رئيس التحرير
عصام كامل

هنادي «السورية» أشرف منكم يا نشطاء السوء!


هذه القصة ليست للقراءة.. أو للدقة ليست للقراءة فحسب.. إنما هي في الأصل لرد الاعتبار من شرفاء المصريين-وهم الأغلبية الكاسحة من شعبنا- لهذه السيدة المحترمة..


لا نعرف من أين نبدأ.. فالقصص ذات الأبعاد الطولية تستحق أكثر من مقدمة.. اسمها هنادي.. ابنة من أبناء سوريا العربية الحبيبة التي نسميها "نصف مصر الآخر"، فقد كنا يوم من الأيام شعب واحد بزعيم واحد في بلد واحد اسمه "الجمهورية العربية المتحدة"، قبل التآمر على تجربة الوحدة، ولا ينسى السوريون مثلنا تمامًا ذلك أبدًا.. تزوجت قبل 18 عامًا مصريًا سوريًا واستقرت معه في مصر.. هنا في القاهرة عملت في الاستثمار العقاري واستقرت في أحد الأحياء الراقية جدًا..

بعد فترة انفصلت عن زوجها دون إنجاب، وكان منطقيًا أن تفكر في العودة لكنها لم تفعل.. تفسر ذلك بأن مصر هي سوريا والعكس، لكنها بالفعل أحبت المصريين وأيقنت بالفعل أنهم أطيب شعوب الدنيا.. لكن أيقنت أكثر أن "من يشرب من نيلها لا ينساها"، وهي لم تنسها ولم تغادرها أيضًا!

تفرغت للعمل الخيري.. تهرول إليه أينما وجدته، ثم قدمت وقتها وجهدها لرعاية الحيوانات الأليفة، فتقدم الرعاية وتدفع أجور البيطريين في سلام مع النفس لا مثيل له.. وصار بيتها مفتوحًا لصديقاتها ولا تتأخر عليهن بشيء.. إلا أن الاهتمام بالحيوانات دفعها إلى متابعة الاستغاثات الخاصة بهم على شبكات التواصل خصوصًا فيس بوك، ومن هنا أصبحت عضوة في هذا التجمع الكبير الرهيب "فيس بوك"..

ككل العالم شاهدت الشرارات الأولى ليناير 2011.. صحيح كانت لها ملاحظاتها على الأوضاع السياسية في مصر، وكانت تتوقع شيئًا ما، لكن قلبها انقبض عندما رأت الإخوان في المشهد.. سرحت ذات يوم وعادت بها الذكريات.. والذكريات عندها موجعه.. والوجع من مذبحة بشعة حدثت قبل خمسه وثلاثون عاما كاملة، عندما كانت طفلة صغيرة الا انها تتذكر تفاصيلها.. السوريون يوزعون طلابهم الجامعيين على المدن كجزء من التربية على الاعتماد على النفس وقبل احدي الإجازات واذا بها تري الجحيم بعينه..

كانت الجريمة في مدينة "حماة" السورية التي قال الإخوان إنهم تعرضوا فيها لمذبحة، وكذبوا وكذبوا حتى صدقهم الناس، بينما أصل القصة أن تجمعات للطلبة العائدين إلى أهلهم مع مجموعات من الموظفين والعسكريين تم تفجير حافلاتهم بالكل! حتى أن أكثر من ثلاثين اتوبيسا تم تفجيرهم بمن فيهم! تتذكر سيارات الإسعاف وانهار الدم وصور الشهداء والجرحى والسيارة ربع النقل التي حملت الأعضاء البشرية المتطايرة في كل اتجاه!! وظل المشهد كله يكبر بمرور الأيام ويأبى أن يغيب!

وضعت يدها على قلبها خوفًا على مصر خصوصًا أن عملها في الاستثمار العقاري جعلها تتابع أنباء شراء الأجانب لعقارات في ميدان التحرير وما حوله قبل الأحداث، وبشكل مريب.. وتذكرت كل ذلك وأيقنت أن أمر ما يتم لا علاقة له بغضب الناس المستحق على أوضاعهم وأحوالهم!

نقفز معها سنوات.. وقد تحقق ما توقعته لذا كان منطقيًا أن تدافع عن الرئيس السيسي وعن الجيش المصري وعن قيمة مصر ومكانتها عند كل عربي، وأنها لو سقطت لا قدر الله ضاع كل العرب، وظلت تنصح الناس وتروي وتحكي وتناضل على فيس بوك نضالا حقيقيا حبا في مصر وخوفا عليها، إلا أنها وقبل اسابيع وفوجئت بحملة عاتية اقل ما توصف به أنها بذيئة وقذرة..

سبوها وشتموها.. اتهموها بدعم "العسكر" والقمع.. ومن يدعون الإيمان بالقومية تذكروا فجأة أنها غير "مصرية" وطالبوها بالرحيل أو الصمت! وسيل من الشتائم عبر حملة امتدت حتى اليوم لمجرد أنها قالت إنها جاءت بخبرة وشاهدت بعينها كيف فعل هؤلاء وحتى قبل أزمة السنوات الأخيرة في سوريا..

قلة الأدب تسببوا في حزن بالغ وانسحاب من التواصل مع الناس وحالة من العزلة حتى ظنت -وبعض الظن إثم فعلا- أنها أخطأت.. حتى وجدت من يطيب خاطرها ويلتقيها ويعدها بنقل قصتها للناس.. وها قد فعلنا.. نقدم سطورنا السابقة كاعتذار طويل لها علها قبلته.. واعتقادنا أنها ستكون محل ترحيب من جمعيات نسائية ووطنية وأن الكثيرين من شعبنا الطيب سينقلون قصتها على صفحاتهم دفاعا عنها وردًا لاعتبارها وتمسكا ببقائها في مصر.. وفضحًا لهؤلاء ممن يحملون بالصدفة وبالقانون الجنسية المصرية بينما السيدة "هنادي" مصرية عربية دما وقلبا وعقلا وروحا أكثر منهم، وهي عندنا أشرف منهم ألف مرة!
الجريدة الرسمية