رئيس التحرير
عصام كامل

سنة أولى تطوع.. كيف يرى شباب المتطوعين تجربتهم في معرض الكتاب؟

فيتو

يختتم معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ49 فعالياته، بعد أسبوعين شهد فيهما إقبالًا مشهودًا وأنشطة لا حصر لها، ومن بين التجارب المميزة التي ارتبطت بالمعرض هذا العام مبادرة "أنا متطوع"، ففي كل "شبر" في معرض الكتاب كان هناك شاب أو أكثر يرتدون ملابس موحدة مميزة، كانوا بمثابة الدليل للزوار.. شباب" زي الورد" كان يومهم يبدأ منذ الصباح الباكر حتى السابعة مساءً، لا يكلون ولا يملون من مساعدة رواد المعرض وإرشادهم، ويوزعون عليهم هدايا تذكارية رمزية من صنع أيديهم، فتدخل على قلوب الزوار البسمة ويتركون في نفوسهم ذكرى لن تُنسى من رائحة هذه الدورة من معرض الكتاب.. أما هم – المتطوعون – فقد تركت تجربة التطوع هذه بداخلهم بصمة لن ينسوها.. كما أنها كانت سببًا في تعلمهم الكثير والكثير من الأمور عن العمل العام، وكيفية التعامل مع المجتمع.


 متطوعات تابعات للمبادرة يرشدن الزوار

كان مصطفى عز العرب، ذو الـ23 عاما، خريج كلية الآثار جامعة القاهرة قسم آثار مصرية، وأصغر أعضاء المجلس الأعلى للثقافة، هو الأب الروحي لهذه المبادرة التي لمعت في ذهنه فكرتها حينما كان عضوًا باللجنة العليا للمعرض العام الماضي، وقرر أن يلاحظ "منارة الثقافة في مصر" بعين فاحصة بعيدًا عن نظرته البريئة التي لازمته في كل زياراته للمعرض كل عام كزائر عادي، وكانت أبرز الملاحظات التي خرج بها، عدم وجود برنامج واضح للشباب وغياب المتطوعين اللهم إلا مجموعات متفرقة من الطلاب غير المدربين الذين كانوا يحاولون مساعدة الزوار في التنظيم والإرشاد، لذا قرر أن يخطو خطوة نحو تحسين الأوضاع منطلقًا من إيمانه بأهمية التطوع وامتلاكه خبرة في هذا المجال.

حينما اقترب موعد بدء المعرض هذا العام، قرر مصطفى، باعتباره عضوًا في اللجنة العليا للمعرض، المشرف على أنشطة الشباب، إثارة فكرة التطوع في مجال الثقافة والفنون التي تراوده ويؤمن بأهميتها، وأن يعرض فكرة وجود هيئة معاونة في معرض الكتاب على المسئولين، وبالفعل كان لها صدى إيجابي، وسرعان ما شرع في تنفيذها مستعينًا بجهود مجموعة من المتطوعين الذين شاركوا معه في مبادرة سابقة قد أسسها في 2015 هي مبادرة "بلدنا" التي عمل المتطوعون بها في تنظيم كثير من فعاليات وزارة الثقافة.

" شباب "أنا متطوع" كانوا بمثابة هيئة معاونة في معرض الكتاب

بعد وضع التصورات الخاصة بالفكرة، أطلق مصطفى وفريقه مبادرة للمتطوعين الراغبين في العمل بمعرض الكتاب تحت مظل "أنا متطوع"، وانهالت عليهم طلبات الراغبين في الانضمام إليهم، التي وصل عددها إلى نحو 3500 رغبة، وكانت مرحلة تصفيتهم هي الأصعب، وعن هذه المرحلة يحكي مصطفى "عملية التصفية ما كانتش عشوائية.. قررنا أن نستبعد المتقدمين من خارج القاهرة مع العلم أنهم هيتم استغلالهم فيما بعد في معارض الكتاب في المحافظات اللي بيعيشوا فيها.. وكنا بنختار الشباب الأصغر سنًا والشباب التي مجالات كلياتهم أقرب إلى المجال الأدبي.. ومن الكليات العلمية اخترنا عددا قليلا من اللي عندهم ميول ثقافية وكمان كان من أولويات اختيارنا أن يكون المتقدم لديه خبرة في العمل التطوعي".

