رئيس التحرير
عصام كامل

الأيقونات القبطية.. تاريخ فن الصورة في الكنيسة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

يحاول أقباط مصر الحفاظ على هويتهم ووجودهم وإرثهم، خاصة الأيقونات والجدريات التي تزين الكنائس، واستمرت الأيقونات وسيلة تعبير الأقباط عن ذاتهم، وتعكس الأيقونات القيم الروحية التي تحس على الخلاص، وصياغة فكر روحي جديد.


"الأيقونة" كلمة قبطية يقصد بها صورة دينية وهي تشمل صورة المسيح والعذراء والرسل والقديسين والشهداء والملائكة وغير ذلك من الموضوعات الدينية التي وردت في الكتاب المقدس أو في تاريخ الكنيسة.

وأخذ الأقباط الرسم والتصوير عن الفراعنة أول من اخترع فن التصوير، وفي كل صورة نجد الأقباط يرمزون إلى الأشخاص أو المناسبات التي تعكسها الأيقونة ليست مجرد زينة أو قطعة فنية، وعليه اتخذها الأقباط كوسيلة للتعليم استنادا إلى البساطة التي عليها، وتظهر في الأيقونة شخصية المرسوم فيها سواء هيبته أو قداسته أو عفته أو شجاعته وراعته وبساطته.

واهتمت الكنيسة بالأيقونات فرسمت السيد المسيح في مواقف مختلفة، ولكنها واقعية وحقيقية مثل موقف شفاء الأعمى، أو العشاء الأخير، وعليه ذهب البعض يقول إن الأيقونات هي عظات وكتب مرسومة مسجلة بلغة بسيطة يقرأها الكل دون تمييز.

القديس لوقا البشير، يعد أول من برع في رسم الأيقونة، وكان أول عمل له هي أيقونة القديسة العذراء مريم وهى تحمل السيد المسيح الطفل، كما يعتبر البطريرك كيرلس الرابع والعشرون هو أول من علق الأيقونات في المقر البابوي عام 420 ميلادية، وعليه انتشرت الأيقونات في الكنائس المسيحية.

وفى الفترة من 726 إلى 84 ظهرت بعض الجماعات المختلفة التي بدأت تقاوم الأيقونات، وحرق وتدمير معظم الأيقونات في الأديرة والكنائس، ولكن حاول الكثير من الرهبان المحافظة عليها، حيث خبئوها في الأديرة خصوصا في دير الأنبا أنطونيوس وكنيسة أبي سيفين بأبي سرجة.

استخدمت الكثير من المواد في رسم الأيقونات سواء بالنقش البارز أو بالرسم بالألوان، أول هذه المواد هو "الحجر"، حيث ظهرت بين الآثار القبطية القديمة بعض اللوحات والأفاريز الحجرية التي نقشت بصور بارزة منها ما يمثل السيد المسيح والسيدة العذراء والشهداء.

كما استخدم "الخشب" في نقش الأيقونات، حيث اتخذ الأقباط من الخشب مادة طيبة حفروا ونقشوا عليها كثيرًا من صورهم التي كانت تزين أبواب وأعتاب الكنائس القديمة، وأبرز هذه الأيقونات حشوات القديسة بربارة  ولوحة تمثل السيد المسيح وحوله الحواريين موجودة بالكنيسة المعلقة وأبي سرجة بحصن بابليون يرجع تاريخهما إلى القرن التاسع أو العاشر الميلادي.

استخدم أيضا العاج والعظم للتصوير عليها فقد وجدت عدة صور ما هو بارز، وما هو غائر ووجدت بعض الأمشاط من العاج الدقيقة الصنع ومرسوم على أحد وجوهها السيد المسيح وعلى الآخر بعض الزهور والملائكة تتوسطها. ووجدت أيضًا قارورة طيب مرسوم عليها البشارة وهي موجودة الآن في خزانة المتحف القبطي.

هكذا تتنوع المواد التي استخدمت في رسم الأيقونات القبطية، مثل الصور المصنوعة بالفسيفاء، والأعمدة الرخامية والجرانيت، والقماش، والمعادن، والفخار والقشاني.

وتعتبر الأيقونة جزء من التقليد الكنسي يتطور عبر الأجيال في حدود روح التقليد، كما تعلن الأيقونات القبطية اتجاهات الكنيسة وأفكارها وتعاليمها وروحها، وتمثل الأيقونات في الغالب الحياة المفرحة، فلا تنتشر أيقونات تمثل رحلة الآلام، أو عذابات الشهداء، ولا صور للجحيم، بل صور للسماء، بغرض بعث الرجاء في حياة شعب الكنيسة، والحديث عن الأمجاد السماوية، دون إخافتهم بعذاب الجحيم.

ومن أهم من رسم الأيقونات هو القديس لوقا الإنجيلي وكان من الرسل، ويقال أنه كان مصورا بارعا وأقدم من نبغ في فن التصوير في القرون الأولى المسيحية، كذلك الأنبا مقارة البطريرك التاسع والخمسون(931-950م ) وأصله من بلدة بويج كما ورد بدليل المتحف القبطي، وأبويسزبنيلج وهو من مصوري القرن الثاني عشر، وقد عرف أنه رسم الصورة السيدية الكبري بكنيسة السيدة العذراء بحارة الروم، والأنبا غبريال الناسخ وقد سيم بطريركا عام 963 ش نحو القرن الثالث الميلادي تقريبا، ونسخ مخطوطات للأناجيل الأربعة نقوشا بالألوان وأيضا صور الملائكة والرسل.
الجريدة الرسمية