رئيس التحرير
عصام كامل

مبارك سرق حكم مصر وباعنا لأمريكا ..المفكر السياسى ماهر قابيل ..الرئيس السابق كان رأساً للفساد ونفذ كل الأوامر الإسرائيلية

الرئيس السابق محمد
الرئيس السابق محمد حسنى مبارك

وصف المفكر السياسى الدكتور ماهر قابيل، عضو الجمعية العلمية لتحليل السياسات، فترة حكم مبارك بأنها أسوأ المراحل فى التاريخ وبأنها امتداد لفترة حكم السادات مع التوسع على مسارى الفساد والتبعية لأمريكا، وتناول قابيل فترة مبارك بمشرط الجراح السياسى كاشفا ما له وما عليه فى حوار هذا نصه..

> ما العلاقة بين فترة حكم «مبارك» وما قبله من حكام عسكريين؟
- ما حدث منذ ثورة 23 يوليو 52 هو استيلاء مجموعة من العسكريين على السلطة دون شرعية سياسية ودون شرعية انتخابية، تحت دعوى الجمهورية دون تطبيقها، فالجمهورية كمصطلح سياسى تعنى أن يكون الجمهور هو مرجعية العملية السياسية والإدارة العامة وهو أساس العملية السياسية، التى تراقب الحكام وتستطيع تغييرهم، وتلك العناصر لم تكن متوفرة فى النظام الذى أقامه العكسريون فى مصر، وإنما أنشأوا «أوتوقراطية» عسكرية قضوا فيها على الإرادة العامة لمدة 60 عاما، وحكموا البلد بإرادتهم المنفردة، ومن ذلك جاءت كل الكوارث التى لحقت بعصرهم..
> وهل هذا يعنى أن «مبارك» لم يكن رئيسا شرعيا؟
- نعم، فحسنى مبارك لم يكن رئيسا شرعيا منتخبا لمصر، وإنما أتى فى البداية باختيار من الرئيس السادات لينتحل بعد ذلك شرعية مزيفة باستفتاء مزور، وبالتالى لم يكن رئيس شرعى، وإنما أداة للإمبريالية والصهيونية خارجيا ورأس للفساد فى الداخل..
> وما مظاهر كونه أداة للإمبريالية والصهيونية ورأسًا للفساد؟
- كانت هناك عملية تسلط على الشعب بسطوة استبدادية تتجه إلى طلب السلطة والزعامة وفرض اتجاهات معينة على الشعب دون مرجعية شعبية.
ومن هنا توالت الكوارث وتمثلت على مستوى العملية السياسية فى القضاء على الديموقراطية والشرعية السياسية، وعلى مستوى التنمية فى مشكلات اقتصادية متفاقمة أدت بمصر إلى أن أصبحت أفقر دولة عربية بعد أن كانت أغناهم، وعلى مستوى الصراع العربى الإسرائيلى مازال احتلال الأراضى الفلسطينية والجولان، وعلى مستوى الوحدة العربية فهى غير موجودة، أما عن المستوى الاجتماعى فقد حدث شطط فى التدخل المتحيز لصالح شرائح اجتماعية على مستوى شرائح اجتماعية أخرى، وفى التعليم أدت المجانية غير المدروسة إلى مشكلات ظهرت فيما بعد، وبعد التسلط جاءت مرحلة العمالة والفساد..
> كيف حدث ذلك ؟
- كانت هناك أجندة أمريكية إسرائيلية يجرى تنفيذها على أرض مصر لنحو 40 عاما حتى قامت ثورة 25 يناير، استهدفت فى مخططها تحويل مصر إلى مستعمرة أمريكية وجعلها حديقة خلفية للكيان الصهيونى، وبدأ ذلك عبر عدة خطوات مثل عملية الإطاحة برموز النظام السابق فى عهد السادات والتى عرفت بثورة التصحيح والإطاحة بالخبراء السوفييت بأوامر أمريكية، وكل ذلك انتهى بجلوس مصر على حجر أمريكا وهى عملية التبعية التى استمرت واكتملت فى عهد مبارك..
