رئيس التحرير
عصام كامل

الزراعيون يطالبون بالاكتفاء الذاتي من الغذاء وخفض فاتورة الاستيراد.. تفعيل آليات تسويق الذرة ضرورة.. منظومة لإدارة المجازر.. وتخفيض أسعار اللحوم البيضاء ضمن القائمة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

يبقى ملف الأمن الغذائي حجر عثرة أمام مصر بل والدول العربية، فقديما قالوا: “من ملك قوته ملك حريته”، وعلى أكتاف الرئيس القادم مهمة شاقة للسير في طريق الاكتفاء الذاتى من الغذاء وخفض فاتورة استيراده من الخارج، التي سجلت مليارات الجنيهات بعد أن وصلت الفجوة الغذائية إلى 51% وفقا لتقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عام 2016.


القمح والزيوت
ويعد “القمح واللحوم والذرة والزيوت” أضلاع أزمة الغذاء في مصر، حيث نستورد كميات من اللحوم الحمراء والدواجن والأٍسماك تقدر كمياتها بـ750 ألف طن و400 رأس ماشية سنويًا، وهى كمية كبيرة للغاية تمثل 40% من الاستهلاك السنوي من اللحوم الحمراء و10% من الدواجن.

على مستوى اللحوم يبقى الحل الأسرع هو السيطرة على نوعيات المذبوحات وتقنين الذبح الجائر، بعد أن أثر ذلك بالسلب على دورة تكاثر الماشية، وعلى الرئيس القادم أن يكون أكثر حزمًا في تنفيذ القرار الوزارى رقم 72 لسنة 2017 بتفعيل حظر ذبح عجول البتلو التي يقل وزنها عن 400 كيلو وسنها عن عامين، وذلك بعد أن فشلت الدولة عام 2014 في تنفيذ القرار الوزارى رقم 1930 لسنة 2013 الخاص بمنع ذبح البتلو أيضا.

الثروة الحيوانية
ويقول الدكتور أحمد سليمان أستاذ الإنتاج الحيوان بمركز البحوث الزراعية: إن تطبيق القرار هو الحل الوحيد لحماية الثروة الحيوانية وتنميتها، فالذبح الجائر أصبح عقبة تواجه مصر وتسببت في أزمات طاحنة بالنسبة لتوافر اللحوم الحمراء، لغياب الخبرة وانعدام المسئولية في اختيار المذبوحات، فأصبح من العادى أن يشترى تجار الماشية إناث الجاموس والأبقار من الأسواق بغرض الذبح دون حتى النظر إذا كانت أنثى في فترة التعشير أم لا، وبالتالى نفقد عند ذبحها مصدرا لإنتاج نسل جديد من الماشية، إلى جانب الذبح الدائم وغير الرسمى للبتلو، ما يهدر نحو 500 ألف رأس من الماشية سنويًا، بإجمالى كمية 200 ألف طن.

ودعا سليمان إلى إعادة الحياة للجاموس المصري، وهى سلالة مصرية أصيلة تمتاز بإدرار الألبان ذات الجودة العالية واللحم أيضا، وهو عنصر متاح لخلق فرص أكثر لتوفير اللحم الأحمر والألبان بدلا من الاستيراد من دول الجوار، والدخول في دوامات نقل الأمراض البيطرية.

نظام العمل في المجازر
وعلى صعيد سلامة اللحوم وجودتها طالب الدكتور رأفت عبد الله الطبيب البيطرى ومدير مجزر البساتين سابقا، بتغيير نظام العمل داخل المجازر المصرية التي تتجاوز الـ430 مجزرًا ليكون آليًا للحد من نسبة تدخل اليد البشرية في عملية الإنتاج والتي تزيد من العامل البكتيري في اللحوم وتجعلها أكثر عرضة للفساد ويصعب حفظها لفترات طويلة، مشيرًا إلى ضرورة أن تتغير ثقافة الذبح وبيع اللحوم في مصر لتكون من خلال شركات كبرى تذبح العجول دون تدخل الجزارين في تلك العملية وتركها بالكامل للأطباء البيطريين والجزارين الرسميين المعتمدين من الدولة وتباع اللحوم لتجار اللحوم في الأسواق من خلال تلك الشركات لضمان نظافة اللحوم لأنه في الوقت الحالى تتعرض اللحوم لممارسات غير علمية تنم عن جهل في التعامل مع نقل اللحوم وحفظها بعد ذبحها.