الخريطة كانت لا تفارق شباب "أنا متطوع" في ساحة المعرض

وصل عدد المتطوعين بعد التصفية إلى 500 متطوع من الشباب والشابات المتحمسين للعمل العام، الذين تلقوا تدريبات على مدار يومين، يوم في أرض المعارض للتعرف على طبيعة العمل، ومتابعة إعداد وتجهيز المعرض، ويوم في جامعة عين شمس للحصول على المعلومات اللازمة لهذا العمل التطوعي.

 500 شاب وشابة تطوعوا للعمل في معرض الكتاب هذا العام تحت مظلة "أنا متطوع"

مع بدء المعرض كانت خيام المتطوعين قد نُصبت في مكانها.. 4 خيام عند أربعة أبواب لضمان تغطية المعرض بالكامل، كل خيمة بها 3 أنواع من المتطوعين وكل مجموعة تضم 20 متطوعا، النوع الأول كان مجموعة "الخطوط" الذين يكتبون لزوار المعرض أسماءهم بالخط العربي على أوراق، والآخرين لجنة الفنون المسئولين عن إعداد وتقديم الهدايا للزوار، والمجموعة الثالثة هي المجموعة الإرشادية للزوار في المعرض، المزودون بالخرائط والمعلومات للإجابة على كل تساؤلات الجمهور، وإلى جانب معلوماتهم فهم يمتلكون تطبيق Ask Me، كما أن هناك مجموعة من المتطوعين كانوا يعملون في لجان الإعلام الذين يقومون بالتغطية الإعلامية لفعاليات المعرض وكذلك لجنة التوثيق، كان المتطوعون يعملون بالتبادل يوما ويوم لكي لا يصيبهم الملل أو التعب.. عمل متواصل طوال أيام المعرض دون أي مقابل مادي فقط وجبة يومية، كان المقابل الحقيقي لهذا العمل المتواصل كامنًا في التجربة ذاتها.

"خمسة راحة" للمتطوعين في معرض الكتاب

وعن تقييمه لـ"سنة أولى" "أنا متطوع" في معرض الكتاب يحكي مصطفى "جو التجربة طول أيام المعرض كان جميلا وكان لازم يكمل بالشكل الجميل ده.. 500 متطوع زي الورد كانوا متحمسين للشغل نحو 56% منهم بنات كانوا بيشتعلوا طول اليوم واندمجوا هما والشباب في العمل العام في مجال الثقافة.. كل ده بالنسبة لي نجاح.. الشباب المتطوع دول حافظين حاليًا أسماء دور النشر بأسماء أصحابها.. وما استبعدش أن يبقى في منهم في يوم من الأيام وزيرا للثقافة".

 لحظة راحة في يوم عمل شاق

ويستطرد مصطفى في تقييمه للتجربة "الموضوع كان جديدا.. ولازم يكون فيه سلبيات.. أهم حاجة أننا لازم نتفاداها في التجربة اللي جاية.. لازم نبدأ بدري.. ولازم نتابع مع دور النشر أولا بأول عشان يبعتولنا كل البيانات الكاملة.. ولازم ندرب الشباب كويس على أجهزة الكمبيوتر وعلى تطبيق ask me قبل بدء المعرض.. بس في العموم كانت تجربة حلوة.. وأتمنى الاهتمام أكثر بالعمل التطوعي في مصر لأنه بيوفر على الدولة فلوس وعمالة.. وإحنا في المبادرة دي وفرنا على وزارة الثقافة نحو مليون ونصف المليون جنيه.. لأن لو كل واحد من المتطوعين كان خد 1500 جنيه على مدى أيام المعرض زي ما بيحصل عادة في المؤتمرات والمعارض كنا هنكلف الوزارة كتير وده بيأكد أن التطوع مش هيافة زي ما بعض الناس بتشوف".

