اعتقنا يا دكتور شاكر لوجه الله!
جاء قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي طالب به وزير الكهرباء والطاقة الدكتور محمد شاكر بأن يتم مد خطة رفع الدعم النهائي على الكهرباء ليكون هذا الرفع خلال ثلاث سنوات بدلا من يوليو 2018 كما كان معدا سلفا، ليعيد الروح إلى المواطنين البسطاء، وذلك مراعاة لظروف المواطنين الاقتصادية الصعبة..
جاء هذا القرار لإحساس الرئيس بأهمية الجانب الإنساني في الخطة الاقتصادية التي تهدف إلى تحرير أسعار الخدمات المقدمة للمواطن، بحيث يؤدي المواطن سعر الخدمة دون أي دعم، ضمانا لحسن أداء الخدمة، وإقالة المرافق المختلفة -خاصة الكهرباء والبترول والمواصلات– من عثرتها..
وقد ذكر السيد وزير الكهرباء أن الحكومة ليست سعيدة وهي تضع الأسعار الجديدة للكهرباء، ولكنها مضطرة لذلك، حيث إن ميزانية الدولة تتحمل 52 مليار جنيه سنويا لدعم الكهرباء مع ارتفاع سعر الصرف عالميا؛ مما جعل الحكومة تتحرك في محاولة لسد الفجوة بين الدعم والتكلفة الفعلية، كما ذكر السيد الوزير أن الحكومة قد استعانت بمستشار أجنبي عالمي خلال خطة رفع الأسعار الجديدة – قبل قرار السيد رئيس الجمهورية – للكهرباء، ليكون بمثابة الطرف الثالث المحايد بعد الحكومة والمواطن، حيث تكون حياديته في وضع سعر مناسب للكهرباء..
وهنا أجد أنني أضع نفسي مكان ذلك المستشار الأجنبي، وطبعا لن أتقاضى مليما واحدا، وأقدم تقريري المحايد ولوجه الله للسيد وزير الكهرباء، وسيشتمل ذلك التقرير على ما يلي:
"السيد المحترم وزير كهرباء مصر، بعد التحية، أُعلِم سيادتكم أنه بعد دراستي لحالة المواطن المصري، وتقييم أسعار الكهرباء وجدت أن المواطن المصري "الغلبان" قد تحمل الكثير من المعاناة بعد رفع أسعار شرائح الكهرباء أكثر من مرة خلال العامين الماضيين فقط، وبعد تحرير سعر صرف العملات الأجنبية في مقابل الجنيه، ذلك القرار الذي أدى إلى تخفيض قيمة الجنيه بنسبة لا تقل عن 45%، ثم كان قرار زيادة أسعار البنزين وكل مشتقات البترول.
فكان ارتفاع الأسعار في كافة السلع بصورة كبيرة، وأحيانا مبالغا فيها، وفي ذلك التوقيت تم رفع أسعار الكهرباء وتحمل المواطن الراغب في استقرار وطنه وأمنه، وتنفيذ العملية الجراحية الاقتصادية التي تنتشل الوطن من الغرق والكساد والدمار الاقتصادي، ولم يشك ذلك المواطن المصري البسيط أو يتذمر على أمل أن تتحسن الأوضاع.
وبالفعل كان الأمل المشرق متمثلا في عطاء الله لذلك المواطن من خلال الإعلان عن حقل ظهر للغاز الطبيعي في البحر المتوسط، والذي سينقل مصر لتكون من أهم دول العالم المصدرة للغاز، بعد أن تحقق الاكتفاء الذاتي منه، وتوفر ما مقداره 2 مليار دولار سنويا، وزاد الأمل مع اقتراب انتهاء المشروعات العملاقة التي ستعطي ثمارها بإذن الله، فكان حلم ذلك المواطن أن تستقر الأوضاع الاقتصادية..
