصص تعدد الزوجات وحواديت غيرة النساء ومبطلات الصوم والوضوء والتعامل مع غير المسلمين هي القضايا الأساسية عند شيوخ السلفيين ومن يدور في دوائرهم الفقهية نجد غيابًا تامًا لفضائل وقيمة العمل في حياة المسلمين وكل البشرية حتى نكاد لا نسمع الحديث الشريف "إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها"! أي العمل حتى قيام القيامة وما بعد آخر لحظة في حياة الإنسان!
وبينما نجد جهدًا مبذولًا لإثبات صحة أحاديث تخالف القرآن صراحة ولا تحتاج إلى أي جهد لإثبات ذلك تجد الكثير من شيوخنا يتكبدون عناء إثبات صحتها، بينما هم أنفسهم يبذلون الجهد نفسه، لكن لإثبات عدم صحة أحاديث عديدة تحض على العمل والأخذ بأسباب التقدم والعلم وهنا يتجاهلون تماما القاعدة التي تقول إن الضعيف من الأحاديث يؤخذ به في فضائل الأعمال!!
نتوقف عند حديث واحد ينفي كل ادعاءاتهم ويكشف سوء مقصدهم وهو: "عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر فمنا الصائم، ومنا المفطر قال: فنزلنا منزلا في يوم حار وأكثرنا ظلا، صاحب الكساء ومنا من يتقي الشمس بيده. قال: فسقط الصوام، وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذهب المفطرون اليوم بالأجر" وفي صيغة أخرى "بالأجر كله"!
الحديث واضح جدا وأن مجموعة من المسافرين معه عليه الصلاة والسلام فطروا وقاموا بضرب الخيام وتجهيز الطعام والشراب وخدمة الجميع وأن درسه الأول هو العمل ودرسه الثاني هو العمل إلى آخره.. بينما يراه السلفيون بأنه يجوز الصوم في السفر!! رغم أن الإفطار في السفر ثابت بالقرآن الكريم على سبيل الإجازة والاستثناء، وبالتالي فالصوم في السفر هو الأصل !! ولا يحتاج إلى إشارة تقبل التأويل خصوصا مع وجود النص القرآني!!
إن واحد من احتمالات تفسير الحديث عندهم هو أن يكون قصد الرسول عليه الصلاة والسلام أنهم حصلوا على أجر ما قاموا به من عمل! رغم أن ذلك لا يحتاج إلى تأكيد كما أنه ثابت من صيغة الحديث هو مدحه المفطرين بسبب ما قاموا به!
آخر ما لفت نظر السلفيين هو أهمية العمل وقيمته وضرورته إلى حد ليس فقط مساواته بأهم العبادات بل والتفوق عليها وفقا للظرف التاريخي الذي يمر به المجتمع!
من أين جاء هؤلاء؟ ومن سلطهم على مجتمعاتنا؟!