رئيس التحرير
عصام كامل

عن تطهير القضاء أتحدث (1)


جاءت مليونية الحركات والأحزاب الإسلامية، وعلى رأسها الحزب الحاكم، يوم الجمعة الماضى، لتعبر عن رؤيتها للمؤسسة القضائية فى مصر، ورغباتها فى تطهير تلك المؤسسة التى هى، ومن وجهة نظرها، سبب رئيسى لضياع حقوق الشهداء، وتعطيل عملية بناء مؤسسات الدولة.


لا أحد يستطيع أن ينكر أن تطهير المؤسسة القضائية كان مطلبا أساسيا لثورة 25 يناير، رفعه الثوار منذ اليوم الأول من الثورة، نتيجة لما نالتها من عملية تسييس واضحة استمرت طوال ثلاثين عاما، بالإضافة إلى عمليات الفساد الواسعة التى تشوبها، وبالتالى فهناك علامات استفهام كثيرة تدور حول تلك المؤسسة، وآليات العمل بها.

ولكن، وعلى الرغم من كل ذلك، نداءات القوى الإسلامية اليوم، بما فيها جماعة الإخوان المسلمين، لتطهير القضاء من خلال إصدار قانون للسلطة القضائية، يثير العديد من الشكوك، وخاصة فى ظل الظروف الحالية التى تمر بها البلاد، وفى ظل أيضا الآلية المقترحة لإتمام عملية التطهير.

فهناك العديد من الشكوك المشروعة التى تتعلق بتغليب المصالح السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، ومحاولاتها للتمكن من مؤسسات الدولة، وخاصة فى ظل دور القضاء الواضح فى عرقلة مسيرة التمكين، من خلال حل مجلس الشعب السابق، والجمعية التأسيسية الأولى، وبطلان تعيين النائب العام، وغيرها من الأحكام الأخرى التى لا تصب فى مصلحة الجماعة.

وبجانب تلك الشكوك، لا يمكن وبأى حال من الأحوال أن تتم أى عملية تطهير أو إصلاح لأى مؤسسة من مؤسسات الدولة، فى ظل الأجواء الاستقطابية الحالية التى تسيطر على كل من النخبة والشارع معا، كما لا يمكن أيضا أن يستفرد فصيل سياسى واحد بالقيام بتلك المهمة، من خلال مجلس شورى ذى أغلبية إسلامية، انتخبه 7% فقط من الشعب، على أساس أنه هيئة استشارية، وليست تشريعية لها الحق فى سن قوانين مصيرية تتعلق بمؤسسة على قدر كبير من الأهمية والحساسية مثل المؤسسة القضائية.

وبإلاضافة إلى كل ذلك، فإن موقف الرئيس وجماعته من القضاء فى مصر، منذ أن تولى الحكم، يعد بمثابة موقف عبثى للغاية، بداية من محاصرة المحكمة الدستورية العليا، ومنع القضاة من الدخول لممارسة أعمالهم، مرورا بقيام الرئيس ووزير عدله كل يوم بإصدار تصريحات تعمل على تضليل العدالة، وتكريس تدخل السلطة التنفيذية فى شئون السلطة القضائية، انتهاء بعدم احترام النظام الحالى لأحكام القضاء، التى كان آخرها الحكم ببطلان تعيين النائب العام الحالى، ولم تلتزم السلطات التنفيذية بتنفيذ الحكم.

يتبع
nour_rashwan@hotmail.com
الجريدة الرسمية