فضلا عن أن يجني الثمار ويستمتع بالأرباح في صورة ثبات للأسعار المقدمة، سواء في الكهرباء أو غيرها، مع ثبات أسعار السلع، وزيادة ملموسة في المرتبات لكنكم –سيادة الوزير– فاجأتموه بتفكيركم في رفع أسعار الكهرباء، طبعا طبقا للاتفاق مع صندوق النقد الدولي، فهل رحمتم ذلك المواطن الصابر الذي تحمل معكم حتى ظهرت بشائر الخير؟ وتكتفون بالنسبة للمواطن الذي يصل استهلاكه إلى 500 كيلووات بما تم رفعه من أسعار تعوضونها من خلال رفع الشريحة لتصل إلى السعر الحر على المواطن القادر، والذي يستهلك أكثر من ذلك..
علما أن غير القادرين نسبتهم كبيرة، والقادرين نسبتهم أقل، فيجب النظر للمواطن البسيط المتوسط بعين الرعاية والعطف وهو يتجه نحوكم قائلا في ذلة: "اعتقوني لوجه الله".
فرأيي أن يعتق ذلك المواطن البسيط من باقي رفع أسعار الكهرباء، والاكتفاء بما تم رفعه له، خاصة وأن حقل ظهر سيوفر الغاز المستخدم في المحطات والمحولات الكهربائية بما يقلل من تكلفة الكيلووات، ويكون ذلك التوقف بمثابة بارقة الأمل والمكافأة العاجلة على صبر ذلك المواطن، فإن كانت الحكومة بالفعل غير سعيدة برفع شرائح الكهرباء على المواطن كما تقول، فالمواطن سيكون شاكرا للحكومة لو حوَّلت عدم سعادتها من أجله إلى سلوك فعلي ورأفت بحاله.
ويجب النظر إلى ما يفعله الرئيس السيسي من أجل مصر ومواطنيها البسطاء، فهو لا يكل ولا يمل من افتتاح المشروعات العملاقة من أجل مستقبل المصريين جميعا، وعينه دائما على ذلك المواطن البسيط، ويبذل جهده من أجل راحته، فيجب أن تكون الحكومة على قدر ما يكنه الرئيس لذلك المواطن، وأن تتخذ من الإجراءات ما يخفف عنه ووقتها سيكون الرئيس أكثر السعداء بهذه الإجراءات التي تيسر الحياة على المواطن البسيط، وفي الوقت نفسه تعيد الوطن لمساره الصحيح وترتفع بشأنه..
فالرئيس لا مانع لديه مطلقا من إيجاد هذه الحلول، ويأمر بالتفكير الدائم فيها بل وأحيانا يتخذها منفردا ليخفف عن كاهل المواطن البسيط، لكن الحكومة تستسهل في بعض الأحيان الحل ولو فكرت لوجدت حلولا كثيرة تخفف عن ذلك المواطن.
سيادة وزير الكهرباء أنا أعلم أن أسعار الطاقة عالميا قد ارتفعت، وأن أسعار الكهرباء قد ارتفعت، وأعلم أن الدولة تتحمل مبلغا كبيرا لتصل الخدمة بسعر مناسب لأفراد الشعب، لكني أعلم أيضا أنه يجب أن نراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي في خطة رفع أسعار الكهرباء، فهناك، يا سيادة الوزير، من لم يعد قادرا على دفع الفاتورة من الأساس، ولم يتم النظر له بعين الرعاية، ولا يمكن بحال من الأحوال أن تتم خطة رفع الدعم كليا عن مثل هذا المواطن..
خاصة أنه لم يعوض بشيء يجعله قادرا على دفع الفاتورة التي سترتفع، فهل تنظر الوزارة الكريمة لمثل هذا المواطن، وتحدد طبيعة العلاقة الإنسانية به من خلال استهلاكه الذي يعبر عن مستواه الاقتصادي، أو حتى تجعل لمثل هذا المواطن نظاما خاصا في المحاسبة يراعي مستوى دخله، وهو السند الحقيقي لهذا الوطن؟ نأمل ونرجو ذلك في القريب العاجل، ولسيادتكم جزيل الشكر.