رئيس التحرير
عصام كامل

«فلوس الحكومة».. تورط جهات رسمية في الاستيلاء على أراض لـ «الأوقاف» بـ250 مليون جنيه.. «الرقابة الإدارية» تحبط الاستيلاء على 81 فدانا تابعا للهيئة في الإسماعيلية.. وقاضي

فيتو

الضربات التي توجهها الأجهزة الرقابية للدولة إلى خلايا الفساد، تحولت خلال الأشهر القليلة الماضية إلى ضربات موجعة، فأصبح لا يكاد يمر يوم دون أن يكشف أحد الأجهزة النقاب عن قضية فساد، أو يزيح الستار عن "مافيا" تخالف القانون وتحاول –بقدر المستطاع – نهب ثروات البلاد، في الوقت الذي تتكاتف فيه كل الجهود للخروج من الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي تواجهها. 


قطاعات مختلفة استطاعت الأجهزة الرقابية فرض سيطرتها عليها، ليس هذا فحسب، لكنها تمكنت من مطاردة عناصر امتد فسادها لسنوات طويلة، دون أن تطالها يد القانون، ويعتبر قطاع "أراضى الدولة"، واحدًا من أكثر القطاعات التي شهدت حالات تعدٍ ونهب وإهدار للمال العام، وهو أمر تؤكده أرقام القضايا والضبطيات التي تنجزها الجهات الرقابية.


مؤخرًا.. تمكنت هيئة الرقابة الإدراية من الإيقاع بعناصر عصابة حاولت الاستيلاء على 81 فدانا تعود ملكيتها لهيئة الأوقاف المصرية تقدر بربع مليار جنيه، عن طريق تزوير أحكام قضائية تدعي ملكيتها للأرض وحقهم في حيازتها.


وكشفت "الرقابة الإدارية" خلال تحرياتها في القضية تواطؤ بعض الجهات والمصالح الحكومية بمركز ومدينة التل الكبير والإسماعيلية، وموظفي المساحة، وبعض موظفي الأملاك والشهر العقاري بالتل الكبير والإسماعيلية.


تعود أحداث القضية، عند ورود بلاغ من هيئة الأوقاف يفيد وجود تواطؤ بين بعض الجهات الحكومية بمحافظة الإسماعيلية، والمدعو عبد الله محمود رزق وآخرين، بهدف تمكينه من الاستيلاء على مساحة الأرض التي تقدر مساحتها بنحو 12 س- 20ط-81 فدانا، الكائنة بناحية التل الكبير حوض أبو حليفة نمرة (5)، وذلك استنادا إلى بعض الأحكام القضائية أرقام 347، 349، 357 لسنة 1943، 165،201 لسنة 1958 والمنسوب صدورها لمحكمة الإسماعيلية الجزئية الوطنية.


فور ورود البلاغ تحرك فريق تابع لـ"الرقابة الإدراية" وأجرى تحرياته التي أسفرت عن وجود تواطؤ بين الجهات بمحافظة الإسماعيلية والمتهم الأول بهدف تمكينه من الاستيلاء على أرض الأوقاف، وذلك استنادا إلى بعض الأحكام القضائية والمنسوب صدورها لمحكمة الإسماعيلية الجزئية الوطنية والمزورة والصادرة لصالح والدة المتهم الأول والتي تدعى "حليمة السيد إبراهيم". 


وأكد تقرير الرقابة الإدارية أنه بتاريخ 1/ 6/ 1996 تم إبرام عقد ابتدائي بين كل من محمد عبد السلام المحجوب محافظ الإسماعيلية الأسبق – كطرف أول بائع – هيئة الأوقاف المصرية – كطرف ثان مشترٍ – لأرض زراعية بمساحة 81 فدانا 20 قيراطًا، 12 سهمًا بحوض أبو حليفة نمرة 5 بناحية التل الكبير بمحافظة الإسماعيلية، وذلك بالبيعة رقم 5710 لسنة 1996، مقابل مبلغ 409.270 آلاف جنيه، وبتاريخ 3/ 7/ 2004، قامت هيئة الأوقاف المصرية بتأجير كامل المساحة المشار إليها بناءً على إجراءات مزايدة إلى مواطن محمود زيدان إسماعيل بعد الحصول على موافقة رئيس مجلس الإدارة بذلك لمدة ثلاث سنوات بإجمالي مبلغ 1660 جنيها للفدان الواحد سنويًا وتم إعداد محضر تسليم وتسلم للأرض.


