رئيس التحرير
عصام كامل

أسباب رفض الجهاديين لكتابة مذكرات حياتهم.. الأسباب الأمنية تمنع تدوين سيرتهم الشخصية.. الإيمان بالعمل الخالص لله ضمن القائمة.. والثغرات الفكرية تخيف خفافيش الظلام

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية


رغم وجود عشرات النماذج الجهادية، التي حاولت فرض أفكارها بالقوة والسلاح والدم، وخصوصًا تلك التي حاولت إعادة مجد الخلافة، من منتصف القرن الماضي، وحتى الآن، إلا أنها بدأت وانتهت، دون توثيق للتجربة من أصحابها؛ لم يُقدم أحدهم على كتابة سيرة ذاتية، أو تجربته الشخصية، بما يمكن المجتمعات من الاستناد إليها، في فهم الكيفيات الفكرية والنفسية للجهاديين، وتقييم التجربة من أصحابها، وما الذي انتهوا إليه فيها.


حركات متعددة بأسماء متكررة

وفي كتاب دليل الحركات الإسلامية، يشرح الباحث عبد المنعم منيب، صعوبة الاعتماد على مصادر خارجية لمعرفة كيف يفكر الجهاديون، لندرة الكتب التي خرجت من هؤلاء وتتحدث عنهم، وكشف الباحث عن أمر آخر شديد الغرابة، وهو عدم اهتمام الجهاديين على العمل تحت لافتة تميزهم، فبعضهم يطلق على نفسه اسم غير دقيق، أو ملتبس مع جماعة أخرى.

ويؤكد «منيب» أن الباحثين أطلقوا على كل من لا يصف نفسه بشكل دقيق، ويوضح مواقفه الفكرية والسياسية بالسلفية الحركية، أو السلفية التقليدية الجديدة، لافتا إلى أن الدعوة السلفية الشهيرة، سميت بهذا الاسم، بسبب هذه الإشكالية، ومن هذا المنطلق، تم تسمية كل الحركات السلفية المشابهة لها بـ«السلفية العلمية».

الإعلام صاحب الفضل

ويكشف الباحث في شئون الحركات الإسلامية، أن جماعة الجهاد ظلت لفترات طويلة تعمل دون اسم، حتى أطلقت عليها وسائل الإعلام، حزب التحرير، وذلك في أعقاب تنفيذ عملية الفنية العسكرية الشهيرة، في سبعينات القرن الماضي، وواصلت الجماعة عملها دون اكتراث بالاسم الإعلامي الأول لها، حتى أطلقت عليها وسائل الإعلام من جديد في أواخر السبعينات "جماعة الجهاد"، وهو ما ارتضته لنفسها، ولكن المثير في الأمر، أن كل المجموعات التي انشقت عن الجماعة، ودارت في نفس فلكها الفكري والعقائدي، اتخذت لنفسها نفس الاسم.

السرية والأمن

يرى إبراهيم ربيع، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أن السبب في عدم اهتمام الجهاديين بكتابة سيرهم الذاتية، "السرية" التي تكتنف عمل هذه الجماعات، بجانب اهتمامهم دائما بالجانب العملي على حساب النظري، بالإضافة إلى تصورات عقائدية، ترى في هذه الأعمال أنها خالصة لله، ومن ثم لا يجب الإفصاح عنها.

ويوضح «ربيع»، أن جانب مهم، في إخفاء السير الذاتية، أمني بامتياز، بسبب الخوف على التنظيم من كشف أسراره لاحقا، وتعقب أفراده وعائلاتهم، خصوصا وان جانب كبير من استمرارهم يكمن في قدرتهم على التخفي، وتجهيل المعلومات الشخصية لعناصرهم، غير أن الزخم المعلوماتي بحسب «ربيع» دمر كثيرا من هذه الفرضيات، خصوصا أن كشف ادبيات التنظيمات الجهادية، وهي أمور لم تكن متاحة من قبل، جعل الأجهزة الأمنية في البلدان المختلفة، تبنى خططها خلال مواجهتهم، على الثغرات الفكرية والعقائدية، وليس الأمنية فقط.
الجريدة الرسمية