كواليس حرب الدجاج المجمد بين حيتان الاستيراد وأباطرة الأسعار.. 5 مستوردين كبار يسيطرون على الأسواق ومصر تحتاج 80 ألف طن سنويا لسد الفجوة.. و«القابضة» أغرقت السوق بالمستورد
>> مربو دواجن يعترفون بتوريد «فـراخ مريضة» قبل نفوقها جراء الفيروسات الصدرية
كلما وضعت حرب الدواجن أوزارها تشعلها الأسعار بين مافيا بالداخل تحافظ على مكاسبها من هذه الصناعة الرابحة ولا تتورع في تشويه الدواجن المستوردة وسط شائعات مشكوك فيها أنها منتهية الصلاحية أو بها سم قاتل، مشيرة إلى سعرها الزهيد «13 جنيهًا»، وحيتان الاستيراد الذين تشغلهم الأرباح الضخمة وحدها فيجلبون شحنات من اللحوم البيضاء، قبل أن تفوح رائحة فسادها بأيام، ليتم طرحها في الأسواق وتباع على الأرصفة بأسعار لا تنافس، وبين هؤلاء وأولئك تضيع الحقائق وتنتشر الشائعات.. فما هي القصة بالضبط؟
رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية بالقاهرة الدكتور عبد العزيز السيد يلقي بالمسئولية على الشركة القابضة التي أغرقت الأسواق بكميات كبيرة من الدواجن دون بحث متطلبات السوق مع غيرها من الجهات التي يؤثر هذا القرار فيها، لافتًا إلى أن تقاعس اتحاد منتجي الدواجن عن توريد 20 ألف طن سنويًا بسعر 20 جنيهًا للشركة القابضة نتيجة البروتوكول الذي تم توقيعه مع وزارة التموين ودعم هذه الكميات بـ9 جنيهات للكيلو جرام من صندوق تعويض الدواجن بوزارة الزراعة وراء هذه المشكلة التي دفعت وزارة التموين لاستيراد الدواجن البرازيلية دون مراعاة لحجم احتياجات السوق منعًا لانهيار صناعة الدواجن الوطنية من وجهة نظره.
ويوضح «السيد» أن كيلو الدواجن المستورد بدون رسوم جمركية يتراوح ثمنه بين 25 و26 جنيهًا وفي حالة فرض تعريفة جمركية لا تقل عن 30% فإن سعر الكيلو جرام سوف يبلغ 36 جنيها ومع ذلك يتم طرحه بالخسارة في ظل ثورة انخفاض الأسعار ليصل إلى 34 جنيها.
وكشف رئيس شعبة القاهرة أن هناك 5 حيتان للدواجن يسيطرون على السوق ويزعجهم تراجع الأسعار على هذا النحو ما يدفع إلى إطلاق الشائعات يمينًا ويسارًا حول الدواجن البرازيلية، التي أثبتت جميع الجهات الحكومية المختصة سلامتها وصلاحيتها للاستهلاك الآدمي، وعدم صحة الأكاذيب التي تم ترويجها بشأنها.
وبدوره.. يؤكد رئيس شركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية بوزارة التموين العميد إيهاب الليثي أن كل ما تردد بشأن الدواجن البرازيلية في الفترة الأخيرة أكاذيب، واصفًا ما يجري أنه «حرب مصالح فقط»، مشددًا في الوقت ذاته على أن مجمعات الأهرام لا تبيع للمواطنين منتجات فاسدة أو غير صالحة، ولفت «الليثي» إلى أن المجمعات تحصل على الدواجن من شركة شقيقة هي المصرية للحوم والدواجن التي تملك كل أجهزة التحاليل لفحص منتجاتها واختبارها.
الخبير الصحي البيطري بالجمعية المصرية للأمم المتحدة الدكتور عصام رمضان يقر بوجود صراع واضح وصريح بين مافيا الداخل من كبار منتجي الدواجن والمستوردين الذين يزعجهم تراجع الأسعار، ولا يشغلهم إلا الثراء السريع واستنزاف الفقراء، مؤكدًا أن العينات التي سحبها الطب البيطري من الأسواق وتم إرسالها إلى المعامل المركزية بوزارة الصحة بينت صلاحية تلك الدواجن وأظهرت كل الأكاذيب التي راجت حولها من “أصحاب المصالح والحيتان الكبار”.
في سياق متصل، أكدت مصادر من داخل لجنة مراقبة إنتاج وأسعار الدواجن التي شكلها عبد المنعم البنا، وزير الزراعة، أن الأسعار خلال الفترة الأخيرة كانت تتجه للارتفاع، وهو ما استوجب استيراد كميات بأسعار منافسة للمحلي وتحدث توازنا في الأسعار لتوفير المنتج للمستهلك بسعر مقبول.