 إحدى المتطوعات أثناء التغطية الإعلامية لإحدى فعاليات معرض الكتاب

أما محمد صبري، مسئول قسم الميداني بمبادرة "أنا متطوع" في معرض الكتاب هذا العام، فقد كان مشاركًا بفعالية في المبادرة هذا العام بحكم عمله كأحد القادة، ويؤكد أن المبادرة حققت نجاحًا مشهودًا في المعرض، فقد كانت هي المسيطرة في مجال إرشاد الزوار وكان متطوعوها في كل "شبر" في المعرض، كما أنه يرى أن أعضاء اللجان المختلفة التابعة للمبادرة قاموا بأدوارهم على أكمل وجه، وقدموا أفكارًا جديدة ومبتكرة، وعمل محمد مع زملائه القادة المسئولين عن شباب المتطوعين بجد وجهد طوال فترة المعرض، كان يأتي يوميًا منذ الصباح الباكر قبيل الساعة التاسعة ويظل متابعًا للعمل حتى السابعة والنصف مساء لكي يتأكد من أن كل شيء على ما يرام ولكي تُكلل كل هذه الجهود والخطط التي بدأت قبيل بدء المعرض بالنجاح.

المتطوعون في كل " شبر" من معرض الكتاب

كان الاشتراك في مبادرة "أنا متطوع" بالنسبة إلى مريم، طالبة كلية الهندسة ذات الـ22 عاما، نافذة إلى عالم لم تكن تعرف عنه شيئًا من قبل.. عالم الفن والأدب والثقافة.. كما أنها كانت بوابة قابلت تحت مظلتها الكثيرين من مختلف الكليات والأعمار وتعلمت فيها الكثير عن مجال العمل العام، كما أنها اكتسبت مهارات جديدة في تجربتها الأولى في عالم التطوع.

ولقد اكتشفت مريم جانبًا جديدًا في نفسها من خلال لجنة الفنون في المبادرة، فقد تعلمت صناعة تذكارات فنية لزوار المعرض وهو الأمر الذي لم تكن تعرف عنه شيئًا من قبل "أنا اتعلمت إزاي أعمل تذكارات وزعناها على الأطفال مع لجنة الفنون ودي حاجات ماكنتش أعرف عنها قبل كده واتعلمتها هنا مع طلاب كلية الفنون.. أنا مبسوطة جدًا بالتجربة.. واتعلمت منها بجد كتير".

 لجنة الفنون تصنع هدايا تذكارية للزوار

أما نوران مسعد، طالبة بكلية علاج طبيعي ومتطوعة في "أنا متطوع"، فتمتعت بكل لحظة قضتها في العمل تحت مظلة مبادرة " أنا متطوع" في معرض الكتاب، فقد كانت تعمل في لجنة الخط العربي وشاركت بخطها الجميل الذي تعمقت في تعلمه كهواية في إسعاد زوار المعرض "أنا شاركت أني أعمل هدايا تذكارية للزوار بأننا نكتب أسماؤهم بالخط العربي على الورق.. بنعمل ده للكبار والأطفال عشان نبسطهم ويفتكروا دايمًا أن الدورة دي من المعرض كانت غير"، وتؤكد نوران أن المبادرة بشكل عام مفيدة، فهي لها إيجابيات بالنسبة للمتطوعين أنفسهم فقد مدتهم بخبرة في العمل الميداني وفي التعامل مع الآخرين وكيفية التواصل الجيد معهم، كما أنها كانت مفيدة بالنسبة للزوار، فقد وفرت لهم المبادرة الإرشادات والهدايا.

اكتب اسمك بالخط العربي.. أحد أنشطة المبادرة

الجريدة الرسمية