تفاصيل زيارة السيسي إلى مسقط.. قمة «مصرية-عمانية» لتعزيز التضامن العربي.. الرئيس يزور جامع السلطان قابوس الأكبر.. يتفقد دار الأوبرا ومتحف القوات المسلحة.. ويلتقي كبار رجال الأعمال العمانيين
وصل الرئيس عبد الفتاح السيسي، الأحد الماضي، إلى سلطنة عمان، وكان في استقباله فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشئون مجلس الوزراء، ويوسف بن علوي بن عبد الله وزير الشئون الخارجية وعدد من كبار المسئولين العمانيين.
وتوجه الرئيس إلى قصر العلم العامر، حيث كان في استقباله السلطان قابوس بن سعيد، وأقيمت مراسم الاستقبال الرسمي للرئيس وتم عزف السلام الوطني واستعراض حرس الشرف.
جلسة مباحثات
وتم عقد جلسة مباحثات بين الرئيس السيسي والسلطان قابوس ضمت وفدى البلدين، رحب خلالها السلطان بزيارة الرئيس، مؤكدًا ما تتسم به العلاقات المصرية العمانية من تميز وما يجمع الشعبين والبلدين الشقيقين من تاريخ طويل من المودة والتعاون المشترك.
وأشار السلطان قابوس إلى المكانة التي تحظى بها مصر وشعبها لدى الشعب والحكومة العمانيين، مثمنًا دور مصر باعتبارها دعامة رئيسية لأمن واستقرار دول الخليج والوطن العربي، ومؤكدًا دعم بلاده الكامل لمصر ومساندتها في حربها على الإرهاب.
وأكد السلطان حرص بلاده على تعزيز العلاقات الثنائية مع مصر على جميع المستويات، معربًا عن تطلعه لأن تسهم زيارة الرئيس في تعزيز أطر التعاون القائمة ودفعها إلى آفاق أرحب.
وأعرب الرئيس من جانبه عن تقدير مصر، قيادة وشعبًا، للمواقف المقدرة التي اتخذتها سلطنة عمان الشقيقة بقيادة السلطان قابوس بن سعيد تجاه مصر وشعبها، مشيرا إلى ما يحظى به السلطان والشعب العماني من تقدير كبير لدى الشعب المصري.
وأوضح الرئيس تطلع مصر لتعزيز علاقات التعاون الثنائى مع سلطنة عمان في مختلف المجالات، بما يُحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين.
العلاقات الثنائية
كما تطرقت المباحثات إلى سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث اتفق الجانبان على أهمية العمل على تطوير التعاون بين البلدين، خاصة على الصعيد الاقتصادي وتعزيز التبادل التجاري بما يرقى إلى مستوى العلاقات المتميزة بين البلدين، وذلك من خلال اللجنة المشتركة بين الجانبين والمقرر عقد جولتها القادمة في مسقط.
وتطرقت المباحثات أيضًا إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، إذ توافقت رؤى الجانبين بشأن أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للأزمات التي تشهدها بعض دول المنطقة وخاصة اليمن.
واستمع الرئيس من السلطان قابوس إلى رؤيته بشأن الأزمة في اليمن وسبل العمل على حلها بشكل يخفف المعاناة اليومية للشعب اليمنى الشقيق.
كما تطرقت المباحثات إلى عدد من القضايا الأخرى مثل سوريا ولبنان والعراق، حيث أكد الجانبان أهمية الحفاظ على كيانات ومؤسسات تلك الدول وما يحمى وحدتها الإقليمية ويصون مقدرات شعوبها.
التحديات المصرية
وعرض الرئيس للسلطان قابوس تطورات الأحداث في مصر منذ اندلاع ثورة 25 يناير وحتى الآن، مستعرضًا التحديات التي واجهتها الدولة من ذلك التاريخ وما شهدته مصر من اضطرابات عنيفة على الساحة الداخلية مرورًا بثورة 30 يونيو التي حافظت على هوية الدولة المصرية، ووصولًا إلى الإصلاح الاقتصادي وانطلاق عملية التنمية الشاملة في كل ربوع مصر وعلى كل المستويات.
وأكد أن ذلك ما كان ليحدث إلا بوعي وصبر الشعب المصرى العظيم، الذي وصفه بالبطل الحقيقي لتلك المرحلة.
جامع السلطان قابوس الأكبر
وأجرى الرئيس السيسي زيارة إلى جامع السلطان قابوس الأكبر، الذي يعد أكبر مساجد السلطنة وأحد المعالم الدينية والحضارية والثقافية.
ويعتبر المسجد تحفة زخرفية ومعمارية فريدة من نوعها ومركزًا مهمًا للدراسات الإسلامية ومنبعا لتعليم العلوم الإسلامية وتخريج الدعاة والمفكرين، ومنبرًا للتواصل الإنساني والحضاري القائم على سماحة الإسلام وروحانيته الداعية إلى الخير والمحبة والسلام.
دار الأوبرا السلطانية
كما أجرى الرئيس زيارة إلى دار الأوبرا السلطانية، التي تعتبر إحدى المؤسسات الرائدة في مجال الفن والثقافة في سلطنة عُمان، وتعد مركزًا متميزًا في التواصل الحضاري والثقافي والفني، يهدف إلى تعزيز التقارب والتبادل الثقافي بين مختلف شعوب العالم، حيث تستضيف العديد من المؤتمرات والملتقيات الثقافية والفنية على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
متحف قوات السلطان
وعقب ذلك أجرى الرئيس زيارة إلى متحف قوات السلطان المسلحة، الذي يوثق التاريخ العماني العسكري منذ فترة ما قبل الإسلام إلى عصر النهضة، ويعرض إنجازات القوات المسلحة العمانية، ويبرز مراحل تطورها عبر العصور حتى العصر الحديث، وما وصلت إليه من مستوى عسكري وقدرات متميزة.
