رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس إدارة ترميم الآثار: عادة تشويه الوجوه الآدمية للتماثيل وراء كسر أنف أبو الهول

فيتو


  • نعمل بميزانية مفتوحة ونواجه العقارب ومخاطر كثيرة
  • 100 مليون جنيه تكلفة ترميم المعبد اليهودي بالإسكندرية
  • المرممون أطباء الحضارة ويعيدون الآثار إلى شكلها الأصلي
  • 10% فقط من مواد الترميم مستوردة
  • الوزارة لا تتعامل مع الآثار كسلعة وأسعار المعارض الخارجية تراجعت بعد ثورة يناير
  • القوات المسلحة تساهم في ترميم المتحف الحربي
  • إقبال غير عادي على طلب عرض آثار توت عنخ آمون بالخارج

كل شيء يمرض له طبيب أو متخصص يعالجه، وعندما تمرض الآثار أو تتعرض إلى حالة سيئة يتولي أطباء الحضارة من المرممين المصريين علاجها بأدواتهم المناسبة التي تواكب الوسائل العلمية الحديثة، مرتدين البالطو الأبيض وكأنهم آلهة الرحمة والإنقاذ من الموت للقطع والمباني الأثرية عندما تتعرض لأي أذي، ولكي نتبحر في وسائل وكيفية عمل المرممين وطريقة تعاملهم مع الآثار أثناء ترميمها وكيفية تطويع المواد الحديثة لاستخدامها في أعمال الترميم للقطع الأثرية حيث يطلق على علم الترميم "علم الممكن" كان لـ"فيتو" هذا الحوار مع الدكتور غريب سنبل رئيس الإدارة المركزية للترميم وإلى نص الحوار:

*ما أهم مشاريع الترميم في الوقت الحالي؟
مشروع "معبد دندرة" الذي بدأ العمل به باتصال تليفونى من الأمين العام بضرورة مشاركة وزارة الآثار في احتفالات محافظة قنا بعيدها القومى في الثالث من مارس المقبل، وعلى الفور تم إعداد خطة ترميم للمعبد قسمت على مرحلتين، الأولى سيتم افتتاحها هذا العام، وتتمثل في ترميم الواجهة الرئيسية للمعبد والصالة الأولى و"الماميزى" وتم وضع سقالات يصل ارتفاعها في بعض الأماكن إلى 16 مترا وتم الانتهاء من ترميم الصالة الأولى ونحو 80% من حجم الأعمال في "الماميزى" و50% من حجم أعمال الواجهة الرئيسية ويذكر أن الحركة السياحية بالمعبد تشهد انتعاشا ملحوظا والسائحون المصريون والأجانب يبدون سعادة بالغة عندما يشاهدون فريق الترميم وهم يصعدون الشدات المعدنية في تلك الارتفاعات غير مبالين بحجم المخاطر التي يتعرضون لها ويدركون العناية التي توليها وزارة الآثار بكافة أنواع الآثار وأثناء ترميم مقبرة الورديان بكوم الشقافة بالإسكندرية بالمصادفة كان ضمن فوج سياحي صحفي ألماني ارسل للجريدة التي يعمل بها خبرا مضمونة "آلان بدأت مصر الاهتمام بآثارها" وكان لهذا الخبر مردود إيجابي على السياحة والآثار بعد ثورات الربيع العربي وكانت صورة إيجابية لمصر في الخارج.

أما المشروع الثاني فترميم مقام سيدنا على زين العابدين بعد تعرضه لحريق فرب ضارة نافعة، فلولا هذا الحريق لما تم الكشف عن الزخارف الحقيقية المزينة لمقام ضريح على زين العابدين، والتي حجبتها أعمال التجديد للضريح بأساليب خاطئة أخفت الزخارف الحقيقية للمقام، وتم التوصل إلى الكثير من المعلومات الأثرية وتم الكشف عن خيوط الفضة المطرز بها كسوة المقام، وهو نوع من التطريز يعرف باسم "السيرما" أجريت له أعمال ترميم وتنظيف كما تم تنفيذ مبدأ هام من خطط الصيانة وهو الصيانة الوقائية للمقام للحفاظ عليه، حيث تم تصميم حاجز مناسب لمنع وصول زائرى المقام إليه لحمايته من التلف البشرى ، ومن المتوقع أن يتم افتتاحه يوم 2 مارس المقبل.

