رئيس التحرير
عصام كامل

لغز مقبرة «حتبت» يحير الآثار.. كتاب بورتر موس يؤكد اكتشافها عام 1909.. «العناني»: اكتشاف الهرم ليس وهميًا.. والوزارة تحاول إثبات ملكية مصر للقطع المعروضة في متحف برلين لاستردادها

فيتو

فتح اكتشاف مقبرة «حتبت» بالجبانة الغربية بالأهرامات الباب أمام وزارة الآثار لمحاولة استرداد القطع الحجرية التي تعود لنفس السيدة من متحف برلين وذلك لكونها قد خرجت من مصر بطريقة غير شرعية وهذا ما تحاول إثباته حاليا وزارة الآثار.


وكشفت مصادر مطلعة بوزارة الآثار، أن الوزارة تقارن بين القطع الأثرية الخاصة بـ"حتبت" المعروضة في متحف برلين وبين مقبرة "حتبت" المكتشفة حديثا في الجبانة الغربية بالهرم للمطالبة باسترداد القطع الأثرية المعروضة في برلين بعد إثبات ملكيتها لمصر وتحاول الوصول إلى المقبرة التي تم اكتشاف هذه الآثار فيها عام 1909 لإثبات أن القطع المعروضة في برلين خرجت من مصر بطريقة غير شرعية.

اكتشاف مقبرة "حتبت" عام 1909
وكان كتاب "بورتر موس" نشر بعض المعلومات عن مقبرة "حتبت" التي اكتشفتها بعثة ميناس "menas " عام ١٩٠٩في الجبانة الغربية بمنطقة الأهرامات وحسب ما ورد في الكتاب أن "حتبت" هي كاهنة حتحور وتضمن أيضا وشرح لأهم مناظر المقبرة وأكد أن كل محتويات المقبرة معروضة في متحف برلين بألمانيا.

ومقبرة الكاهنة "حتبت" من الأسرة الخامسة وكانت امرأة كاهنة (كاهنة الآلهة حتحور) مما يدل على أن المرأة أيضا في هذه العصور السحيقة كانت تعمل أيضا في الكهنوت وليس في التمريض والقضاء فقط مما يدل على أهمية المرأة في مصر القديمة.

وكاهنة الآلهة حتحور من الأسرة الخامسة وهذه المقبرة توجد في أهرامات الجيزة وتعود إلى عصر الأسرة الخامسة حيث كان على العرش آنذاك الملك أوناس (2323-2356 ق.م) ففي هذه المقبرة نصوص تقول إنها قريبة من البلاط الملكى، وكانت من أقارب الملك أوناس نفسه وكانت تعمل أيضا في البلاط الملكى، بل اسند لها الملك اوناس نفسه أمور زوجتيه وتكون لهما مثل قرة العين وتحت رعايتها الخاصة، وتقول نصوص في المقبرة أيضا أنه بعد موت الملك أوناس حدثت مجاعة في مصر، وقامت الكاهنة حتبت بالقضاء عليها بل وحضرت جنازة الملك أوناس إلى مرقده الأخير، ومن نصوص مقبرتها ألقابها مثل (كاهنة الآلهة حتحور-الكاهنة-من كبار الموظفين في البلاط الملكى-قريبة الصلة بالبلاط الملكى- المشرفة الخاصة بزوجتي الملك) وأنها بعد وفاة الملك تولت أمور أبنائه، وأنه لم يكن له وريث على العرش فتولى الملك تتى عرش البلاد وهو ليس من أسرة ملكية، ولكنه تولى العرش لأنه كان متزوجا من الأميرة أيبوت ابنة الملك أوناس.

ومن المعروف أن مقبرتها دونت في مذكرات أبو الحفريات المصرية فلندرز بيتري في عام 1909 وعثر لها على بعض الآثار ولوحة وهي التي توجد في متحف برلين حتى الآن وتشير نصوص المقبرة إلى أنها توفيت في العهد المبكر أو السنين الأولى من حكم الملك تتى وهذا يؤكد للعالم أن المرأة لم تكن ملكة أو أميرة أو طبيبة فقط في تلك العصور السحيقة ولكن أيضا كاهنة، وهذا منصب دينى رفيع المستوى وخاصة للآلهة حاتحور ذات الشهرة آنذاك في الدولة القديمة.

اكتشاف المقبرة الجديدة
وكانت وزارة الآثار أعلنت عن اكتشاف مقبرة لسيدة تدعى "حتبت" كانت من كبار الموظفين ذات الصِّلة بالبلاط الملكي خلال نهاية عصر الأسرة الخامسة من الدولة القديمة وذلك أثناء أعمال التنقيب الأثري الذي قامت به البعثة الأثرية المصرية في الجبانة الغربية بمنطقة آثار الجيزة برئاسة د. مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار.