وأبدى الرئيس إعجابه بما شهده خلال تلك الزيارات من تطور ورقي، يؤكدان المستوى الحضاري المتميز الذي وصلت إليه سلطنة عمان بفضل القيادة الحكيمة للسلطان قابوس بن سعيد، وحرصه على تطوير السلطنة في مختلف المجالات.
والتقى الرئيس السيسي فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء العماني لشئون مجلس الوزراء.
وجدد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء ترحيب السلطنة بزيارة الرئيس، مؤكدًا حرص السلطان قابوس بن سعيد وسلطنة عمان على دفع وتعزيز التعاون مع مصر، التي تعد ركيزة أساسية لأمن واستقرار الوطن العربي، وأشار إلى ما يجمع البلدين والشعبين الشقيقين من روابط تاريخية وعلاقات وثيقة ممتدة.
وأكد الرئيس سعادته بزيارة مسقط، مشيرًا إلى اعتزاز مصر بعلاقاتها المتميزة مع سلطنة عمان، وما يجمعهما من روابط أخوة وتعاون وثيق.
كما ثمن الرئيس المواقف المقدرة للسلطان قابوس بن سعيد تجاه مصر، مشيدًا بما شهده خلال زيارته الجارية للسلطنة من نهضة وتقدم بفضل القيادة الحكيمة للسلطان قابوس.
واستعرض الرئيس ما تقوم مصر به من إجراءات لتوفير مناخ جاذب للاستثمارات، مشيرًا إلى المشروعات القومية التي تنفذها مصر، التي تتيح فرصًا استثمارية واعدة ومتنوعة في العديد من المجالات، الأمر الذي يجعل منها سوقا ضخما لرجال الأعمال.
التعاون الاقتصادي
وأعرب عن التطلع لتعزيز التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين.
وأشاد نائب رئيس الوزراء العماني بخطوات الإصلاح الاقتصادي التي اتخذتها مصر خلال الفترة الماضية، مؤكدًا حرص بلاده على تطوير التعاون مع مصر في تلك المجالات، وتم الاتفاق على دراسة إنشاء صندوق استثماري مشترك بين الجانبين لهذا الغرض.
ومن ناحية أخرى أكد نائب رئيس الوزراء العماني تميز الجالية المصرية في عمان، وتمتعها بخبرات كبيرة في عدة مجالات أبرزها التعليم والثقافة، وأن السلطنة تحرص على معاملتهم كسائر المواطنين العمانيين.
ووجه الرئيس الشكر للسلطان قابوس ونائب رئيس الوزراء العماني على الرعاية التي يتلقاها المصريون من أشقائهم في السلطنة.
وتطرق اللقاء إلى عدد من القضايا الإقليمية، لا سيما سبل التوصل لحلول سياسية للأزمات القائمة بعدد من دول المنطقة، بما ينهي المعاناة الإنسانية لشعوبها ويحافظ على مقدراتها، وأكد الجانبان أهمية تعزيز التكاتف والتضامن بين الدول العربية لمواجهة التحديات غير المسبوقة التي تواجهها في الوقت الراهن.
مجتمع الأعمال العماني
كما عقد الرئيس السيسي، لقاءً مع عدد من كبار رجال الأعمال ورؤساء كبرى الشركات من مختلف التخصصات والمجالات بعمان، على هامش زيارته للسلطنة؛ لبحث تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، ودعمها لبناء قدرات المؤسسات المصرية العاملة في مجالات الصناعة والتجارة الخارجية.
وشهد اللقاء حوارًا مفتوحًا مع رؤساء كبرى الشركات الحاضرين الذين أبدوا اهتمامًا بالعمل في مصر أو التوسع في مشروعاتهم القائمة، كما يقوم وزراء التخطيط والتجارة والصناعة بالرد على استفساراتهم ومناقشة خططهم للاستثمار في مصر ومقترحاتهم للتعاون في عدد من المجالات.
الفرص الاستثمارية
وتم استعراض الفرص الاستثمارية الواعدة أمام المستثمرين العمانيين في مصر، وذلك في ضوء التطورات الاقتصادية الإيجابية التي شهدتها مصر خلال الفترة الأخيرة، ومن بينها تهيئة المناخ الجاذب للاستثمارات الأجنبية، والسير قدمًا بخطوات جادة لتيسير الإجراءات والتراخيص الحكومية ذات الصلة بالاستثمار، وتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في العديد من المشروعات.
وأقام قابوس بن سعيد مأدبتين عشاء بقصر العلم وببيت البركة تكريمًا للرئيس السيسي والوفد المرافق له.
بعد ذلك ودّع السلطان الرئيس الذي اختتم زيارته للسلطنة اليوم الثلاثاء، متمنيًا له طيب الإقامة فيما تبقى من زيارته وعودًا حميدًا إلى بلاده، ولجمهورية مصر العربية الشقيقة كل التقدم والرخاء والازدهار، وأعرب الرئيس عن شكره وامتنانه لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة التي أحيط بها ووفده المرافق خلال فترة زيارته، متمنيًا له دوام الصحة والسعادة وللشعب العماني التقدم والرقي في ظل القيادة الحكيمة لعاهل البلاد.