وجار العمل بمشروع ترميم المعبد اليهودى بالإسكندرية بتكلفة 100 مليون جنيه، للمحافظة على هذا الأثر الهام لإرسال رسالة للعالم بأن مصر تحافظ على آثارها أيا كانت عقيدتها، بالإضافة إلى مشروع ترميم أديرة وادي النطرون بعد السيول التي حدثت في 2015 حيث بدأ العمل بترميم دير الأنبا بيشوي حيث تم ترميم كنائس الدير والكشف عن الطراز البازيلكى المميز للكنيسة الأثريه بالدير وجار تدبير اعتمادات مالية للانتهاء من أعمال ترميم دير الأنبا بيشوى.

*هل الإدارة المركزية للترميم لها ميزانية محددة؟
من حسن حظي أن الإدارة ليس لها ميزانية محددة، ولكن كل وزراء الآثار لم يقصروا في توفير أي نفقات أو اعتمادات مالية لأعمال الترميم، كما أن مخازن الترميم متوفر بها كل الخامات اللازمة للترميم.

*هذه الخامات محلية أم مستوردة؟
معظمها محلية، والقليل منها مستورد من الخارج من خلال بعض الشركات بعد إجراء مناقصة عامة أو محدودة ، وأهم الخامات التي يتم استيرادها من الخارج مادة مستخدمة في ترميم الحجر الرملى والمواد المستوردة لا تمثل 10% من المواد المستخدمة في الترميم وهناك خامات للترميم فقط وخامات أخرى يتم توظيفها وتطويعها للاستخدام في الترميم حسب كفاءة المرمم ووزارة الآثار ليس لها شركات محددة لتوريد خامات الترميم ولكنها تتم من خلال مناقصة عامة تحددها لجنة من إدارة المشتريات والخامات الذي تبلغ تكلفتها أكثر من 250 ألف جنيه تجرى لها مناقصة عامة.

*وكم تبلغ نفقات الترميم سنويا؟
الترميم يكلف الوزارة مبالغ ضخمة جدا سنويا وهي ميزانية شبه مفتوحه لأنها تتضمن منح من الخارج بالإضافة إلى تمويل ذاتي من الحكومة المصرية ممثلة في الوزارة.

*وماذا عن ترميم بئر يوسف؟
قبل بئر يوسف تم العمل في ترميم مسجد محمد على وضريح محمد على والتكسيات الألباستر بصحن المسجد والنجف بالمسجد والسجاد يحتاج لوقت طويل جدا لترميمه، وتم تشكيل فريق عمل يعمل منذ 6 شهور لترميم وتنظيف التكسيات الألباستر وآخر لتأصيل الألوان في ميضأة مسجد محمد على، وجرى الاستعانة ببحث عن تأصيل الألوان بصحن مسجد محمد على، وصدر أمر إداري من قطاع الآثار الإسلامية بتشكيل لجنة لإصدار ورقة عمل عن تأصيل الألوان بالميضأة، وجار ترميم ستائر ضريح محمد على وتم الانتهاء من ترميم 4 منها، وسيتم افتتاح الضريح المغلق منذ 5 سنوات، وتم تشوين السجاد في معمل ترميم بالقلعة "الأغاخان" ووافق وزير الآثار على تشغيل 10 عمالة مساعدة للمساعدة في ترميم سجاد محمد على الذي سوف يستغرق العمل به نحو عامين، وبالنسبة لبئر يوسف فهو مكون من مستويين الأول على بعد حوالى 45 مترا والثانى على بعد 90 مترا، والبئر منحوت في الصخر يقال إنه مشيد قبل العصر الأيوبى وحالته الإنشائية جيدة جدا وجار تنظيفه وما يحتويه من سواقي ويتم ترميم السواقي لتعود للعمل مرة أخرى، وعند تفقد البئر لوحظ أن الإنارة الحديثة على يسار الزائر والإنارة الطبيعة كانت على اليمين، ويؤكد ذلك الفتحات والطاقات الموجودة على يمين البئر التي تعلوها طبقة السناج من ناتج إشعال اللمبة من ذات الفتيل الذي كان مستخدما في تلك الفترة الزمنية، وهناك خطة لإعادة الإنارة إلى أصلها من خلال إعادتها إلى شكلها القديم، ولكن بالكهرباء من خلال لمبات بفتيل كهربائي ومدور الطور الذي يدير السواقي سيتم عمل محاكاة تشرح كيفية عمل السواقي، وفي المرحلة الثانية سيتم الاستعانة بغطاسين من الآثار الغارقة لانتشال الآثار الموجودة في البئر على عمق 90 مترا في المياه، وإنشاء متحف بها وتخصيص تذكرة لبئر يوسف وترميم شامل للبئر بشكل عام.