و تضم جبانة الجيزة الغربية مقابر لكبار الموظفين من الدولة القديمة عثر عليهم بواسطة البعثات الأثرية السابقة التي توالت على الجبانة منذ عام ١٨٤٢.

وتحمل مقبرة "حتبت" جميع سمات عصر الأسرة الخامسة من حيث التخطيط المعماري والعناصر الفنية، فهي تتكون من مدخل يؤدي إلى مقصورة على شكل حرف "L" بها حوض للتطهير حفر عليه أسماء صاحبة المقبرة وألقابها منها الكاهنة وأحد كبار الموظفين ذات الصِّلة بالبلاط الملكي.

وفي نهاية ممر المقصورة من الناحية الغربية يوجد مدخل به درج اصطف على جانبيه حامل للبخور والقرابين يؤدي إلى حجرة صغيرة بها ناووس كان يوجد به تمثال لصاحبة المقبرة لم يتم العثور عليه حتى الآن، وبأرضية المقصورة يوجد مائدة صغيرة للقرابين.

وقد زُينت جدران المقبرة بمناظر ملونة تصور "حتبت" في وضع الوقوف تستعرض مناظر صيد الطيور والأسماك، بالإضافة إلى مناظر لصناعات مختلفة كصناعة مراكب البردي والجلود وصهر المعادن، ومناظر للرعي وذبح الأضاحي وجمع الفاكهة وفرق موسيقية ورقص الفتيات. كما تظهر صاحبة المقبرة في مناظر أخرى وهي جالسة أمام مائدة للقرابين تستقبل القرابين المقدمة من أبنائها.

يوجد أيضا على أحد جدران المقبرة مناظر متميزة لقردين حيث كانت القردة حيوانات مستأنسة في ذلك الوقت. يصور المنظر الأول قرد يجمع ثمار الفاكهة وهو منظر شوهد أيضا داخل مقبرة "خنوم حتب الثاني" بمنطقة بني حسن الأثرية في محافظة المنيا والتي ترجع إلى عصر الأسرة الثانية عشر من الدولة الوسطى.

أما المنظر الآخر فيصور أحد القردة وهو يرقص مع فرقة موسيقية كاملة وهو منظر مميز ويوجد مثله بمقبرة "كا عبر" بمنطقة آثار سقارة من عصر الأسرة الخامسة وفيه يظهر القرد مع عازف قيثارة وحيد وليس مع فرقة موسيقية كاملة.

يذكر أن البعثة الأثرية كانت قد بدأت أعمال التنقيب الأثري في أوائل شهر أكتوبر من العام الماضي وقد تم ترقيم المقبرة الجديدة برقم " G 9000 " للحفاظ على مسلسل الأرقام للمقابر الموجودة بالمنطقة.

وترددت بعض التساؤلات بين الأثريين بشأن مقبرة "حتبت" أهمها هل الجبانة الغربية تضم مقبرتين لنفس السيدة واحدة من الحجر والأخرى من الطوب اللبن أم أنها مقبرة واحدة، وإن كانتا مقبرتين أين المقبرة الحجرية المكتشفة قديما؟ الذي ذكرها كتاب بورتر موس وأن كانت مقبرة واحدة فإن الاكتشاف الأخير للمقبرة تم الإعلان عنه من قبل وهل هناك صلة بين المقبرة المكتشفة منذ أسبوعين وبين الآثار المعروضة في متحف برلين لنفس السيدة؟

رد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار

وبالنسبة لهذه الإشكالية قال الدكتور خالد العناني، وزير الآثار، أنه تم اكتشاف لقي أثرية وأحجار حجر جيري وبابا وهميا لكاهنة حتحور "حتبت" عام 1909 وأثارها حاليا في متحف برلين وفي عام 2018 تم العثور على مقبرة لسيدة بنفس الاسم، مشيرا إلى أن الاكتشاف الأخير ليس كشفا وهميا كما أثير وخلال شهرين ستظهر اكتشافات جديدة في منطقة الهرم.

ومن جانبه قال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أنه لا توجد علاقة بين مقبرة "حتبت" المكتشفة بالجبانة الغربية حديثا وبين آثار نفس السيدة المعروضة في متحف برلين، مشيرا إلى أن الآثار المعروضة في برلين غير معروف مصدرها أو المقبرة الخاصة بها كما أنها مصنوعة من الحجر وبها نقوش بارزة وغائرة والمقبرة المكتشفة حديثا مصنوعة من الطوب اللبن ومكسية ملاط ولذلك لا توجد علاقة بين مقبرة "حتبت" المكتشفة حديثا بالهرم وبين الآثار التي تخص نفس السيدة في متحف برلين، والثابت حتى الآن أن هناك مقبرة واحدة لـ"حتبت" في الهرم وهي المقبرة المكتشفة حديثا من الطوب اللبن.
الجريدة الرسمية