نعمان عاشور يكتب: المسرح مهد الفنون
في عدد خاص عن المسرح أصدرته مجلة الجديد أوائل عام 1972 كتب المؤلف المسرحى نعمان عاشور مقالا عن المسرح المصري منذ عام 1962 وحتى 1972 قال فيه:
لا يمكن الجزم بأن المسرح المصرى قد تطور منذ عام 1962.. صحيح أنه قبل ذلك التاريخ وبعد قيام ثورة يوليو كان في قمته، إلا أنه في 1962 استطاع فقط أن يضم إلى صفوفه عددًا متزايدًا من جمهور المشاهدين والكتاب والممثلين وبقية المجموعات الفنية الأخرى.
لكن المسرح كمسرح.. أعنى كمؤسسة ثقافية تعبر عن الأبعاد الحقيقية لحياتنا وتطوراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية أرى أن المسرح في ضوء ذلك قد تراجع إلى الوراء سنة بعد أخرى، وذلك لعدة أسباب أهمها في اعتقادى:
ظهور تكوينات اجتماعية جديدة للطبقـة الوسطى التي تحتضن النشاط المسرحى، والتي تقف بمفهومها وتذوقها وتقديرها للمسرح عند الحدود التي انتهت إليها الطبقة الإقطاعية.
وهو أن المسرح مجرد دار لهو وتسلية، ويزعزع من مكانتها المكتسبة عامًا بعد آخر نتيجة الاستغلال وتغلغل الرجعية من جديد كرد فعل حتمى للاخطاء التي أنتجها التطور نحو بناء الاشتراكية.
ولعل أبرز هذه الأخطاء نكسة يونيو 1967 التي انحرفت بالمسرح نهائيًا إلى هذا الطريق المسدود الذي يسير فيه الآن.. وهو أنه مسرح متجرد من كل القيم والمفاهيم والتطلعات الشعبية المقومة لحياتنا والملهمة لمستقبلنا، وبهذا التحليل فإن المسرح المصرى حاليا يسير في طريق الابتعاد الكلى عن أن يكون مهد الفنون وبؤرة الثقافة وسلاحًا في تغيير الحياة.
ودليلى على ذلك المحاولات الأخيرة المتتابعة لتصفية القطاع العام في المسرح لحساب ما يسمونه "فرق القطاع الخاص" التي تحصر نشاطها في تسلية الجمهور والترفيه عنه.