*وماذا عن ترميم المتحف الحربي؟
القوات المسلحة تتولى العمل بهذا المشروع، ولكن وزارة الآثار مشاركة منذ أكثر من 6 شهور، وسامح المصري يعمل بالعرض المتحفي وهو مدير عام لترميم وسط الدلتا ورشيد، وهناك مشروع متكامل لوضع المتحف الحربي في مصاف المتاحف العسكرية العالمية بتوجيهات من رئيس المتاحف العسكرية.

*هل تم ترميم القطع الأثرية الخاصة بمعرض توت عنخ آمون؟
قطع توت عنخ آمون التي من المقرر عرضها بنحو 10 مدن أجنبية بحالة ممتازة وليست قطعا فريدة، ولكن يوجد منها نماذج أخرى وبعض القطع لا تؤثر في سيناريو عرض المتحف المصري الكبير أو بالتحرير ولجنة المعارض الخارجية تستبعد القطع النادرة ويتم فحص القطع المطلوبة للمعرض ولا يتم الموافقة على سفر أي قطعة حالتها غير جيدة والقيمة التأمينية تقدر حسب الآثار التي تعرض بالخارج وتبلغ القيمة التأمينية لهذا المعرض ما يقارب مليار دولار.

*وهل مقابل عرض المعرض بالخارج مرضية؟
الوزارة لا تتعامل مع الآثار كسلعة، وسوق الآثار المصرية تراجع بعد ثورة 25 يناير في الخارج، وذلك للمبالغة قبل الثورة في قيمة المعارض الخارجية، وذلك لانخفاض نسبة السياحة ومعظم الدول لديها قطع أثرية مصرية، كما أن الدول الأجنبية اتجهت إلى تبادل القطع الأثرية بدون مقابل مادي كما أن الطلب على المعارض الأثرية بالخارج قليل، وهذه المعارض تروج للآثار المصرية بالخارج، وهناك بلاد لا تعلم عن السياحة في مصر أي شيئ والآثار تعتبر سفيرا لنا بالخارج لجذب المزيد من السياحة للدولة، كما أن هناك معايير صارمة لسفر المعارض الخارجية منها إعداد بصمة سرية خاصة بكل أثر لضمان عودة الآثار التي خرجت وليست نسخا مقلدة مهما بلغت حرفية التقليد، كما أن هناك شروطا صارمة لشركات الشحن والتفريغ لضمان سلامة التناول والفض وإعادة التغليف.

*هل تعرضت بعض القطع الأثرية للتلف أثناء عرضها بالخارج من قبل؟
لم تتعرض أي قطعة للتلف أثناء عرضها بالخارج، وهناك تمثال كان معروضا في سويسرا وهو عبارة عن قطعتين تم ترميمه بأسلوب يمكن فكه وتركيبه عدة مرات دون تأثر مادة صنعه.

*وماذا عن ترميم تمثال أبو الهول؟
اللجنة الدائمة للآثار وافقت على تولي الإدارة عملية الترميم والصيانة الدورية لتمثال أبو الهول، ويتم استبدال التكسيات الحديثة لحماية جسم التمثال من عوامل التعرية.

