الفتوة دراكولا وجنوده
ما بين سندان الفوضى ومطرقة الأخونة تنهار وحدة بناء الشعب المصرى وهو الإنسان البسيط، إنما الأغنياء فهم الأقوى فى كل العصور. الفقير هو وحده من يدفع فاتورة الفوضى والفساد دون أن يشعر أو يفكر لأنه يمارس ويعتاد الجهل فى كل حياته رغماً عن أنفه. فنجده يتوافق مع كل أنواع التلوث التى تحيط به من كل جانب تلوث غذائى وتلوث سمعى وبصرى وتلوث ثقافى وتلوث بيئى فتجده أى الإنسان الفقير وقد ظهرت عليه أعرض الشيخوخة وهو لم يكتمل العشرين..
ويعانى كل أنواع المرض بلا صراخ ولا أنيين من الآلام التى يعانيها فليس لديه وقت للنحيب والشكوى يبتسم ويسخر من نفسه ومن حياته ويحولها إلى نكتة تضحكه وتضحك الفقراء أمثاله فيتوافقون مع آلامهم وأوجاعهم والتى تحولت مع الزمن وكأنها أصبحت جزءًا من حياتهم، هل يمكن أن يأتى من يسمع ويرى هذا العبث المعيشى الذى نحياه فيدرس ويغير.
نحن نعيش زمن أعظم أنواع الكذب وهو الكذب على النفس فأن تكذب على الناس فهذه هينة وإنما أن تكذب على نفسك ثم تصدق الكذبة وتعيشها ويحياها من يصدقوك فتلك كارثة لا يمكن علاجها بسهولة تحتاج إلى مجهود عظيم يقوده زعيم تلتف حوله كل القوى بما فيهم هذا الشعب المريض لكى يبدأ رحلة التخلص من أمراضه المستطونة فى عقله وحياته فتجرى دماء النهضة فى عروقه وشرايينه فيذيب جلطاته المتعددة التى خلفتها مرار السنين الماضية على مر العصور فتضىء حماسه ورغبته فى التغيير الحقيقى وتزداد هذه الأنوار لتضىء بقية البلاد المجاورة وترجع مصر هى أم الدنيا التى تضم وتحنو على صغارها وأولادها والأخت الكبرى التى تهتم بإخوانها الصغار وتعود مصر للمكانة التى تستحقها.
ولكن لم نتعود منذ الحملات المتعددة التى مرت على مصر مروراً بالحملة الفرنسية إلى عصر محمد على أن ننحت شخصيتنا بأنفُسِنا لابد أن يأتى غيرنا ورغماً عنا بنحتنا حتى نكون كما يريد ولمصلحة رغباته.
أصبحنا اليوم نعانى استعماراً من نوع آخر من جماعات للأسف تحمل نفس جنسيتك ويستخدمون أسلحة من نوع آخر سلاح الخديعة المغلف بتطبيق الشريعة فتخترق قلوب البسطاء فيدفعون حياتهم ثمناً لها وينصبون حامل السلاح أميراً عليهم له السمع والطاعة فتقسمت الدولة إلى دويلات تتصارع فيما بينها.لا أحد يمكن أن يتكهن بما ستؤول إليه البلد وهل ستنتهى مصر أم ستعبر هذه الكبوة ؟ هل سنستيقظ من هذا الكابوس؟ أم سنموت ونحن نحارب شياطينه؟.
أتذكر اليوم فيلم مصاص الدماء وكيف يحول ضحاياه بعد امتصاص دمائهم إلى جنود من الموتى يمشون ويقتلون ويمتصون دماء الأحياء وهم لا يشعون لأنهم أصبحوا موتى والموتى لايموتون مرتين. فكنت أرى كيف كان دراكولا يطارد النساء الجميلات الرقيقات وعند إمساكهن مع حالة الرعب والهلع للمرأة الممسك بها وبعد أن يغرز دراكولا أنيابه فى رقبة فريسته التى كانت تستسلم تماماً له بلذة شبق وكأنهم فى حالة هيام جنسى متفق عليه ثم نجدها بعد أن ينتهى دراكولا من مهمته تقبله من فمه وكأنها تشكره على أنه أذاقها هذه المتعة الأبدية التى لا تنتهى ونجدها وقد ظهر لها نابين طويلين مثله وأصبحت مستعدة ومؤهلة تماماً لتجنيد نساء أُخريات للاستيلاء على المدينة كلها ثم بعد الانتهاء من كل البشر فى المدينة يطيرون إلى بقية المدن لمعاودة البحث عن دماء أخرى للحياة عليها وإنشاء مملكة دراكولا من الأموات على الأرض.
وكما ظهر الفتوة فى حقبة من الزمن فى المناطق الفقرة فقط كذلك يكون دراكولا وربما يكون دراكولا الشيطان متجسدا فى شخصية الفتوة. وليس أمامنا غير صحيح الدين ورجاله المعتدلين ومثقفينا وعلمائنا وشبابنا المتفتح هم الصليب الذى يُخافه دراكولا.