رئيس التحرير
عصام كامل

أمريكا والسيسي!


يتساءل البعض كيف تتحدثون عن مؤامرة تستهدف كيان الدولة الوطنية المصرية بمشاركة أمريكية بينما العلاقات بين الرئيس الأمريكي والرئيس المصري ليست على الأقل متوترة أو عدائية؟


والإجابة على هذا السؤال يجب أن نميز بين علاقة ترامب بالسيسي وبين موقف جهات أمريكية نافذة ومؤثرة من السيسي والدولة المصرية.. فرغم أن ترامب لا يحتفظ بعداء للسيسي بل ربما ما زال حريصا على علاقات طيبة معه إلا أن بعض الجهات الأمريكية لا تشاركه هذا الرأي أو الموقف، وهي لا تقدر حتى الآن على مسايرة موقف ترامب تجاه مصر.. فهذه الجهات لم تنسَ مخططها السابق في مصر الذي كان عنوانه تمكين الإخوان من الحكم فيها، لأن هذا الحكم وقتها سيكون طيعا لأمريكا، يستجيب لكل تعليماتها، ويأتمر بأوامرها، وقد اختبرت واشنطن حكم الإخوان لمدة عام ونجح هذا الحكم في الاختبار حينما أثبت أنه تحت أمر الأمريكان..

كما أن هذه الجهات الأمريكية التي تتنوع ما بين الجهات الاستخباراتية والإعلامية ومطابخ صنع القرار في أمريكا، زاد غضبها من السيسي عندما أصر دوما منذ توليه مسئولية الرئاسة في مصر على أن ينتهج سياسات خارجية مستقلة وأن يحفظ للقرار المصري استقلاله.. ووصل هذا الغضب ذروته بعد إبرام اتفاق عسكري مع روسيا لاستخدام القواعد الجوية في البلدين، وتوقيع اتفاقيات تنفيذ مشروع الضبعة النووي.. وقد عبر الإعلام الأمريكي عن هذا الغضب بوضوح حينما اعتبر مصر تحت قيادة السيسي حليفا غير موثوق فيه!

وهذه الجهات داخل أمريكا ما زالت قوية ونافذة وقادرة على فرض رأيها على الرئيس الأمريكي ذاته، وقد خبرنا ذلك بوضوح فيما يتعلق بعلاقاتنا مع أمريكا، حينما قامت وزارة الخارجية الأمريكية بتخفيض المساعدات العسكرية لمصر هذا العام، وأصدرت تقارير تنتقد فيه حالة حقوق الإنسان في مصر، وأيضًا حينما اعتزم نائب الرئيس الأمريكي فتح ملف الأقباط في مصر خلال زيارته للقاهرة، وإن كان موقف الكنيسة المصرية الوطني ورفض البابا تواضروس مقابلته لم يمكنه من ذلك.

لكن الجديد في الأمر أن هذه الجهات رغم كل ما حدث في مصر فإنها لم تتخل بعد عن مخططها القديم، وإن كانت قامت بتنقيح هذا المخطط في ضوء حالة الضعف التي اعترت جماعة الإخوان، والرفض الشعبي لهم ولعودتكم للحكم، فصار هذا المخطط لا يستهدف تمكينا سريعا للإخوان من حكم البلاد، إنما إصابة البلاد بفوضى تطول وقتا كافيا يتمكنون فيه من تقويض كيان الدولة المصرية وأضعاف مؤسساتها، وفي مقدمة هذه المؤسسات المؤسسة العسكرية.

وإذا أعدنا قراءة ما دار ويدور حولنا سوف في ضوء ذلك سوف نجد تفسيرا لما صعب علينا تفسيره من قبل.. والأهم سوف نكون قادرين على إجهاض هذا المخطط للمرة الثالثة حتى الآن.. الأولى في ٣٠ يونيو، والثانية في نوفمبر ٢٠١٦، والثالثة يمكن أن تكون في يونيو أو يوليو ٢٠١٨.
الجريدة الرسمية