*هل لم يتم التوصل إلى المتسبب في كسر أنف أبو الهول؟
في اعتقادي أن العادات القديمة لتشويه الوجوه الآدمية في كل المعابد، قد تكون السبب في الأزمة القديمة، لارتباط هذه التماثيل بتحريم عبادة الأصنام والتماثيل.

*هل صحيح أن هناك 4 أيام لا يرافق فيها أثري معرض توت بلوس أنجلوس؟
مستحيل أن يغادر الأثري المرافق للمعرض قبل استلام زميله.

*وهل من الوارد الموافقة على سفر قطعة فريدة بمعرض للخارج؟
من يوافق على ذلك يعرض نفسه للسجن، ومن المستحيل أن توافق لجنة المعارض على سفر قطعة فريدة للعرض بالخارج.

*هل هناك إقبال على آثار توت عنخ آمون من قبل الجهات العارضة؟
إقبال غير عادي على طلب عرض آثار توت عنخ آمون بالخارج، على الرغم من أن هناك العديد من الشركات تعرض نماذج مقلدة لآثار توت عنخ آمون، كما أن المتاحف العالمية تتبادل القطع الأثرية ومعظم دول العالم تمتلك قطعا أثرية مصرية.

*وماذا عن تغليف الآثار قبل سفرها للخارج؟
هناك معايير لتغليف القطع قبل سفرها للخارج، وذلك عن طريق التركيز على تغليف وتبطين مناطق الضعف بالقطع الأثرية والمقصود بمناطق الضعف الفراغات بين الأجزاء المنحوتة.

*وكيف يتم عمل بصمة لآثار المعاض الخارجية؟
هناك بصمة سرية يتم وضعها على كل قطعة تسافر للعرض بالخارج لضمان عدم تقليدها أو تزويرها ويتم فحص هذه القطع قبل وبعد عودتها إلى مصر وهذا الإجراء متبع في كل المعارض.

*ما أوجه الاختلاف في ترميم كل أثر؟
هناك قواعد عامة للترميم أولها أعمال التوثيق للقطع الأثرية قبل ترميمها، ويتم استخدام مواد الترميم حسب نوع الأثر، وكل أثر له مرمم خاص به حيث أصبح هناك تخصصات داخل علم الترميم، وعلم الترميم يسمى علم الممكن وذلك لإمكانية تطويع العديد من المواد لاستخدامها في ترميم كل أثر على حدة حسب نوعه، وتختلف الآثار العضوية عن غير العضوية في الترميم والمواد المستخدمة في كل نوع.

*كم عدد المرممين في الوزارة؟
4 آلاف مرمم ما بين فني ترميم وإخصائي ترميم وعامل ترميم في جميع التخصصات.

*ما الأعمال المقرر البدء فيها الفترة المقبلة؟
استكمال أعمال ترميم مقابر الورديان ومقابر كوم الشقافة وخفض منسوب المياه وإنقاذ آثار الأنفوشي ونستعد لاستكمال العمل في معابد السبوع قبل بدء فصل الصيف لظهور كمية كبيرة من العقارب.

*ما  أهم المخاطر التي تواجه المرممين؟
أنا شخصيا تضررت وأصبت بالتهاب رئوي حاد بسبب استنشاق أبخرة بعض المواد الكيميائية بكميات كبيرة، وكذلك في معبد سرابيط الخادم وكان أول فريق ترميم مصري يصل إلى المعبد ويقوم بترميمه، حيث يقع فوق جبل يرتفع 4 آلاف قدم عن سطح البحر، وفي إحدى المرات كدت أسقط من أعلى الجبل أثناء صعود الجبل من أحد الممرات الضيقة، وكنا نشرب من مياه الأمطار المخزنة بالمعبد وما تحتويه من ملوثات، وهذا المعبد كان منجما لتعدين الفيروز بسيناء، وتمكنا من إعداد سور لصد الرياح عن معبد سرابيط الخادم للمحافظة على أعمدته وما تحويه من معلومات أثرية كانت مهددة بالاندثار.
الجريدة الرسمية