بعد واقعة مستشفى العباسية.. تمريض الصحة النفسية يحكون آلامهم: نتعرض للضرب وشد الشعر والعض من المرضى مقابل 29 جنيها شهريا.. أصحاب الميول الانتحارية نراقبهم.. ولجنة رقابية تتابع معاملتهم
تسببت واقعة تصوير مرضى مستشفى العباسية في أوضاع غير لائقة، في هجوم البعض على أطباء وتمريض مستشفيات الصحة النفسية، واتهموهم بالمعاملة غير الآدمية للمرضى الأمر الذي أثار استياء جميع العاملين في التمريض النفسي.
مستشفى العباسية
وعلى إثر قرار وزارة الصحة بوقف 11 ممرضا من العاملين في مستشفى العباسية وفتح التحقيقات في تصوير المرضى بالمخالفة للقانون الصحة النفسية، ترصد "فيتو" الوجه الآخر لفريق التمريض بمستشفيات الصحة النفسية ورصد مدى معاناتهم في التعامل مع المرضى الذين يحتاجون إلى تعامل خاص.
"هبة عبد العزيز"، ممرضة من داخل مستشفى العباسية للصحة النفسية كشفت لــ"فيتو" عن تعاملاتهم مع مرضى الصحة النفسية، وقالت إن بعض المرضى يأتون إلى قسم الوارد سواء من الشارع أو من منازلهم، منهم من هو أول مرة يمرض نفسيا أو من فترة وامتنع عن العلاج وبدأ يعاني من هياج عصبي يأتى للعيادة وعندما يشعر الطبيب أنه أصبح خطرًا على نفسه وعلى المحيطين به، فيتم حجزه بالمستشفى.
قسم الاستقبال
وتابعت: "المريضة بعد استلامها أيا كانت الحالة التي عليها، تحصل على مهدئات داخل قسم الاستقبال قبل الدخول وبعد التأكد من أن أوراقها سليمة، نأخذ المريضة إلى الحمام لخلع ملابسها لتستحم، ورصد ما إذا كانت يوجد علامات على الجسم يتم كتابتها في الملف الطبي لأن أحيانا بعض المرضى يأتون إلى المستشفى وعليهم آثار ضرب فيتم كتابة ذلك مع أخذ إقرار من أهل المريض بالحالة التي وجد المريض بها حتى لا يأتون بعد ذلك ويتهمون المستشفى بضرب المريض".
ميول انتحارية
وأضافت "هبة عبد العزيز": "بعض المرضى الذين لديهم ميول انتحارية يتم متابعتهم لمنع ضرر أنفسهم"، مشيرة إلى أن بعض المرضى يأتون وهم في حالة مزرية منها عدم الاستحمام وطول الأظافر، ووجود حشرات بالشعر وفي هذه الحالة يتم تنظيف جسم المريض وقص الشعر لتنظيفه، وعندما يكتب الطبيب العلاج للمريض ليست كل الحالات تحقق استجابة في العلاج، وتظل 10 أيام لحين استجابة الجسم وبعض منهم يعتدون بالضرب على المرضى الذين حالتهم مستقرة، وتلجأ إلى شل حركة المريض حتى لا يضربون غيرهم بإعطائهم مهدئات.
وأوضحت أن المرضى السيدات لهن تمريض سيدات في نوبتجيات السهر، والمرضى الرجال لهم تمريض رجال، وبعض المرضى السيدات عند حجزهم يتم إجراء اختبار حمل لهم للتأكد من عدم وجود حمل حتى لا يتهم الأهل المستشفى بالتسبب في ذلك.
وأشارت "هبة عبد العزيز" إلى أن المرضى أصحاب الميول الانتحارية تخصص لهم ممرضة واحدة، وتحرص على عدم وجود أي شيء حاد أمام المرضى، وكذلك الشبابيك تكون بلاستيك وليست زجاج لمنع كسره حتى عند دخول الحمام يتم مراقبة تصرفاتهم وسلوك المريض.
مرضى الاكتئاب
وقالت إن مرضى الاكتئاب غير واعين ولا يهتموا بأنفسهم، وأحيانا يرفضون العلاج والنظافة، ويمكن أن يلقوا بالطعام في وجه التمريض ورش المياه والبصق في الوجه أيضا، وإحدى المريضات حاولت الهروب فمنعها التمريض وحملها 4 من الممرضات واعتدت عليهم أيضا مضيفة: "تعرضت لعض يدي ولم تتركني المريضة إلا بعد أن ظهرت عظام يدي ونتعرض لتمزيق الملابس، كل تلك الممارسات نتعرض إليها ولا نأخذ حقوقنا ونحصل على بدل عدوى 29 جنيها".
الاعتداء على التمريض
ومن ضمن الاعتداءات التي يتعرض لها التمريض النفسي شد شعرهم من المرضى وإلقائهم بالمناضد، ويتم شل حركة المريض وطلب الطبيب المختص لإعطائه مهدئا.
لجنة مراقبة
وتابعت: "يوميا تأتي لجنة من حقوق المرضى لتسأل المرضي داخل العنابر إذا كانوا يتعرضون لمعاملة غير لائقة أم لا، لافتة إلى وجود عجز في أعدادهم والعنبر يكون فيه 50 حالة يخدمهم 3 ممرضات وفي قسم الحالات المزمنة التي ليس لها أهل بعض منهم اعمارهم كبيرة ومصابين بالشلل ولديهم تبول لا إرادى، تقوم الممرضة بتغيير الحفاضات ومسئولة عن استحمام المريضة يوميًا، مشيرة إلى أن أحيانا بعض المرضى المدركين يساعدوا التمريض في خدمة الحالات الأخرى.
وكانت الدكتورة كوثر محمود، رئيس الإدارة المركزية لشئون التمريض بوزارة الصحة والسكان، كشفت عن تورط إحدى الممرضات واستغلالها للمرضى لتحقيق أهدافها.
خدش الحياء
وأوضحت "كوثر" أن رئيسة التمريض بالأمانة العامة للصحة النفسية، كشفت لها عن أسرار وخفايا هذه الواقعة، قائلة: "إن إحدى الممرضات بالمستشفى تدرس في كلية إعلام، وقدمت طلبًا لإدارة المستشفى لنقلها إلى قسم الإعلام بالمستشفى، وبعد رفض الإدارة طلبها، قامت المذكورة بخدش حياء المرضى، وتصويرهم بدون ملابسهم، أثناء الاستحمام، ونشر هذه الصور عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي؛ لإحداث رأي عام ضد إدارة المستشفى ورئيسة التمريض بالأمانة العامة لرفضهما نقلها".
وأشارت إلى أنه تم إصدار قرارًا، بإيقاف مدير المستشفى و11 من طاقم التمريض المسئولين عن الواقعة، وإحالتهم للتحقيق الفورى والعاجل، وما زالت التحقيقات قائمة.
انتهاك القانون
جدير بالذكر أن الواقعة تعد انتهاكًا لقانون رقم 71 لسنة 2009، والذي بمقتضاه يحظر نشر صور المرضى في الإعلام، ويعد أيضا انتهاكا لخصوصية المريض النفسي، وأن جميع مستشفيات الصحة النفسية والعاملين بها خاضعون لقانون رعاية حقوق المريض النفسي رقم 71 لسنة 2009 والذي يوجب وجود لجنة لرعاية حقوق المريض بكل المستشفيات، تقوم بالتفتيش الدوري ومتابعة تطبيق حقوق المريض.