«من خرج من داره اتقل مقداره».. السودان يطرد الإخوان بعد أشهر من التضييق والمحاصرة.. عزلة عربية وخليجية.. بريطانيا تمهد لإعلانها «إرهابية».. باحث: فقدت التعاطف الدولي والإقليمي والم
«من خرج من داره اتقل مقداره».. جملة بات يراها الكثيرون، عبارة كاشفة، تلخص بدقة أزمة جماعة الإخوان الإرهابية؛ من عاصمة لأخرى يرتحلون، بعد تسببهم في أزمات دبلوماسية وسياسية، للبلد المضيف لهم، وآخرها إبعادهم عن السودان؛ قبل أربعة أعوام كان الأمور يمكن تداركها، ولكن أصبحت الصورة قاتمة لديهم تمامًا، خاصة في ظل غياب الرؤية عن الجماعة، وتعطل آليات العمل السياسي والفكري لديها، والحلول القابلة للتطبيق في كارثة الإخوان المستعصية.
السودان.. من البداية للنهاية
كانت السودان، الملاذ الآمن لقيادات وعناصر الجماعة؛ يمكن تقسيم الإخوان في السودان إلى شطرين؛ الكبار كانوا يتنعمون وأوجدوا لأنفسهم فرصا ووظائف وأموالا ونسبا وجنسية، بينما «نام الشباب في الشوارع» بسبب الخلاف مع القيادات التاريخية، وانتهى بهم الحال إلى بث فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما تم طردهم، من منزل كانت تستأجره لهم الجماعة، إثر مشاركتهم في انتخابات الكماليين، أو ما يسمى بالتنظيم الموازي، حسبما يطلق عليه صقور جبهة المرشد.
خلافات الكبار والشباب، خلفت أزمة حادة داخل السودان، ونتج عن ذلك اعتقال أجهزة الأمن للعديد من الناشطين الإخوان، واكب ذلك تقييد حكومي غير مسبوق، بسبب اعتراف قيادي بالجماعة وعلى الهواء مباشرة، أن جبهة الكماليين «دواعش»، ويتدربون على القتل وصناعة المتفجرات، وما هو أحدث غضبا كبيرا لدى أجهزة الأمن في بلد شقيق، يسعى للتخلص من العقوبات الأمريكية وإزالتها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بجانب محاولاته بين حين وأخر، للسيطرة على خلافاته مع الإدارة المصرية.
العزلة عربيا وخليجيا
ضمن أسوأ ما أصاب الإخوان، حالة العزلة التي فُرضت عليها، بل وإعلانها إرهابية في أكبر ثلاث دول عربية، مصر والسعودية والإمارات، ورغم دعمها من قطر وتركيا، إلا أن ضغوط الدول الثلاث، جعلت الإخوان غير مرغوب فيهم من كافة الدول العربية، سواء الخليجية منها، أو حتى الدول التي كانت الإخوان تتمتع بمزايا خاصة فيها، وعلى رأسهم الأردن والمغرب.
رغم اعتبار أغلب خبراء الإسلام السياسي في العالم أن الإخوان كانت صناعة بريطانية بامتياز، وهو ما يفسر الدعم الدائم لهم، وفتح الباب على مصراعيه لهم للعمل والتجنس، إلا أن أزمة الإخوان في مصر، وعزلها عربيا، جعلت الحكومة البريطانية تمارس عليها تضييقا لم تشهده الجماعة من قبل، ووضعت أذرعها الإرهابية «حسم» و«لواء الثورة» على قائمة المنظمات الإرهابية، في خطوة رآها الكثيرون مقدمة لتصعيد بريطاني، تجاه التنظيم الأم، ووضعه على لوائح الإرهاب، خصوصا بعد تعرض المصالح البريطانية في الوطن العربي للضرر.
يرى سامح عيد، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أن الجماعة نفسها، أصبحت فاقدة لأي أمل في عودتها من جديد، موضحا أن تصرفات تنظيم الإخوان جعلته ينهار من الداخل، كما أصبح مرفوضا من الخارج.
وأشار عيد إلى أن التنظيم، فقد التعاطف الدولي والمحلي، ولم تكن هناك رغبة شعبية بإعادة دمجه، في الحياة العامة من الجديد، وهو سبب تشرذمهم وتشتتهم خارج البلاد حتى الآن.