> كيف كان شكل العلاقة بين مبارك وأمريكا؟
- مبارك كان الشخص المناسب الذى اختارته الإدارة الأمريكية والكيان الصهيونى وطالبوا أن يكون رئيسا كى ينفذ لهم مخططهم الذى أرادوه لمصر بعد أن أثبت قدرته على أن يكون خادما لهم فتحول كما أطلقوا عليه فى وثائقهم إلى «الاستراتيجى لإسرائيل»، فمبارك نفذ كل الأوامر الإسرائيلية.
لدرجة أنه جعل مصر إلى جانب المعسكر الإسرائيلى عند العدوان على لبنان وغزة، ففى عهد مبارك لم نكن إلا حديقة خلفية للكيان الصهيونى..
> وماذا عن الوضع الداخلى فى فترة مبارك؟
- ترأس عصابة من الفاسدين ونهب المال العام، وباع مصر بأبخس الأثمان، حتى فاض الكيل بالشعب وقام بثورته العظيمة..
> ولكن بداية حكمه كانت تختلف عن الـ10 سنوات الأخيرة.. فما تعليقك؟
- فى البداية كان «مبارك» كأى قادم يحاول أن يتجمل ويظهر نفسه غير راغب فى السلطة، ولا يشبه من سبقه فقام ببعض التصرفات، مثل الإفراج عن المعتقلين، ووسع من حرية الرأى والتعبير عملا بقاعدة «دعهم يقولون ما يشاءون وأفعل أنا ما تريده أمريكا»، ليظهر بمظهر الرئيس الليبرالى الذى يطلق الحريات العامة ولكنها غير موجودة من حيث السلوك السياسى، لذلك لا أميل للتقسيم الزمنى لسنوات مبارك الـ30 ، فمبارك لم يتغير، ولكن كانت هناك متغيرات متعلقة بالزمن وهو مستبد فى كل سنوات حكمه وفترة حكمه امتداد لفترة حكم السادات، وبالتالى اعتبرها 40 عاما، مع ملاحظة أن التمادى فى الفساد الذى بدأ فى فترة السادات استفحل فى عهد مبارك..
> هل أفهم من ذلك أن فترة مبارك هى الأسوأ فى تاريخ الحكم العسكرى ؟
- هى كانت فترة سيئة جدا، ولكن مصطلح «الأسوأ» فى لغة العلم معيارية، فهى مرحلة زادت فيها التبعية لأمريكا على المستوى الخارجى، وضعف دور مصر الإقليمى وتراجعه لصالح دويلات صغيرة، ما كانت تستطيع أن تتصدر المشهد لولا تراجع مصر والفشل الذريع الذى لحق بها، هذا إلى جانب نهب المال العام..
> وماذا عن الإصلاح السياسى فى فترة «مبارك»؟
- لم يكن هناك إصلاح سياسى إطلاقا، فهو جاء باستفتاء مزور والانتخابات كانت مزورة والعملية السياسية كانت مبنية على الفساد، فعلى مستوى الحكم كان هناك مجموعة من السارقين والناهبين الطامعين الذين سموا أنفسهم بالحزب الوطنى الديمقراطى، فى حين أنه لم يكن إلا «جمعية للفاسدين الانتهازيين»، وعلى مستوى المعارضة فلم تكن هناك أحزاب حقيقية فالحزب السياسى يسعى لتولى السلطة على أساس برنامجه الانتخابى، أما تلك الأحزاب فلم تكن تأمل فى الوصول للسلطة، وكانت مجرد منابر للتعبير عن الرأى من خلال صحفها وليست لديها أى فرصة للوصول للحكم، والفرصة هى المعيار الوحيد للتعبير عن الحزب السياسى ودونها فليس هناك حزب..
> فى رأيك.. ما الشىء الذى لن يغفره التاريخ لمبارك؟
- لن يغفر له أنه كان رأسًا للفساد واستمر فى عملية تحويل مصر إلى مستعمرة أمريكية..
الجريدة الرسمية