رئيس التحرير
عصام كامل

عبدالرحمن بدوى..الوجودى المؤمن 4


الفترة الأخيرة من الإنتاج الفكرى والفلسفى للدكتور عبدالرحمن بدوى، خصصها كلها تقريبا للدفاع عن الإسلام ضد الحملات المغرضة والمسعورة فى الغرب، وقد صدر أول كتاب فى هذه المرحلة العام 1989 بعنوان «دفاع عن القرآن ضد منتقديه»، وفيه قال: القرآن، وكونه الأساس الجوهرى للإسلام كان هدفا رئيسيا لهجوم كل من كتب ضده فى الشرق مثلما فى الغرب وذلك منذ النصف الثانى للقرن الأول الهجرى - السابع الميلادى وحتى الآن.


أضاف بدوى: من أجل ذلك تصدينا فى كتابنا هذا لفضح هذه الجرأة الجهولة عند هؤلاء المستشرقين حول القرآن، وأستطيع أن ألخص سبب التردى الذى وقع فيه هؤلاء المستشرقون بالتالى:

ـ أولا: جهلهم باللغة العربية. 
ـ ثانيا: ضحالة ونقص معلوماتهم عن المصادر العربية.
ـ ثالثا: سيطرة الحقد على الإسلام الذى ورثوه ورضعوه منذ طفولتهم على عقولهم وتسببه فى عمى بصيرتهم. 

ـ رابعا: نقل المستشرقين للأكاذيب حول القرآن والإسلام. بعضهم عن بعض وتأكيدهم لها.

ويختتم عبدالرحمن بدوى مقدمة كتابه قائلا: «هدفنا كشف القناع عن العلماء الكاذبين الذين قدموا الضلال والتزوير لشعب أوربا ولغيره من الشعوب، وبإبراز الحقيقة الواضحة يحرز القرآن النصر على منتقديه».

يقول الدكتور عطية القوصى، فى مقدمة كتاب «دفاع عن النبى محمد ضد المنتقصين لقدره»: يعبر الدكتور بدوى عن مدى خيبة الأمل التى اكتشفها فى بعض المستشرقين ومدى الصدمة التى صدمها حيال من كان يكن لهم الاحترام الكبير فيما سبق أن كتبوه، فقد اكتشف سذاجة معلوماتهم عن الإسلام وجهلهم المطبق عن نبى الإسلام وعن التاريخ الإسلامى عموما، وتعصبهم المقيت وتحاملهم الشديد، وقال الدكتور بدوى فى مقدمته إنه بعد أن درس هذا الكم الهائل من الكتابات الزائفة التى كتبها المستشرقون عن الإسلام ونبيه وبعد أن اكتشف هذا الزيف والتضليل المتعمد والمتحامل قام بتأليف هذا الكتاب عن نبى الإسلام.

وكتب الدكتور سعيد اللاوندى بحفاوة كبيرة عن عبدالرحمن بدوى قائلا: ثمة تناقض بيّن يلحظه الدارسون لفكر عبدالرحمن بدوى، وهو أنه بدأ حياته «وجوديا يروّج للفكر الوجودى فى الشرق عبر مؤلفاته وترجماته الكثيرة، ثم انتهى فى أخريات أيامه مدافعا عن الإسلام ونبيه «صلى الله عليه وسلم» عبر كتابين نالا شهرة ذائعة وتُرجما لعدة لغات الكتاب الأول: دفاع عن محمد «صلى الله عليه وسلم» ضد منتقديه، والثانى: دفاعه عن القرآن ضد الطاعنين فيه.

وأشهد: «أن بدوى نفسه كان سعيدا بتأليفه لهما، فأذكر أنه قادنى من يدى ذات مرة فى باريس لنذهب إلى مكتبة تطلّ على نهر السين لكى أرى بنفسى الكتابين.

إذن.. فعبدالرحمن بدوى واصل نضالاته على الجانبين حتى وصل إلى كتاباته الدفاعية عن محمد صلى الله عليه وسلم والإسلام، وكتاباته الأخرى التى حاكم فيها «10» من المستشرقين.. الذين تناولوا قضايا الإسلام وثقافته وحضارته، وقد ساعد بدوى على القيام بهذه المهمة الصعبة إتقانه التام لعدد من اللغات أهمها اللاتينية «لغة العلم» واليونانية «لغة الفلسفة» إلى جانب الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية.

كان بدوى قد وصل إلى حد الاستغراق بأوضاع الإسلام والمسلمين فى العالم، وأذكر أنه حين طالع مقالة لسلمان رشدى بجريدة لوموند الفرنسية.. انفجر سبًّا فى "هذا الفاجر"- هكذا وصفه - الذى جنده الغرب للطعن فى الإسلام حتى يقال: «وشهد شاهد من أهل الإسلام».. بحسب اللاوندى.

ويكمل الدكتور اللاوندى: أذكر أننى سألته فى ذلك الوقت:
هل يعنى ذلك صحة المقولة التى تذهب إلى أن الغرب وضع الإسلام مكان الشيوعية التى انهارت، وجعله العدو الأول؟

فأجاب: «ليس فى هذا شك».. ولايزال للحديث بقية.
الجريدة الرسمية