أجنة وشاكوش.. فأس ومقطف
في ميدان فسيح يكتظ بالمارة والسيارات العشوائية، وعربات الفول في كل زاوية وأعداد من رجال يفترشون الأرض، وأمام كل واحد منهم أدواته.. أجنة وشاكوش وعتلة.. وآخرون هناك يضعون بضاعتهم على الرصيف.. فأس ومقطف ولفة وضع بها رغيف خبز وقرص طعمية، صنع بزيت لا يعرف مصدره، ربما كان زاده اليومي الذي يسعى من أجله على الأرصفة البالية، والمطعمة بحفر أصبحت واحدة من علامات مميزة لميادين المناطق الشعبية المقيتة.
تقف سيارة يقودها باحث عن عامل موسمي، ينظف حديقة منزل، أو يهدم سورا قديما، أو يحمل على كتفيه آثار بناء لا يزال في طور الإنشاء، يتقافز الرجال على صاحب السيارة، على أمل أن يفوز واحد منهم بعمل اليوم، بعد أن قضى الأسبوع في نفس الميدان دون أن يصيبه الدور، «يتشرط» صاحب السيارة و«يفاصل» في السعر.. «يراخص» صاحب السيارة في اليومية، ويجادل لعله يجد واحدا يقوم بالعمل بلقمته.
يفوز أحدهم بينما تبدو سحنات الآخرين وقد اعتلاها حسد على الفائز، فكل واحد منهم طردته قريته الفقيرة، فجاء إلى «النداهة»، ربما يجد مكانا تحت شمسها، فيرسل لطفله الجائع هناك ما يسد به جوع السنين، ينتظر الباقون وعيونهم جاحظة ترقب كل سيارة تهدئ من سرعتها ليتقافزوا من جديد، يفوز واحد ويبقى الآخرون في طابور، قد يطول انتظاره لأيام، دون أن يجد فرصة واحدة يستطيع من خلالها أن يسكن ألما لا يعرفه إلا الجوعى في هذا الوطن القاسي.
يبدو أن هذه المشاهد كانت هي المحرك الذي قاد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليعلن عن أمله في مشروع للتأمين على الحياة لعمال لا نصير لهم.
ويوم السبت الماضى التقى المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء بالدكتورة غادة والى وزيرة التضامن لبدء المشروع، مشروع الأمل لملايين لا يزالون هناك ينتظرون على رصيف الحياة!!