وشدد الدكتور أحمد عبد الكريم، مدير الحجر البيطري بهيئة الخدمات البيطرية، أن شحنات الدواجن المجمدة التي دخلت البلاد خلال الفترة الأخيرة خضعت لإشراف دقيق من قبل لجان بيطرية تفحص مزارع المنشأ والمجازر التي تذبح فيها تلك الدواجن وطريقة ذبحها، موضحًا أن انحفاض أسعار تلك الدواجن يعود إلى تاريخ صلاحيتها الذي قارب على النفاد فأغلب المعروض حاليا ينتهي تاريخ صلاحيته بعد شهر أو شهرين.
في المقابل، قال الدكتور ثروت الزيني، نائب رئيس اتحاد مربى الدواجن، إن الاستيراد العشوائي أضر بالصناعة التي يعمل بها 2 مليون مواطن، أغلبهم في الريف والقرى الداجنة التي تنتشر في وسط الدلتا، مشيرًا إلى أنه في الوقت الحالي يزيد النافق في المزارع الصغيرة وزاد عليه نزول الدواجن المستوردة التي قاربت صلاحيتها على الانتهاء بأسعار بين 12 و18 جنيهًا، في حين أن سعر استيرادها يبلغ 1600 دولار للطن أي 29 جنيهًا للدجاجة الواحدة، وهو ما يمثل لغزا محيرا لنا في الوقت الحالي.
وكشف الزيني، أن الدولة استوردت 226 ألف طن خلال الفترة الأخيرة ودخلت إلى البلاد دون أن تفرض عليها الجمارك المفروضة عليها قانون بنسبة 30%، وهو ما أضاع على خزينة الدولة مليار و850 مليون جنيه حصيلة الجمارك.
ولفت إلى أن تلك الدواجن من الممكن أن تكون صالحة للاستهلاك حتى دخلت البلاد وبدأت عمليات غير سليمة تتم لتسييح كميات كبيرة من الدواجن من بعض التجار وإعادة تعبئتها مرة أخرى وطباعة تاريخ صلاحية جديد عليها يمتد إلى العام وهو فساد مطلق فتحت أبوابه بدخول تلك الشحنات بهذه الكميات غير المفهومة.
المثير أن مربي الدواجن في القرى والمحافظات اعترفوا من جابنهم بتوريد مزارع كثيرة لدواجن مريضة قبل نفوقها بسبب اشتداد موجات الفيروسات الصدرية خلال موسم الشتاء لتحاشى الخسارة الكاملة بما يعرف بتوريد “العنابر الشمال”، حيث قال عبد الخالق النويهي، نائب رئيس رابطة مربو الدواجن بالغربية لـ “فيتو”، إن الدجاجة المصابة بالأمراض الصدرية لا تؤذي المواطن، فأمراض النيوكاسل أو الآي بي- أمراض صدرية تصيب الدواجن– ولا تنتقل إلى الإنسان وأن تلك الدواجن على الأقل معلومة المصدر بخلاف الدواجن المستوردة من البرازيل ودول أخرى وتباع بأسعار رخيصة وربما تكون منتهية الصلاحية، مؤكدًا أن مزارعهم لا تخضع لكل اشتراطات الأمان الحيوي نظرًا لقلة الإمكانيات بالنسبة للمربين الصغار والتربية المنزلية وأنهم يحتاجون إلى قروض ميسرة للتطوير أو للانتقال إلى الصحراء وبناء عنابر وفق المعايير القياسية للأمان الحيوي.
ومن جانبها كشفت مصادر بوزارة الزراعة أن الوزارة طرحت نظامًا لتطوير الأمان الحيوي بالمزارع دون استجابة من المربين أو مصادر التمويل الحكومية والخاصة، حيث كان الهدف من تجربة العنابر المغلقة رفع نسب الإنتاج وتحسين معدلات الأمان الحيوي في تلك المزارع، لتعظيم الناتج العام من اللحوم البيضاء.
يشار إلى أنه وفقًا للغة الأرقام التي هي أصدق أنباء من الكلام المرسل، فإن مصر بحسب بيانات الغرف التجارية تنتج ما يقرب من 800 مليون دجاجة سنويًا من الإنتاج المحلي ومليار و200 مليون كتكوت لصناعة كثيفة العمالة في كل مراحلها تقترب استثماراتها من 80 مليار جنيه منذ التعويم وتغطي احتياجات السوق المحلية بنسبة تتراوح بين 95 و97% وتصل الفجوة للاكتفاء الداجني إلى ما بين 60 و80 ألف طن سنويًا.
"نقلا عن العدد الورقي.."