الملك لا يزال هو الحاكم بأمره
مررت صباحا بميدان التحرير.. هذه المرة تحاول الميديا الرسمية أن تعترف بثورة الميدان، بل إن بعض من أطلقوا عليها «خساير» بدلا من يناير، فوجئنا بهم يتحدثون عن ثورة الشعب، وقالوا فيما قالوا: إن الثورة ملك للسيد، والسيد هو الشعب.. تغيرات مدهشة غير أن الميدان خلا تماما من المحتفلين.. اقتصر الاحتفال على مئات من رجال الشرطة البواسل وبعض مدرعات الجيش، ولكنها هذه المرة لم تدهن بشعار يسقط مبارك.
المثير أنه وفى ذات اليوم، كان الملك العظيم رمسيس الثانى يترجل مستقلا آلة ضخمة في طريقه إلى البهو العظيم بالمتحف الكبير.. لفيف كبير من وزراء وخفراء.. سفراء العالم حرصوا على متابعة تحركات الملك.. ساعة كاملة للانتقال من ميت رهينة إلى البهو العظيم.. أنفقنا فيها على الملك أكثر من ١٣ مليون جنيه حتى يتربع في مشهد مهيب على عرشه مرة أخرى.
عودة إلى الميدان.. لا يزال وبعد وصول اليوم إلى أبعد من منتصفه خاليا من المحتفلين.. بعض كاميرات وصلت إلى المكان ربما لتعيد الذكرى بدون جمهور، وربما لأنها تلقت تعليمات أن الميدان هذه المرة رمز للثورة.. نعم للثورة التي خلت من ثوارها ومن بقاياها.. ولم يعد في المشهد سوى آثار انتقال الملك رمسيس من موضعه بميت رهينة إلى حيث مستقره الأخير ليعيد إلى الأذهان ملكا متوجا فوق أعلى ربوة، يطل من بعيد على الأهرامات ويبقى دوما هو الملك الحاكم بأمره.. هو التاريخ وهو الجغرافيا وهو أيضا الشعب حينما لا يكون هناك شعب في الميدان!!