وبعض المسائل المرتبطة بأزمة الغذاء في مصر لا تتعلق بالندرة أو قلة الإنتاج بل في سوء الإدارة وإهدار الموارد من خلال إضعاف الفلاح بعدم وضوح السياسات التسويقية المهمة لدفع الفلاحين لاتخاذ قرارات زراعة المحاصيل الإستراتيجية، وعلى مدار عدة مواسم ماضية وخلال الموسم الحالى أيضا زرع الفلاحون محصول الذرة استجابة لحساباتهم الشخصية بتحويله إلى “علف سيلاج” للماشية، بينما تستهدف الدولة في المقام الأول زراعة الذرة لاستغلاله كعلف طازج للدواجن إلى جانب استغلال جزء منه في إنتاج الزيوت التي نستورد نحو 98% منها وفق الأرقام المعلنة لمجلس المحاصيل الزيتية.

الذرة
وخلال الموسم الحالي وصلت مساحات الذرة إلى نصف مليون فدان مع خطط طموحة من قبل وزارة الزراعة للوصول إلى مليونى فدان خلال السنوات المقبلة، لكن تلك الخطط ارتطمت بالعجز في تسويق أحد أهم المحاصيل الإستراتيجية، حيث فشلت “الزراعة” في وضع ضوابط للتسويق من المزارعين إلى مربى الدواجن وحتى الآن لم تنته الأزمة المتكررة كل عام لينتهي محصول الذرة بين السيلاج والاستخدام المنزلى كعلف للماشية وتستمر مصر في استيراد 5 ملايين طن سنويا إلى جانب استيراد كميات من فول الصويا لتصل فاتورة استيراد الأعلاف الصفراء الخاصة بالدواجن إلى 18 مليار جنيه سنويا، يمكن توفيرها في حالة الاهتمام بزراعة وتسويق الذرة وإعلان أسعار ضمان للمحصول قبل زراعته لتشجيع المزارعين على الزراعة.

الدكتور نبيل درويش رئيس “اتحاد مربى الدواجن” أكد أن المفاوضات مع وزارة الزراعة لتحديد آليات تسويق الذرة من المزارع ووصولها إلى المربين فشلت بسبب عدم وضوح الرؤية في الوقت الذي يجب أن نكون أكثر الداعمين للمنتجات الوطنية، حيث تعتبر الذرة مكونا أساسيا في صناعة الدواجن التي يصل الاكتفاء الذاتى منها لـ95% وعلى القيادة السياسية أن تعي ذلك وتتدخل لتقليل نفقات الإنتاج عبر التوسع في زراعة الذرة جنبا إلى جنب مع تفعيل آليات التسويق بشكل صحيح.

مجدى الشراكى رئيس الجمعية العامة للإصلاح الزراعى أكد أنه يجب على القيادة السياسية التوسع في مساحات الذرة وتسويقها لأننا نحتاج إلى 7 ملايين طن من الذرة سنويا حتى نوفر الأعلاف ونهبط بأسعار اللحوم الحمراء والبيضاء، وكل ذلك يستلزم منظومة تسويق جيدة تحافظ على حق الفلاح.

مضيفا إن كنا غير قادرين على تنمية ثروتنا الحيوانية فعلى الأقل الحفاظ على ما هو موجود واجب لكن الحال في هذا المجال يتطلب من الرئيس القادم وكافة الجهات المعنية مجهودًا مضنيًا لمعرفة سبب توطن أمراض إنفلونزا الطيور وسلالات نشطة من الحمى القلاعية في مصر واستمرار تلك الأمراض في نهش جسد ثروتنا.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية