الشباب.. وضعف المشاركة السياسية
في عام ٢٠١٦ سطر الشباب الأمريكي موقفًا سياسيًا مؤيدًا للمرشحة هيلاري كلينتون، ولكنه كان تأييدًا على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن مع ضعف نسب الحضور فاز دونالد ترامب وتبين من خلال إحصاء الفئة العمرية للأمريكيين المشاركين في الاقتراع، فهيلاري كلينتون حصدت النسبة الأكبر من أصوات الشباب التي وصلت إلى 54% مقابل 37% أعطوا أصواتهم للمرشح الفائز دونالد ترامب، بينما كانت نسبة الذين صوتوا لمرشح آخر أو لم يصوتوا 9%، وذلك للفئة العمرية من 18:29 عامًا.
أما في نفس العام وفي استفتاء انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي رأى أغلبية الشباب أن تفاعل بريطانيا بإيجابية نحو قضايا اللاجئين والسوق المشتركة هي قيم إنسانية وطنية، ولكن عزوف المشاركة الفعلية للشباب سبب الموافقة على الانفصال.
أما في مصر في انتخابات برلمان ٢٠١٢، فرغم ما أثاره الشباب من ضوضاء فلم يحقق مرشحوهم أي نجاح ملموس وركب الإخوان المشهد بجدارة.
إن الشباب في جميع أنحاء العالم يعزف عن المشاركة السياسية الفعلية، بينما هو قادر على إثارة مواقع التواصل الاجتماعي بجدارة.. ولكن هل المشكلة دومًا في هذا الجيل ؟؟؟!!
يجب أن يدرك المجتمع كيفية احتواء جيل الشباب رغم كل سقطاته وذلك من خلال إدراك ما يلي:
أولا: يجب أن يعي المجتمع أن رغبة الشباب في التغيير هي طاقة إيجابية وليس سلبية دائمًا، ولكن يلزم توجيهها نحو تطوير وإصلاح اقتصادي واجتماعي وليس صدامًا.. واحتواء الصدام الفكري بين الأجيال المتعاقبة (بين الآباء والأبناء)؛ لأنه طبيعي وليس بدعة ويجب تداركه ويجب ألا يلغي الآباء مسئوليتهم بعيدًا عن هذا الجيل بثقافته المختلفة لأن هناك قاعدة مسلمًا بها هي (تسلسل الأجيال)، والتي تؤكد أن كل جيل هو إنتاج للجيل السابق له، لذا فيجب أن يكون هناك انفتاح وحوار للوصول إلى نقاط تفاهم مشتركة والإيمان بقدرة الشباب على الابتكار في ظل أخلاقيات المجتمع الشرقى.
كما يجب أن يدرك الآباء أن التمسك بتقاليد شكلية وثوابت قد تصطدم بفكر الشباب واحتياجاته، والأهم هو فلسفة القيم وجوهرها لحلول واقعية لتحديات الحياة الكريمة المستهدفة.
ثانيا: الثورة التكنولوجية والعولمة الثقافية وانفتاح المعلومات هي أحد محددات العصر لا يمكن رفضها وهى المحركة لثقافة الشباب في هذا العصر، لذا فإن الفجوة لها أسباب وإحداثيات لا يمكن تجاهلها ولا يمكن مواجهتها بالانغلاق ورفض الحوار مع الآخر؛ لأن الرفض له رد فعل مضاد والثورة المعلوماتية شكلت قوة وتمردًا يملكها الشاب اليوم ضد الجيل الأكبر بعضها محمود.
إن المفكر الأمريكي "ألفين توفلر" تحدث عن أثر الثورة المعرفية في فئات بعينها بما سبب تفكك المجتمعات (الشباب كمثال) بما يساعد على تحلل الدول حتى في الدول المتقدمة لأنهم أصبحوا فئة مستقلة فكريًا عن مجتمعاتها وثوابتها.
ثالثًا: خلاف حول الصورة الذهنية التي شكلها الإعلام بين الأجيال نحو بعضها وسوء المثل العليا التي أفرزتها الأسرة والمجتمع والإعلام مما سبب فقدان المجتمع الثقة في الشباب عمومًا وفقدان الشباب الثقة في المجتمع وقدرتهم على التغيير الإيجابي، رغم أن المجتمع مليء بنماذج مشرفة من الشباب ومن جيل الآباء.
رابعًا: الحلم هو منحة إلهية للشباب ولكن الحلم والإبداع يؤدي لطريقين لا ثالث لهما إما الأمل أو اليأس.. والتحدي هو أن الشباب تنقصه خبرة تحقيق حلمه وإبداعه وهنا يأتي دور الجيل الأكبر بالاحتواء والإرشاد نحو بناء وتحديد النموذج المناسب له لإبداع تجربة النجاح الشخصى التي تناسبه ولتصبح جزءًا من عملية التنمية المستدامة للدولة وبدون إبداع فلا حضارة إنسانية.. ويجب أن يعي الآباء والشباب مخاطر العناد والتحدي أو التطرف (دينيًا أو الانحلال أخلاقيًا)
يجب أن يدرك المجتمع عامة وجيل الآباء خاصة أن تمرد الشباب يمكن توجيهه نحو البناء الحقيقى والابتكار في اتجاه محمود لإنتاج حضارى يعلى من قيمة الوطن وأن صدام الأجيال وكبتها ليس بالحل الأمثل اليوم وإنما يلزم سلوك طرق أكثر لينًا وتفاهمًا بين الأجيال المتعاقبة من أجل الوطن ورفعته.