رئيس التحرير
عصام كامل

تدويل الحرمين والغاز والأهرامات


الدعوة القطرية لتدويل الحرمين الشريفين ليست الأولى من نوعها، فمن دواعي الأسف أن حزبا مصريا في تسعينيات القرن الماضي تبنى حملة صحفية في ذلك الوقت تدعو إلى تدويل الحرمين، بدعوى أن رسالة النبي لم تكن محدودة الجغرافيا، وأيضا ليكون لكل الدول الإسلامية شرف الإشراف على هذه البقعة الطاهرة.


في ذلك الوقت كانت العلاقات المصرية-السعودية قد بدأت في التماسك، ومن البديهيات التي كان يعرفها كل صحفي مصري أن السعودية خط أحمر، وأن تناول الأسرة الحاكمة السعودية أكثر خطرا من تناول أسرة مبارك شخصيا.

في المقابل كان كل صحفي سعودي يعلم تمام العلم أن مصر خط أحمر، وأن أسرة مبارك تتمتع بذات الميزة، ولم تكن الحملة الصحفية التي قادتها صحيفة الحزب تخوض معركتها لوجه الله.. كانت لوجه الرئيس الليبي معمر القذافي.. أي أنها كانت مدفوعة الأجر.

على الفور انطلقت أفكار مباحث أمن الدولة لحماية العهد بين الأسرتين آل سعود هناك وآل مبارك هنا، انقسم الحزب وأعلن أحد المنشقين أنه الرئيس الفعلى له، وأغلقت الصحيفة تماما، وفي المقابل كانت هناك صحيفة سعودية اجتماعية تتسلى بقصص الآداب في مصر، أغلقت هذه الصحيفة السعودية وانتهت الأزمة بإغلاق صحيفتين، وانقسام حزب، وراح القذافي بعد سنوات من هذه الواقعة، ومات ميتة لا نتمناها لأحد، ولا حتى للأمير تميم.

خطورة هذه الدعوة لا تتوقف عند حدود السعودية، بل يمكن أن تطال قطر ذاتها، لإعادة إنتاج فكرة صدام حسين في إعادة تقسيم الثروة العربية، فتصبح آبار الغاز ملكا للشعب العربي، ثم تنطلق دعاوى أخرى، لتطالب بتقسيم الثروة الحضارية، فيتم تقسيم الأهرامات بين عدة دول، أو تدويلها باعتبارها تراثا إنسانيا، وهكذا يمكن إلغاء ما يمكن أن نسميه السيادة المتعارف عليها تاريخيا!!
الجريدة الرسمية