وتابع التقرير ذاته: خلال الفترة من عام 2005 حتى عام 2007، تعدى المتهم الأول عبد الله محمود رزق بوضع يده على المساحة السالف ذكرها، بالتواطؤ مع المستأجر وادعائه ملكية هذه الأرض بناء على بعض أحكام قضائية منذ عام 1943 صادرة باسم والدة المتهم، وبيعه بعض المساحات وحصوله على أحكام صحة توقيع ونفاذ جار تنفيذها.


وأوضح تقرير الرقابة الإدارية أنه بمراجعة الأحكام القضائية المشار إليها بسجلات قلم الحفظ، بكل من محكمة الإسماعيلية الابتدائية ونيابة الإسماعيلية الكلية، تبين أنها أحكام مشكوك في صحتها، وذلك لعدم وجودها في دفاتر وسجلات قلم الحفظ بمحكمة الإسماعيلية الابتدائية وهو المكان المخصص لحفظها أحكاما مدنية، كما تبين وجود تلك الأحكام في نهاية صفحات السجلات بقلم الحفظ، بما يشير إلى اتجاه مسئولي قلم الحفظ في نيابة الإسماعيلية الكلية إلى استغلال الصفحات الخالية بنهاية تلك السجلات لإضافتها حديثا.


وكشف التقرير وجود اختلاف في المداد المحرر بها تلك الأحكام عن بقية الأحكام المسجلة بالسجلات، وقد لوحظ من خلال مطالعة تلك السجلات أن الحبر المستخدم أسود اللون حديث الصنع، ولا يتماشى مع تواريخ تحرير تلك الأحكام التي ترجع إلى أعوام 1943، 1958، فضلًا عن وجود اختلاف في الخط المحرر به تلك الأحكام عن الأحكام السابق إدراجها بذات السجل على الرغم من أن القائم بتحريرها هو ذات الكاتب.


وإضافة إلى ما سبق تبين وجود تناقض في بيانات الحوض الوارد ذكره بالحكم رقم 347 لسنة 1943، حيث لوحظ ذكر الحوض محل التعامل على أنه حوض أبو حليفة نمرة 5، ثم أعيد الإشارة لذات الحوض على أنه حوض أبو حليفة نمرة (6)، وجود تناقض في بيانات القطع الوارد ذكرها بالأحكام المشار إليها وبين العقود المسجلة لصالح الحكومة المصرية "الأملاك الأميرية"، إضافة إلى وجود كشط وتعديل بمساحة الأرض المشار إليها بالحكم رقم 349 لسنة 1943، حيث لوحظ تعديل المساحة من 22 فدانًا إلى مساحة 19 فدانًا، وبغرض أن تكون إجمالي المساحة الواردة بالأحكام مطابقة لإجمالي مساحة الأرض المشار إليها، كما تبين عدم توافق التاريخ الهجري مع التاريخ الميلادي ببعض الأحكام.


وأكد تقرير الرقابة الإدارية أنه تم الرجوع إلى رئيس محكمتي الإسماعيلية وشمال سيناء الابتدائيتين، وهما اللذان أفادا بأنه تم حفظ الأحكام المشار إليها في غير المكان المخصص لها كأحكام مدنية، حيث تم حفظها بقلم الحفظ الكلي للأحوال الشخصية بالنيابة العامة.


