رئيس التحرير
عصام كامل

كيف يصطاد باعة الكتب زبائنهم في معرض الكتاب..«العين تعشق قبل القلب» (صور)

فيتو

كتب مُعلقة وأخرى "مرصوصة" بعناية لتبدو كأنها مُحاطة بإطار.. وأخرى مرتبة بلمسات فنية.. نظمها ونسقها بشغف وحب الشاب العشريني "عبد الرحمن"، الذي تولى مسئولية ترتيب الكتب وعرضها في شادر مكتبة دار رواية بمعرض الكتاب هذا العام، وكان قاصدًا متعمدًا أن يبتكر تلك الأشكال عند رص الكتب.. فهو يؤمن كامل الإيمان بمقولة "العين تحب قبل القلب"، وأن عين الإنسان تحب الجمال.. وتنفر من العشوائية والزحمة والقبح، لذا فإنه حينما كان يُعد الشادر استعدادًا لبدء المعرض.. قرر أن يفرج عن طاقاته الكامنة التي كان يتمنى أن يوظفها في تعلم فن الديكور قبيل أن يقوده قدره إلى العمل في مجال الكتب.. وأن يُخرج المكتبة وكتبها في أبهى حلة تجذب عين الزبون بجمال "رصتها".



 عرض الكتب في سور الأزبكية.. "فن" لجذب عين الزبون

"أنا مؤمن أن عرض الكتب في المكتبة فن.. ببقى قاصد أظبط شكل الكتب ورصتها عشان تعجب عين الزبون.. بعمل بالكتب أشكال كتير.. وكل شوية بغير الرصة وشكل عرضها.. ومن خبرتي في المجال ده العرض المبتكر للكتب فعلًا بيلفت نظر الزباين وبيخليهم يقفوا يتفرجوا على الكتب عندنا"، يستكمل عبد الرحمن حديثه عن تأثير "فن عرض الكتب" على "الزباين".. "المكان لما بيكون فيه أكتر من شكل لعرض الكتب بيلفت انتباه عين الزبون وبيخليه يركز كويس عكس ما تكون الكتب كلها مرصوصة بشكل واحد على الرف أو معروضة بطرق تقليدية.. مش بتتشاف"، وعن مصدر أفكاره يؤكد عبد الرحمن  "دي كلها بنات أفكاري.. وأنا بقعد أجرب وأغير كتير.. ومش بلجأ خالص للإنترنت".


عبد الرحمن: العرض المبتكر للكتب يلفت انتباه الزباين

"السر".. "نادر فودة".. "1984".. وغيرها من الكتب التي تحظى بشهرة واسعة.. كانت تتصدر واجهة المكتبة في معرض الكتاب.. وبطبيعة الحال لا يمكن أن تنال هذه الكتب نصيب الأسد من العرض بالواجهة مصادفة، فعبد الرحمن تعمد وضع كل كتاب منهم في مكانه.. فهذه من أهم القواعد التي يعتمد عليها في عرض الكتب.. حيث يضع عادة الكتب الأكثر مبيعًا والعناوين الجذابة التي يكون هو وزملاؤه على علم أن الإقبال عليها كثيف في الصدارة، وعلى الأرفف يضع الكتب التي لم يختلف عليها ذوق القراء يومًا كمجموعة "الشوقيات" على سبيل المثال، وفي صف فوق بعضه، رص عبد الرحمن الكتب "الوحايد" أي تلك التي لا يوجد منها سوى نسخة واحدة لديهم.


 الكتب الأكثر مبيعًا والعناوين الجذابة تكون دومًا في واجهة المكتبة

ومن أهم القواعد التي يعتمد عليها عبد الرحمن أيضًا في "رص" وعرض الكتب أن يبدو غلاف الكتاب ظاهرًا بارزًا، فهو يرى أنه إذا بدا من الكتاب كعبه فقط فلن يلتفت إليه أحد، فعين الزبون "تزوغ" مع العشوائية وتبتعد لا إراديًا عن "الدوشة" وحينما تُرتب الكتب فوق بعضها البعض دون أن يبدو غلاف الكتاب واضحًا سينصرف الزبون فورًا عن متابعة البحث عما يريد.


