عبد الرحمن الرافعي يكتب: مصطفى كامل إمام الوطنية
في مثل هذا اليوم ومنذ 110 أعوام رحل الزعيم الوطني مصطفى كامل.
والزعيم مصطفى كامل هو من المكافحين ضد الاستعمار وأعوانه وهو مؤسس الحزب الوطنى القديم وكذلك جريدة اللواء، كما كان من المنادين بإنشاء الجامعة الوطنية والدعوة لنشر التعليم في مصر.
ومن أهم أدواره الوطنية التنديد بالاستعمار البريطاني في مصر وما اقترفوه من مظالم فيما عرف بحادثة دنشواى وذلك في المحافل الدولية حتى اضطرت بريطانيا إلى عزل مندوبها السامي في مصر اللورد كرومر وعودته إلى بلاده.
وفى الذكرى الأربعين لرحيله كتب عبد الرحمن الرافعي بك مقالا في مجلة "الإثنين" العدد 757 عام 1948 قال فيه:
هو الزعيم والمناضل والصوت الحر مصطفى كامل..اتصلت به منذ عام 1906 حين كنت طالبا بمدرسة الحقوق، وقبل ذلك كنت أقرأ كتاباته بجريدة اللواء وأنا طالب بمدرسة رأس التين الثانوية بالإسكندرية.
لم تكن وقتئذ في ذهني صورة واضحة عن مصطفى كامل لأني لم أكن قد رأيته بعد فقد كنت لا أزال في الخامسة عشرة من عمري.
ولما ذهبت إلى القاهرة بعد انتهاء دراستي الثانوية والتحقت بالحقوق عام 1904 ترددت مع زملائي على قهوة لشارع عابدين بالقرب من موقع المدرسة تسمى قهوة الطلبة لصاحبها الخواجة أندريا قرأت في المقهى اللواء وكانت تعجبني روح مصطفى كامل ومقالاته.
وفي عام 1906 أضرب طلبة الحقوق وأنا معهم وكانت جريدة اللواء تدافع عنا ضد الإنجليز وضد الاحتلال، فتاقت نفسي إلى رؤية مصطفى كامل صاحب اللواء.
ذهبت مع بعض زملائي إلى دار اللواء وقابلت الزعيم لأول مرة، وسمعت حديثه وشعرت بتأثيره في أعماقي، ومن يومها اتخذته إمامًا في الوطنية وأبي الروحي.
أكثرت من التردد على دار اللواء لكي أقابله وأسمع صوته وخطبه القوية الحماسية، فعرض علَيّ أن أكون من تلاميذه الحافظين لعهده والسائرين على دربه.
ثم عرض على بعثة صحفية إلى باريس للتخصص في الصحافة بعد تخرجي من الحقوق، لكن وافته المنية قبل تخرجي، وقرر طلبة مدرسة الحقوق اعتبار يوم تشييع جنازته عطلة دراسية.
طبع هذا اليوم في نفسي مبادئ الزعيم وفي مقدمتها الجلاء، فصارت عقيدتي السياسية تقديرًا ووفاءً للزعيم ووضعت كتابًا عنه كتبت في مقدمته: "إلى من كانت حياته للأمة بعثًا وطنيًّا.. إلى من كان لي أبًا.. سأبقى له ابنًا وتلميذًا وفيًّا ما بقى من حياتي".