رئيس التحرير
عصام كامل

هذه قصة " مذبحة القضاء " يا طونى!


كان لا يمر خطاب لجمال عبد الناصر إلا ويؤكد أن الثورة مستمرة.. فماذا كان يقصد يا ترى؟؟ كان يقصد دائمًا شيئين أساسيين..أولهما أن التغيير لمصلحة الطبقات العاملة مستمر وسيظل مستمرا .. والثاني أن الطبقات القديمة التي تم التغيير على حسابها ستظل تقاوم..


حاول عبد الناصر صراحة ضم القضاة إلى الاتحاد الاشتراكى.. اعترض عدد من القضاة ووافق البعض.. من اعترض قال إن القضاة لا يعلمون بالسياسة.. وكان رد عبد الناصر أن الاتحاد الاشتراكى ليس حزبًا.. وإنما تحالفًا.. والفرق أن الحزب هو انعكاس لمصالح أعضائه والتحالف انعكاس لمصالح وطن.. وانتهى الأمر إلى ترك القضاة كما يشاءون ولا يكرهون علي شىء لا يريدونه ودار حوار ديمقراطى رائع كان من شهوده المشروع الدستورى الراحل الدكتور جمال العطيفى وقد كتب الأستاذ هيكل القصة بكاملها فى كتابه " لمصر لا لعبد الناصر" وقد صدر فى سبعينيات القرن الماضى.. وماذا نعنى بسبعينيات القرن الماضى؟؟

نعني أن كل شهود الأزمة والأحداث كانوا علي قيد الحياة خصوصًا جمال العطيفي والمستشار الجليل ممتاز نصار والوزير عصام حسونة وزير العدل وكل أطراف ما سمي بمذبحة القضاء.. ولم يعترض واحد أو ينف واحد أو يقاضي هيكل شخصًا واحدًا وكان هيكل قد تحول إلي خصم لنظام السادات والاختلاف معه يجلب المميزات!

علي كل حال.. كان لا ينبغي أن يقف جمال عبد الناصر وهو الثائر العظيم والإقطاعيين يستعيدون أراضيهم من المعدمين.. وكأن لا ثورة قامت ولا نظام رحل.. دخل الرجل لينصف من أنصفهم وظلمهم بعض القضاة من دون أي سند لا من دستور ولا نص من قانون.. فطهر القضاء نفسه.. والذي ينساه الجميع أو يتناسوه.

إن العام نفسه شهد افتتاح المحكمة العليا أو الدستورية فيما بعد ودخول مصر لأول مرة عصر القضاء الدستورى..

أي أن القضاء يستطيل في استقلاله ويمنح سلطة الرقابة علي القوانين والتشريعات وليس الإنقاص منه ولا من استقلاله ولا من هيبته.. لكن يشاء القدر أن يرحل الزعيم الخالد بعدها بعام واحد ويتخلص السادات من خط عبد الناصر بعد مجيئه بعام.. وكما أعاد من فصلوا من الجيش لأسباب يعرفها الجميع.. أعاد إلى القضاء من فصلوا لأسباب يعرفها الجميع أيضًا.. وهي المرحلة ذاتها التي تصالح فيها مع الإخوان واتفق الجميع علي تشريح وتشويه فترة الزعيم الكبير..

فما زال حب الناس للرجل لا يتوقف ولا يتأثر.. وأثمر التحالف علي جملة مصطلحات مزيفة.. منها مصطلح مذبحة القضاء.. روج لها السادات ونظامه.. ورويت القصص والحواديت عن بطولات مزيفة.. ولم يكن عبد الناصر في كل الأحوال يسعي لمصلحة خاصة.. أو مكسب شخصى.. ولم ينحرف بشهوات الانتقام ضد قاضٍ واحد.. إنما الأمر متصل بمصالح ملايين المعدمين.. ولم يكن منطقيًا الفرجة على ما يجري!

المثير.. هو قصة الخلط الدائم بين الشرعيتين.. الثورية والدستورية وقياس ما لا يقاس والمقارنة بما لا يقارن..

وطبعًا من حق المذيع اللامع طوني خليفة أن يدير برنامجه بالشكل الذي يراه مناسبًا لإنجاحه .. ومن حقه أن يتقمص دور الخصوم عند غياب الخصوم.

لكننا رأيناه لأول مرة وعلى خلاف ما تعودنا منه فى برنامجه الناجح جدا " أجرأ الكلام " لا يريد الاستماع لضيوفه ويقاطعهم حيث لا يجب أن يحدث ذلك .. ولما كانت السيدة الجليلة تهاني الجبالي آثرت السلامة والاختصار ورفضت الانجرار نحو تفاصيل ما سمي بمذبحة القضاء .. لذا كان المقال السابق والمقال الذي سبقه!!!

الجريدة الرسمية