رئيس التحرير
عصام كامل

«قرى الموت تصدر شبابها للمجهول في كفر الشيخ».. يخرجون بحثا عن لقمة العيش فيغرقون بعرض البحر.. أسر الضحايا: انعدام فرص العمل السبب.. نقيب الصيادين: لا أحد يتابع معاناتنا.. والأهالي: نريد تدخل

فيتو

بمجرد أن تطأ قدماك قرية برج مغيزل التابعة لمركز مطوبس بكفرالشيخ، تشعر كأنك أمام سرادق عزاء مفتوح، حيث أحزان يصعب على أصحابها تجاوزها، فهى كما أطلق عليها أهلها "قرية الأحزان"، فلا يمر عام إلا وتُفجع القرية بغرق عدد من شبابها الذين يبتلعهم البحر تاركين وراءهم آباء وزوجات وأطفالًا بلا عائل، شأنها شأن قرية الجزيرة الخضراء، في تجسدي لمآسي الصيادين في مصر.


طبيعة عملنا
يقول أحمد عبده نصار، نقيب الصيادين بكفرالشيخ: «إن قرية مغيزل بها 15 ألف نسمة، وجميعهم يعملون بالصيد وهي ذات موقع استراتيجي، حيث إنها مثل شبه جزيرة يحدها النيل والبحر من 3 جهات، ورغم ذلك فإنها مهملة في جميع الخدمات وفرص العمل فشبابها لا وسيلة أمامهم لكسب الرزق سوى الصيد رغم أنهم ذوو مؤهلات عليا».

أسطول صيد
وأضاف نقيب الصيادين بكفر الشيخ: «برج مغيزل بها ثلث أسطول الصيد بالجمهورية، ولكن وزارة الزراعة وهيئة الثروة السمكية لا تدعمان الصيادين ولا قطاع الصيد بشكل عام، ولذلك فهم الفئة الوحيدة التي لا يوجد لها تأمين صحى أو معاش رغم تعرضهم يوميًا للموت وترك أولادهم عالة.. ولا يسلط الإعلام الضوء علينا إلا حال وقوع كارثة.. فتلك القرية لا تنتهي جنازاتها، وسئمنا من تكرار المشكلات التي حاصرت أغلب الصيادين».

غياب التخطيط
وأردف أن تنمية مهنة الصيد في مصر تحتاج 3 عوامل وهي: "المسطحات المائية والأيدي العاملة والتخطيط الذي لا نملكه وبدا واضحًا أنه لا نية للمسئولين لإصلاح قطاع الصيد، الذي يعمل به نحو ثمانية ملايين ونصف المليون شخص"، على حد قوله.

مطالب الصيادين
وعن أهم مطالب الصيادين قال نصار: أهمها الحصول على تأمينات أو معاش مناسب؛ لأن الصياد لا يستطيع العمل بعد سن الخمسين، فالمهنة تحتاج قدرة على عمل شاق يبدأ من مطلع الفجر وحتى آخر اليوم، وكذلك تطهير بحيرة البرلس وإنقاذها من الملوثات المتمثلة في مياه الصرف الصحي والنفايات، فضلا عن تطهير بوغاز رشيد الذي يوجد به استثمارات تقدر بـ 15 مليار جنيه. 

نظرة اهتمام
وشدد نقيب صيادي كفر الشيخ على أن تنظر الحكومة للصيد على أنه ضمانة التوازن في الأسعار لأن كثرة عرض الأسماك يخفض أسعار اللحوم والدواجن والعكس، فالصياد يمثل ثروة قومية فلماذا الاستهانة به؟ وإما أن يموت جوعًا أو يموت غرقًا، متابعًا: "كما نطالب المسئولين بإنشاء الكثير من المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، حتى يجد الشباب فرص عمل أخرى بدلًا من الصيادين الذين يلقون حتفهم، وكذلك صندوق تأمين إجبارى بدفع 100 ألف جنيه لأسرة الصياد المتوفى في البحر.

رحيل الابن
وتتعدد مآسي القرية بفقدان شبابها فتقول إحدى الأمهات: «ابنى محمد أحد الشباب الذين غرقوا بمركب "نصر"، وكان العائل لى ولأبيه وزوجته وابنته، وكان دايمًا حاسس أن البحر هياخده في مرة ومش هيجيبه تانى، وترك طفلة اتحرمت منه، فين الحكومة وليه مبتوفرش شغل للشباب دول؟وبناشد الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن شباب قرية برج مغيزل والجزيرة وكل القرى اللى حوالينا وكمان المسئولين بكفرالشيخ تعالوا هنا شوفوا حال الناس.. بنموت من الفقر والجهل أو البحر.

مئات الأسر
وأضاف، خميس عرفة، أحد أهالي برج مغيزل، أن مئات الأسر يعيشون تحت خط الفقر بقرية برج مغيزل والجزيرة الخضراء، ويفتقدون مقومات الحياة الأساسية ورغم إنشاء أكبر مشروع سمكي بالشرق الأوسط "بركة غليون" بقرية برج مغيزل، فإنه لا يوجد شاب واحد بالقرية عمل بالمشروع.

الرواتب
واستكمل: "عندما ذهبنا للعمل وجدنا الرواتب لا تكفى قوت أسبوع واحد.. فما الحل؟ وأناشد المسئولين ممن يلومون على الشباب الذين يذهبون للصيد خارج الحدود الإقليمية أن يعرفوا أسباب ذلك، فكل شاب منهم في رقبته أسرة كاملة وهو عائلهم الوحيد، ولو بطل شغل أهله هيموتوا من الجوع، وعلى المسئولين تفقد الخدمات المفقودة بالقرية".

وواصل، فرج المزين أحد أهالي برج مغيزل وعم إحدى ضحايا مركب "الحاج نصر"، أن مراكب الصيد تخرج للصيد دون أي عوامل للسلامة، فأين هيئة السلامة البحرية بمصر؟ ولماذا لا تتخذ أي إجراءات بهذا الشأن؟ وكذا نقابة الصيادين، مطالبًا الرئيس بإصدار قرار بعمل نقاط استغاثة بالحدود الإقليمية التي تطل عليها المحافظات الساحلية، وأن يتم تجهيز مراكب بوسائل أمان.
الجريدة الرسمية