"إبراز غلاف الكتاب".. من أهم قواعد فن عرض الكتب

وفي إحدى المكتبات الأخرى بالسور، تبرز مجلدات حمراء منسقة ومرتبة بفن.. الكتب بجوار بعضها البعض تكون منظرًا أشبه بلوحة ملونة، وبين هذه الكتب يتحرك وائل سمير، صاحب دار الخلود للنشر، بخفة، يلتقط كتابًا من هنا وهناك بناء على طلب الزبائن، خفة نابعة في الأساس من "فن رص" وعرض هذه الكتب في مكتبته بسور الأزبكية بمعرض الكتاب، فهو يضع كل الكتب التي تنتمي إلى مجال واحد في الصف ذاته بجانب بعضها البعض لكي يسهل انتقاءها عند طلب الزبون، وإلى جانب هذه السهولة في الانتقاء فقد حققت الألوان التي اختارها للكتب بُعدًا جماليًا وفنيًا للمكتبة أسهمت في لفت انتباه كل من يمر بجانبها.

المجلدات بألوانها تضفي على المكتبة بُعدًا فنيًا وجماليًا.. وتجذب العين

وفي حال تعدد أجزاء الكتاب الواحد فإن وائل يحرص على وضع تلك الأجزاء بجوار بعضها البعض وأن تكون كلها ذات لون موحد حتى تعطي شكلًا جماليًا للأرفف وفي الوقت ذاته يدرك القارئ أن كافة أجزاء الكتاب متوفرة.


الأجزاء المتعددة للكتاب الواحد يتم "رصها" بجوار بعضها البعض بلونها الموحد

"عرض الكتب واجهة للزبون.. لازم الشغل يبقى منسق عشان اللي واقف يبقي عارف أماكن الكتب واللي جاي يشتري يقدر يتفرج ويختار براحته"، هكذا يؤكد محمد فتحي، الذي يعمل بإحدى مكتبات سور الأزبكية، فهو يُبدي اهتمامًا كبيرًا بترتيب الكتب بعناية، ويعرض كتبه وفقًا لقاعدة "العناوين الجذابة"، "أنا بحب أختار كتب عناوينها تشد عين الزبون وأخليها في الواجهة.. كتاب طفلك والقرآن ده مثلًا حلو والزباين ممكن تشتريه وبتعمد أحط جنبه كتاب تاني عنوانه يلفت الانتباه وهكذا.. والزبون كده يبقى داخل يشتري كتاب واحد يخرج وهو مشتري 3"، ويشبه محمد عملية عرض الكتب بما يقوم به أصحاب محال الملابس "بيبقى في واجهة المحل لبس ألوانه مزهزة عشان يجذب النظر وإحنا بنعمل ده بالظبط".


محمد: بحب أختار كتب عناوينها تشد عين الزبون وأخليها في الأول

وفي مكتبة دار الحرم بسور الأزبكية المختصة بالكتب التاريخية والتراثية والدينية، يجلس محمد صبحي بين الكتب التي تولى مسئولية رصها وعرضها في المكتبة منذ بداية المعرض.. ويحكي عن فلسفته في عرض الكتب، "الموضوع عمره ما كان عشوائيا.. وأنا بعرض الكتب وبرصها حسب الموضوعات.. ده من وجهة نظري بيبقى أسهل عليا وعلى القارئ"، بالإضافة إلى ذلك فهو أيضًا يضع في واجهة المكتبة كتبًا عادة ما يقبل عليها جمهور المعرض "من خبرتي في الشغلانة دي  عارف الناس بتحب إيه.. وعشان كده بعرضه في الأول.. مثلًا زي كتاب الغزالي، والكتب التاريخية وكمان الكتب اللي بتحكي عن شخصيات مهمة في التاريخ زي مثلًا الملك فاروق وجيفارا.. كل دي كتب الجمهور بيحبها ودايمًا بتتعرض عندي في الأول".
في دار الحرم.. مكان الكتب في المكتبة يتوقف على عناوينها وموضوعاتها
الجريدة الرسمية