وكشف تقرير الرقابة أنه بمراجعة الإجراءات التي تمت بمأمورية الشهر العقاري بالتل الكبير التابعة لمكتب الشهر العقاري بالإسماعيلية، تبين عدم استيفاء المسئولين بالمأمورية للطلبات السابق تقديمها من هيئة الأوقاف المصرية بالتل الكبير بشأن تسجيل البيعة رقم 5710 لسنة 1996 للمساحة المشار إليها، وسيرهم في إجراءات الطلب رقم 59 لسنة 2007 المقدم من المشكو في حقه وقبوله على الرغم من عدم تقديم المشكو في حقه المستندات الأصلية لسند الملكية عن تلك الأراضي وعدم تقديمه إقرارا بفقد تلك المستندات، كما كشفت الرقابة الإدارية تلاعب بعض المسئولين بمديرية المساحة بالإسماعيلية. 


وأكد التقرير أنه بالرجوع إلى مسئولين بإدارة الأملاك الدولة الأميرية التابعة لمحافظة الإسماعيلية لمراجعة ملف الأرض المشار إليه، أفادوا أنه لا توجد أي مبيعات صادرة عن إدارة أملاك الإسماعيلية لصالح حليمة السيد إبراهيم، والدة المتهم.


وأسفرت التحريات عن أن المتهم الأول عبد الله محمود رزق حسانين سمعته ليست فوق مستوى الشبهات، حيث يتردد عنه اعتياده على استخدام العديد من أساليب التلاعب والتزوير بهدف الاستيلاء على أراضي الدولة بنطاق محافظة الإسماعيلية والشرقية، وذلك بمساعدة المتهم الثاني طلبه محمد طلبة على عجوة، وأنه سبق تعديهم على قطعة أرض بمدينة فايد، بالإضافة إلى اتهامهم في العديد من القضايا الجنائية وكذا الجنح لقيامهما بالتزوير، حيث إن المتهم الأول قد قام بتحرير عقد بيع ابتدائي لكامل مساحة الأرض موضوع الفحص للمتهم الثاني طلبه محمد طلبه مقابل حصول الأول على مبالغ مالية.


كما أكد تقرير الإدارة العامة لأبحاث التزييف والتزوير لمناطق القناة وسيناء التابعة لمصلحة الطب الشرعي، أن الأحكام المثبتة بالدفتر المقيد حصر (169) ابتداءً من الصفحة رقم 181 حتى الصفحة رقم 200 بما فيها الأحكام المعطى لها أرقام 347، 349،357 لسنة 1943 موضوع الفحص، هي أحكام مزورة تم اصطناعها وإضافتها داخل دفتر الأحكام المقيد برقم حصر 169.


من جانبه المستشار فتحي بيومي، قاضي التحقيق الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة، قاضى التحقيق المنتدب في قضايا فساد الأراضي، قرارا بإحالة القضية إلى محكمة جنايات التل الكبير – كلي الإسماعيلية، كما قرر أيضًا ضبط المتهمين عبد الله محمود رزق، طلبة محمد طلبة على عجوة "الهاربين"، وحبسهم على ذمة القضية؛ بسبب تزويرهم أحكاما قضائية والمنسوب صدورها لمحكمة الإسماعيلية الابتدائية، حيث تم اصطناعها وإضافتها داخل دفتر الأحكام المقيدة برقم حصر 169، كما استعمل المتهم الأول الأحكام أرقام 347، 349، 357 لسنة 1943، 165، 201 لسنة 1958، وهي تشمل إجمالي مساحة الأرض المملوكة لهيئة الأوقاف المصرية، وقد ثبت أن هذه الأحكام مزورة ومختلفة عن الأحكام الحقيقية لها بغرض الاستيلاء على الأرض محل المبيعة رقم 5710 لسنة 96 والبالغ مساحتها 12 س- 20ط – 81 ف والمملوكة للأوقاف.

"نقلا عن العدد الورقي.."...
الجريدة الرسمية