رئيس التحرير
عصام كامل

محنة الأمهات المهاجرات.. قصص من مخيمات الجحيم في الناظور.. اللاجئات يجبرن على ممارسة الجنس الجماعي لحماية أطفالهن من الموت.. وعشرات المواليد يواجهون قسوة الحياة دون هوية

فيتو

تعرضن للاغتصاب وقدمن أجسادهن مقابل الحماية لأجل العبور إلى أوروبا، DW عربية انتقلت إلى غابات بولينغو بضواحي مدينة الناظور شمال المغرب، والتقت بأمهات لأطفال ولدوا في رحلة العبور، يتخبطن في جحيم الانتظار.

ترتجف من شدة البرد، تحتضن طفلها الذي يبكي من الجوع، تشعر بالحزن لأنها لم تعد قادرة على التسول لإطعامه، بعد تدهور وضعها الصحي، حيث أضحت عاجزة عن الخروج من خيمتها البلاستيكية، ولم يعد لديها خيار آخر سوى الانتظار. وبمجرد أن تُسأل عن حياتها في غابة تنهمر الدموع من عينيها وتصرخ بنبرة حزينة: "أنا متعبة.. الحياة صعبة هنا".

"لست إنسانة"
"عائشة"، وهي مهاجرة من ساحل العاج، تبلغ 31 عامًا من العمر، أمضت سبعة أشهر في خيمة بلاستيكية رفقة طفلها بمخيم للمهاجرين من جنوب الصحراء في غابات بولينجو بضواحي مدينة الناظور. وأنجبت طفلها في مدينة وجدة التي تقع شرق المغرب على الحدود المغربية الجزائرية.

بحزن تتذكر المعاملة التي تلقتها في المستشفى وهي تروي ما جرى لـ DW عربية: "عاملوني كأني لست إنسانة لم أحصل على دواء بالرغم من أني كنت مريضة بشدة بعد الولادة".

وخرجت من المستشفى مباشرة بعد ولادتها، لتنام في شارع وتتسول لتطعم طفلها الرضيع، فتواصل رحلتها إلى مدينة الناظور.

الاغتصاب
وليس بعيدًا عن خيمة عائشة تقع خيمة "ماري" هي أيضا مهاجرة من ساحل العاج تبلغ من العمر 29 عاما تعيش رفقة طفليها ووالدتها، جمال ماري جعلها تتعرض لاعتداءات جنسية خلال رحلة العبور، عن ذلك تقول بنبرة حزينة "لم تكن رحلة العبور إلى هنا سهلة لقد كنت في كل محطة اتعرض للاعتداءات الجنسية من طرف المهربين، لقد تعبت نفسيا وجسديا جراء ذلك".

استغرقت رحلة ماري من ساحل العاج إلى المغرب 3 سنوات، تعرضت خلالها للعنف والاغتصاب، "وبرغم من ذلك فهي تعتبر محظوظة لأنها تمكنت من الوصول إلى المغرب في حين لقي عدد كبير من المهاجرات حتفهن خلال الرحلة أو سقطن في أيدي مافيات الاتجار بالبشر "تقول ماري.

أطفال جوعى 
تتوقف عن الحديث بعد دخول طفليها إلى الخيمة تمسح دموعها من عينيها، وتكتفي بالقول إنها "تجربة صعبة"، وبعد فترة وجيزة يخرج الأطفال من الخيمة لتنتقل للحديث عن معاناتها في المغرب، وشعورها بالإقصاء بسبب رفض المستشفيات تقديم العلاج لهم. 

وتقول في هذا الصدد بنبرة مستاءة: "نذهب إلى المستشفى ويقول لنا إنكم سود لن تأخذوا الدواء أو تستفيدوا من العلاج أطفالنا هنا في الغابة جوعى يعانون لا يوجد أكل نضطر إلى تسول لنطعم أطفالنا".

تضيف ماري: "نحاول كل يوم أن نعبر الحدود إلى أوروبا رفقة أطفالنا لكننا نفشل ونتعرض لضرب من طرف السلطات المغربية".

جولي مهاجرة من الكاميرون أنجبت طفلها في مدينة وجدة بالمغرب، تدفقت الدموع من عينيها لدى سؤالها عن كيف تعيش وطفلها في الغابة، واكتفت بالقول: "لا أستطيع الحديث إنها تجربة مريرة جدا".

الجنس مقابل الحماية
وفي ذات السياق يقول حسن العماري ناشط حقوقي ومختص في الهجرة في حواره مع DW عربية: "تعيش المهاجرة في الغابة وضعية صعبة وتضطر لتأمين الحماية لنفسها وطفلها أن تلبي الرغبات الجنسية لأحد الرجال أو اثنين أو ربما أكثر".

ودعا العماري إلى ضرورة تشكيل لجنة لمتابعة هذه الحالات، وتأسيس جمعيات تختص بهذه الفئة وتساعدها للحصول على وثائق إثبات الهوية وتوفر لها الحماية وشدد على أهمية توعية المهاجرات بحقهن في المطالبة بوثائق هوية لأطفالهن.

وأعرب العماري عن تخوفه من تزايد عدد أطفال المهاجرات بدون هوية، معتبرا أن للقانون الدولي يضمن لهؤلاء الأطفال حقهم في الحصول على وثائق تثبت هويتهم.

أطفال في حاجة لدعم
من جهته أشار الكاتب العام الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع الناظور عزيز كطوف في حواره مع DW عربية إلى أن أطفال المهاجرات من جنوب الصحراء وأمهاتهم معرضون للمخاطر في الغابات، مثل الحرائق وارتفاع درجة الحرارة والإصابة بأمراض متعددة، مضيفا أنهم لا يتلقون سوى علاجات بسيطة أحيانا وسط مركز المدينة.

واعتبر كطوف أن هؤلاء الأطفال يحتاجون الدعم النفسي بسبب إحساسهم بالهلع جراء اقتحام السلطات للغابات، مشيرا إلى أنهم لا يستفيدون من حقهم في الصحة والتعليم ووثائق إثبات الهوية.

وكشف كطوف عن عدم وجود جمعيات في جهة الشرق تهتم بهذه الفئة، واقتصارها على جمعيتين مهتمتين بالمهاجرين بصفة عامة. وعبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع الناظور عن فرحها بحكم صدر عن أحد القضاة بتسجيل أحد أطفال المهاجرين واصفة إياه بـ"سابقة" ومطالبة بفتح باب التسجيل لهؤلاء الأطفال في السجلات المدنية.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية