حسن البنا «المنسي» في ذكرى اغتياله.. أسس جماعة افترست الوطن العربي.. قضت على أحلام الديمقراطية والحداثة.. تعودت على الضرب والتنكيل والسجون من الملكية لـ«السيسي».. دمرت 25 يناير وتح
وكأنه نسيا منسيا، هكذا وربما لأول مرة يغيب على موقع إخوان أون لاين، المعبر الرسمي الاحتفال بذكرى اغتيال حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية، التي وافته المنية في 12 فبراير عام 1949، وبعد كل هذه السنوات والأحلام والفرص الضائعة، أصبحت الجماعة عبئا على المجتمع، والحياة بأكملها؛ صارت هناك دولا وشعوبا تسعى لاقتلاع الإخوان من تاريخها في الحياة العامة، وليس السياسية فقط، فما الذي حدث، وكيف انتهت الجماعة، إلى هذا الشتات؟.
من هو حسن البنا؟
هو مؤسس الجماعة، ومرشدها الأول لها؛ تلقى تعليمه في مدرسة الرشاد، ثم حصل على الإعدادية والتحق بمدرسة المعلمين في دمنهور، وتخرج بدار العلوم عام 1927 وعين مدرسا في المدرسة الابتدائية الأميرية في الإسماعيلية، إلى أن استقال عام 1946 ليتفرغ لتأسيس الإخوان.
مذكرات البنا ورفاقه، تؤكد اشتراك الرجل، وهو في الثالثة عشرة من عمره، ببعض الجمعيات الدينية، وانضمامه لاحقا لطريقة صوفية تعرف بالطريقة الحصافية، حتى صار سكرتيرًا للجمعية الحصافية للبر، ثم كوّن مع زملائه جمعية أسماها «جمعية محاربة المنكرات»، لفرض تصوراتهم على المجتمع، وكانت هذه بداية انطلاق كارثة تديين المجتمع بدين حسن البنا ورجاله.
في عام 1928، أسس «البنا» الجماعة، ثم أنشأ مجلة «الإخوان المسلمون» اليومية، وألحق بها مجلة النذير، كما ترأس تحرير مجلة «المنار» بعد وفاة رئيس تحريرها الشيخ محمد رشيد رضا؛ مرت مرحلة ملبدة بالغيوم، في واقع الجماعة، تطرفت في تصرفاتها السياسية حتى تورطت في عمليات تصفية، وكان اغتيال القاضى الخازندار، بداية النفير الذي أعلنه رئيس الوزراء المصرى آنذاك محمود فهمي النقراشى، فأمر بحل جماعة الإخوان المسلمين، في عام 1984 ومصادرة أموالها، واعتقال معظم أعضائها.
اغتياله
في مساء السبت، 12 فبراير عام 1949، وأثناء خروج البنا من جمعية الشبان المسلمين، أصيب بطلقات رصاص، ولفظ أنفاسه الأخيرة في الساعة الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل، وتعرضت الجماعة وقتها لهزة شديدة، لتعود في خمسينات القرن الماضي، ثم تخسر الفرصة بمعاداة عبد الناصر، وتتعرض لمقصلة كادت أن تقضي عليها، بعدما تتبعهم جمال عبد الناصر، وزج بهم في السجون وقطع أوصال الجماعة.
منحها القدر فرصة للنجاة مع السادات، ولكن سرعان ما أنقلبوا عليه هو الأخر، ومثلما حدث مع ناصر والسادات حدث مع مبارك حتى جاءت تفاحة أدم في ثورة يناير 2011.
وصلت الجماعة للحكم في أعقاب ثورة 25 يناير من عام 2011؛ لم تشارك الإخوان في البداية، ولم تكن من الداعين للثورة على نظام مبارك، ولكنها كانت من أهم الذين حصدوا ثمارها، ورغم ذلك انقلبت على جميع القوى المدنية والثورية، وبسببها تعرّج مسار 25 يناير، وتعرضت لمخاطر جمة، بسبب تحالف الإخوان مع القوى الرجعية للحفاظ على السلطة.
عزلها عن السلطة
انتهت الأحداث المؤسفة في تاريخ مصر، بعزل الإخوان عن السلطة، ودخولها في متاهة الصراع مع الدولة، حتى عادت للأبواب الخلفية مرة أخرى، وتوارى قادتها خلف أبواب السجون، وهرب بعضهم في شتات العالم، وتفرغوا للتحريض على الدولة المصرية، سواء بدعم الإرهاب وأهله لإيذاء مصر، أو دفع أبناء الجماعة لتكوين حركات إرهابية مسلحة، للانتقام من أجهزة الدولة الأمنية، ومؤسساتها، وهو ما جعلها لأول مرة في تاريخها، منبوذة شعبيا وإقليميا وعالميا، لدرجة أنها نسيت تأبين مؤسسها الأول في ذكرى اغتياله، وهي العادة المقدسة التي كانت تعيد فيها الأمر للمرشد الأول، وتجدد البيعة له، باعتباره «الأب والمعلم».
منتصر عمران، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، عبر عن استغرابه من تجاهل، جماعة الإخوان الإرهابية، لذكرى وفاة مؤسسها حسن البنا، مع أنها من الذكريات الروحية التي تلتف حولها الجماعة كل عام، لنبذ الفرقة بينهم والإنشقاق، وهو ما يؤكد أن الإخوان في طريقهم للذوبان في متاهة التاريخ.
وقال عمران، في تصريح خاص لـ«فيتو» إن الجماعة وصلت في أزماتها، إلى مرحلة لا يمكن تصورها، خصوصا أنها الأعنف في مسيرتها منذ نشأتها، وبما هذا ما جعلها تتجاهل تأبين البنا في ذكرى وفاته، وتوارت الذكرى وراء أزمة الجماعة، حتى إعلام الإخوان، شغله الكثير من الفشل، عن إبراز هذه المناسبة.
وكان الموقع الرسمي للإخوان، تجاهل ذكرى اغتيال حسن البنا، وحتى الآن لم يدرج الذكرى على موقعه الرسمي، ما يؤكد حجم الأزمة والتخبط الذي تعيش فيها الجماعة